محطةُ.. الـ ....

سمير جمول

[email protected]

نظر إلى ساعته وأضاف إلى قاموس الشتائم بعضا منها أمال رأسه   قليلا باتجاه  جاره  في مقعد الانتظار

-   أتمنى لو أنهم  صدقوا في  واحد من مواعيدهم

- معك حق ... ولكن ربما كان هنالك  سببا وجيها منع وصولهم في الوقت المناسب

-  لا... لا أعتقد ذلك  لأن التأخر .. استثناء وفي هذه الحالة قد نجد مبرراً.... أما وأن يصبح  قاعدة فذلك أمر يجب إعادة النظر فيه.

يعود الاثنان كل إلى تأمله في اللاّ شيء

تمر امرأة مسرعة  تجر وراءها  حقيبة كبيرة  .. وبكثير من الغضب

-  لابد أنني تأخرت... مضى نصف ساعة على الموعد المحدد- توجه كلامها  إلى أي أحد – هل مازال هناك أمل ؟؟؟ يجيبها بامتعاض

-  بأمل أو بدونه  مثلُ ....  وبحركة سوقية  مشيرا الى  مؤخرته مضيفا .. ثم لِم كل هذا اللهاث  هذه ليست المرة الأولى التي يتأخرون بها.

-  الحمد لله ... لازال هناك أمل  فأنا لم أتأخر .. تتابع ركضها  متجاهلة  الصفاقة التي لاقتها من ذلك العابر  في ركن من هذا اللا انتماء  يوجد  دكان صغير  هربت كل أشيائه منه وبقي  ما أصبح  مهبطا للغبار  وإقامة يبدو أنها  بقدر ما بقي  من عمر صاحب الدكان  يقابله دكان آخر  هاجر جزء من أحشائه خارجا  وبقي الأكثر  منه في الداخل  وكل قطعة  تطلب ببهائها  آخر قطعة نقود  في جيوب ناظرها  فالحالة جيدة  بما يملك صاحب الدكان  من لباقة وكياسة  في تزوير الحقائق  وبناء أوهام  على قصور شيدها  بأَيمان  مغلظة مفرغة وبزيادات تنمو بلا توقف  ما جعله يبتلع جاره  قاذفا بهيكله العظمي  شاهدا على انه سيستمر.

في وسط هذا الزحام يجلس طفل  غير مبال بكل تلك القذارات التي تحيط به  ممسكا بيده لعبة يتفحصها بإمعان  وكأن الزمن توقف  عند تفاصيلها  فلا يشعر بقشر يقع على رأسه  أو منديل ورقي يستقر على ياقته  أو بعض من الوحل  يتطاير من أسفل  حذاء أحدهم مرَّ مسرعا ليلحق بزوجه  التي سبقته  وجلست منتظرة قدومه  بتأفف وضجر .

يقترب شيخ وقور  تبدو على وجهه أمارات  الخشوع والصلاح يمسك يد الطفل ليبتعد به  من قلب الفوضى . يستفيق  الطفل من توحده  مشدوها  يطلق صرخة رافضة  مصبوغة ببكاء وعويل  أن اتركني  أعود الى راحتي  فعالمكم لا يناسبني .

في كل مكان أصوات ... وأيد ... وأرجل ...رؤوس تتأرجح على أكتاف قلقة لا تستقر على اتجاه .

في كل لحظة يتوقع الجميع أنهم سيتخلصون من عبء الانتظار أو سيصلون مع بعض التأخير .

ولكن .....لقد ملَّ  المودعون .... فهل ملَّ المستقبلون ؟؟؟؟