خاتم سليمان

خاتم سليمان

محمد أبو الكرام

[email protected]

في بيت صغير بإحدى الأحياء الشعبية يعيش طفل صغير مع جدته يدعى عمران.وكان عمران يحب حكايات جدته الخيالية القديمة كلما انفرد بها كل ليلة ،مصرا عليها أن تمتعه بحكاياتها الكثيرة و الممتعة تجمع بين الأسطورة و الخيال.و اشد ما يثيره و يستهويه هي قصة خاتم سليمان،حيث تعجبه عبارة" شبيك لبيك أنا عبدك بين يديك"و المارد ينفذ له كل طلباته.

وكعادة كل ليلة حضرت الجدة و أحضرت معها حكاية جديدة لعلها تثير إعجاب عمران،لكنه باغت جدته بسؤال غريب:مار أيك جدتي لو حصلت على خاتم سليمان؟

..لا يمكن.! ردت عليه جدته  مستغربة: ماذا ؟

-  لما لا و اغلب القصص تحكي أن هناك ماردا يحقق لنا كلما نشتهي، ولا يعجز عن تنفيذ كل الرغبات.

- يا بني تلك مجرد حكايات خيالية من المستحيل ان تتحقق عليك نسيانها قبل ذهابك للنوم.

تأثر عمران من كلام جدته الذي ينفي حقيقة وجود خاتم سليمان في الواقع،فقد أكدت له مرارا أنها مجرد خرافة يتسلى بها الأطفال.

- آه ...آه كم أتمنى بشدة الحصول على ذلك الخاتم المبارك...سأتمتع يذلك المارد و هو ينفذ جميع طلباتي.

سمعته جدته فصاحت في وجهه غاضبة:اصمت كم أصبحت مزعجا،قم لتنام إذا عندك مدرسة

رد عليها قائلا غذا يوم عطلة يا جدتي .ثم همس لنفسه:على كل حال النوم باكرا احسن.

استغربت الجدة برغبة حفيدها الملحة في الحصول على هذا الخاتم الوهمي:يريد خاتم سليمان؟هل هذا معقول؟ أيعقل أن تتحول حكايتي إلى حقيقة؟

بينما عمران نائم فوق سريره هبت عاصفة قوية استغرقت أغلب أوقات الليل.لكنه كان مستغرقا في نوم عميق لم يحس بشيء.لكنه بعد استيقاظه نزل إلى الحديقة ليترقب مخلفات العاصفة.و فجأة لمع على الأرض ضوء قوي، اتجه نحوه مسرعا باحثا عن منبعه انحنى إلى الأرض حاملا شيئا مملوء بالتراب و الطين المبلل اخذ ينظفه حتى اخذ شكله الحقيقي .انه خاتم قديم لا يساوي ثمنه شيئا.استمر في تنظيفه قبل إدخاله إلى جيبه حكه بشدة، تحرك الخاتم بشكل غريب جعله ينفلت من يدي عمران فوقع على الأرض،ثم انبعث صوت غريب من الخاتم

- شيك لبيك أنا عبدك بين يديك.

...من؟ من المتكلم؟! استغرب عمران كأنه في حلم غريب:ما هذا؟

-  أنا ساكن هذا الخاتم...أنا المارد..هاهاها...

- إذا هذا خاتم سليمان حقا...لقد تحفف حلمي...قصة جدتي حقيقة و ليست خرافة.

-اصبح عبد كل من حصل على هذا الخاتم انفذ كل رغباته

- حقا أتستطيع تحقيق ذلك؟!

- طبعا ألم تسمع عني؟

-اجل ..حكت لي عنك جدتي كثيرا...تعال معي ،سأكتب لك لائحة كل طلباتي ...إنني أخاف أن أنسى شيئا.

دخل عمران إلى غرفته صعبة عبده المارد و هو يردد بفرح و سرور:(لقد تحقق حلمي سأصبح اسعد إنسان ،بل أغنى طفل...أنا المحظوظ في العالم...سأدخل التاريخ أنا الوحيد الذي حصل على هذا الخاتم السحري).أضاء الغرفة ثم دخلا معا.استغرب المارد لذلك فسال عمران:

- ما هذا النور بزر من الحائط؟

- لا تنزعج هذه مجرد كهرباء.

-و ما هذا الصندوق الصغير الذي يتكلم هنا؟

- انه مذياع ينقل أخبار العالم بالصوت عبر الأقمار الاصطناعية.

- و ما هذا الذي يرن هنا؟

- لا تخف انه الهاتف نتواصل به مع الأصدقاء و العائلة.

-و ما هذا الشيء الصغير؟

-انه هاتف متنقل نتصل به باللاسلكي عبر الأقمار الاصطناعية ،نحمله معنا أينما رحلنا .

- و ما هذا الجهاز هناك؟

-انه الحاسوب  يعطينا جميع المعلومات ويسهل علينا العمل ،و قد تم استخدام تقنية متطورة تمكننا من معرفة أخبار العالم و متابعة تطورات العلم في تواني ،يمكننا الحصول على أية معلومة في أي مجال مجرد كبسة على الزر نحصل على ما نريد.

تعجب المارد من التطور العلمي الذي توصل إليه الإنسان المعاصر ...قال لعمران مندهشا:

--كل هذا عندك يا عمران و تطلب مني تحقيق رغبات

- لا يهمني كل ذلك...أريد  نقودا كثيرة اشتري بها كل ما اشتهي

- في عصرك كل شيء رقمي ...أما في عصري كنا نشعل النار بضرب الحجر على الحجر...إنني عشت في عصر الجهل دعني أعود إلى عصري.

- لا تذهب و تدعني....لا تذهب لم اكمل بعد من لائحة الطلبات.

-لن أعيش في عصركم ...لست بحاجة إلى علمكم...هو المارد...وداعا يا عمران...

سمعت الجدة عمران يهذي في النوم ،فأسرعت لتقيده و تعرف ما به:ما بك يا بني هيا استيقظ؟

-آه لا تتركني عد إلي ...أريد دراجة...و كيسا من الحلوى...أريد أقلاما من الذهب...و ممحاة من العاج...و...و...

- استيقظ ماذا بك تهذي؟

استيقظ عمران  و هو يرتعد من شدة فزعه نظر نحو جدته قائلا:أين المارد يا جدتي ...أين اختفى؟

-بسم الله الرحمان الرحيم...ماذا رأيت في منامك؟

-     آه كان مجرد حلم (عاد إلى نومه)دعيني ابحث عن المارد...