لهذا السبب... أسلمْتُ
قصة واقعية هادفة
خالد
البيطار
جاءت إليه محجبة مجلببة، سلّمت على استحياء، وطلبت منه أن يسمع كلامها لعله يستطيع
مساعدتها فيما تريد، فهي في حرج من أمرها.
كان هو موظفاً في إحدى الوزارات في الشؤون الإدارية وبيده بعض الأمور، وله معرفة
بالأشخاص يسهِّل ويحل بعض العقد
… لذلك جاءت إليه وتوقعت أن تجد
عنده الحل أو أن يسعى لمن بيده الحل.
قال لها تفضلي وتكلمي، ولن أقصر في حل ما أستطيع، قالت : أنا خرّيجة من كلية
الزراعة ، والعمل بعد التخرج من الكلية إجباري، والتعيين من قبل الوزارة بعد التخرج
إجباري على عكس جميع الكليات الجامعية. فقاطعها ظناً منه أنها تطلب مكاناً مناسباً
للتعيين وقال لها : إن اختيار أماكن التعيين ليس من مهمتي، فاذهبي إلى فلان واشرحي
له الأمر فهو يحدد لك المكان المناسب اللائق بك
…
فقاطعته قائلة : لم تسمع بعد ما أريد.
أنا أطلب إعفائي من التعيين ، وإعفائي من العمل في وزارة الزراعة
… فأنا كما تراني في التزامي
بهذا اللباس لا أستطيع العمل في أي مكان من الأمكنة الزراعية ولا حتى في مكاتب
الوزارة، أنا أطلب منك أن تساعدني على إعفائي من العمل.
عجب من الأمر ، وقال لها : الناس يطلبون الوظائف والعمل وأنت تريدين الخروج، قالت :
هذا طلبي. فقال لها: سأعمل على ذلك ، وطلب منها اسمها كاملا مع سنة التخرج.
قالت: أنا فلانة بنت فلان … سنة التخرج كذا …وعندما سمع الاسم تعجب أكثر، ونظر
إليها وإلى جلبابها وحجابها نظرة تفحص
… قال لها : أنت مسلمة ؟!
قالت لا تعجب من اسمي ، أنا أعطيتك اسمي الحقيقي الذي سيأتي إلى الوزارة وهو اسم
مسيحي كما ترى لكنني سميت نفسي (فاطمة) بعد أن أسلمت أنا وأخي وقد سمى نفسه ( عمر)
.
قال لها وقد ازداد حرصاً على مساعدتها : هل لك أن تتكلمي عن قصتك لتكون مساعداً لي
في تلبية طلبك قالت : نعم :
أنا من بلدة (كذا) نزلت مع أخي للدراسة .وكنت في لباسي وزينتي على آخر ما جادت به
قرائح أصحاب دور الأزياء وآخر الموضات والصرعات، وكان كل من حولي يشجعني على ذلك،
والجو المشحون في الجامعة يزيدني تعلقا بكل جديد مستورد أو مستحدث من اللباس
والزينة، واستأجرت بيتا في منطقة متوسطة عند جيران كانوا هم السبب في تغيير حياتنا
وتبديل نظرتنا.
عندما نزلنا في البيت المستأجر رحب بنا الجيران على عكس ما كنا نتوقع إذ أننا على
غير دينهم وعلى غير لباسهم وطريقة حياتهم، وكان جيراننا المجاورون أشد الناس حفاوة
بنا وضيافة لنا. لا حظنا أنهم يرسلون الضيافة مع أولادهم الصغار، وأن الرجل لا
يسلّم إلا على أخي، وأن المرأة لا تسلّم إلا عليّ.
لم نتعجب من ذلك فهم _ كما رأينا من لباسهم وسيماهم _ ملتزمون بدينهم، لكن لم
يمنعهم دينهم من معاملتنا المعاملة الحسنة الكريمة مما أثار فضولي وفضول أخي إلى أن
نتعرف عليهم وعلى دينهم الذي دفعهم إلى هذه المعاملة. وبعد البحث والسؤال ومرور عدة
أشهر وجدنا أن الأمر بسيط وهو أن نبيهم أوصاهم بالجار وأن علماءهم وفقهاءهم على
مدار التاريخ كانوا يعاملون جيرانهم أحسن معاملة ولو كانوا على غير ملّتهم أو كانوا
على فسق وانحراف، مما دفعنا إلى أن نتعرف على الإسلام من خلال مطالعاتنا أكثر
وأكثر، ولاحظت المرأة حبي للاطلاع فأعطتني بعض الكتب، وكانت تقص عليّ بعض القصص
التي تشير إلى
حسن معاملة الجيران من قِبل كثير من العلماء والفقهاء وعامة الناس على مدار
التاريخ، فازددت يقينا أن هذا هو الدين الحق، وأن حالي ولباسي لا يزيدني إلا فسادا،
وأن الناس الذين يشجعونني على زينتي لا يريدون إلا المتعة فيما لا يزيدونني إلا
رسوبا وخسارة وإنفاقا، وكان أخي يشعر بما أشعر به، وقد صارحني أنه يريد أن يعتنق
الدين الإسلامي فوافقته على ذلك، وصارحنا جيراننا بذلك، فكان فرحهم لا يوصف. وبدأت
أضع على رأسي غطاء وأترك الزينة يوما بعد يوم حتى وصل الأمر بي إلى أن لبست الحجاب
كما تراني.
ووصل الخبر إلى أهلي فأرسلوا إلينا من يحذرنا من مغبة خروجنا من ديننا فلم نكترث،
فقطعوا عنا المساعدة ليضيقوا علينا ويجبروننا على العودة، لكن الجيران علموا بذلك
فمدوا لنا يد العون مما زادنا تمسكا بالدين وإصرارا على التعمق فيه والالتزام به.
وقبل التخرج عرضوا علينا أن نشتري آلات للخياطة لفتح مشروع يغنينا عن الجميع.
وأملنا اليوم أن نوسع المشروع، ونستغني عن جميع المساعدات، وها أنا أطلب منك
مساعدتي على ترك العمل في الوزارة، وأنت تعلم أجواء العمل فيها سواء في المزارع أو
في المكاتب، وقد كفاني الله بالإسلام وبالكسب المشروع عن كل شيء.
وعدها الموظف خيرا، وقبل أن تخرج استدعى أحد زملائه، وقص عليه القصة باختصار شديد
فوعدها وعدا جازما بالمساعدة، فخرجت شاكرة لهما اهتمامهما بها وبطلبها واثقة أنهما
لن يقصرا في ذلك.