يا حافر حفرة السُّوء ....

يا واقع بها

تحسين أبو عاصي

– غزة فلسطين –

[email protected]

خرج ملك مع وزيره لتفقد الرعية ، ومشيا حتى وصلا إلى بيت رجل من رجال البادية ، وكان فقير الحال ، لا يملك من الدنيا غير بيته المكوّن من صوف وشعر الحيوانات ، وناقة له كان يقضي عليها حاجاته ، ويشرب هو وأسرته من لبنها.

وصل الملك ووزيره إلى بيت الأعرابي ، ونزلا ضيفين مكرمين عزيزين عنده ، لم يعرف الأعرابي أن ضيفيه الملك والوزير ، ومع ذلك أحسن ضيافتهما ونُزُلهما ، شأنه كشأن باقي الأعراب بما يمتازون به من كرم وحسن ضيافة ،

ذبح الأعرابي ناقته التي لا يملك غيرها ، وقدمها طعاما لضيفيه ، تقديرا واحتراما .

قال الوزير للملك : لقد ذبح الرجل ناقته مع أنه لا يملك غيرها ، ويجب أن نضع له تحت الفراش مالا يشتري ناقة غيرها .

وضع الملك المال تحت الفراش سرّا وبدون أن يعلم الأعرابي ، ثم استأذن مع وزيره وانصرفا .

بعد انصرافهما ، دخلت زوجة الأعرابي تنظف المكان ، فوجدت ما وضع الملك من مال فأعطته لزوجها ، أخذ الأعرابي المال وذهب إلى الملك ليعيده إليه ، لكن الملك أنكر أنه له .

قالت المرأة لزوجها الأعرابي : إن الله أخذ منا الناقة ، وإن الله هو الذي رزقنا بهذا المال ، اذهب إلى السوق ؛ لشتري لنا ناقة أخرى ، وخيمة كبيرة كي نوسع بها بيتنا .

اشترى الأعرابي ما طلبته زوجته ، وأثناء محاولاته لبناء خيمته ارتطم عمود الخيمة بصندوق مدفون في الأرض ، اخرج الأعرابي الصندوق وفتحه ، فوجده ممتلئا بالمال والذهب .

بنى الأعرابي قصرا كبيرا ، وأخذ يبني للفقراء من حوله البيوت ، فتحولت منطقة سكناه إلى مدينة كبيرة ، عامرة مزدهرة بالتجارة والصناعة والخير الكثير .

علم الوزير بالمدينة الجديدة ، وأخبر الملك أنه لا بد من زيارتها لمعرفة الأمر .

سافر الملك ووزيره متخفيين إلى المدينة الجديدة ، وسألا عن كبير القوم فيها ، ونزلا عنده ضيفا ، عرف الاثنان أن كبير المدينة هو الأعرابي الفقير اللذان نزلا عنده ضيفين قبل عشر سنوات .

قال الوزير للملك : يجب عليك أن تقطع رأسه ، فغدا يُشكل قوة ويقاتلك ويصبح ملك البلاد ، وافق الملك على ذلك ، وأمر الوزير بوضع خطة يقضي بها من الأعرابي .

قال الوزير : نسأله ما معنى : هَوْ ... هَوْ ... هَوْ ... ؟

فيجيبنا معناها الكلب ، فيكون بذلك قد أهانك فنقطع رأسه .

فرح الملك بالخطة المحكمة التي أعدّها وزيره وأعجبه ذكاءه .

استدعى الملك الأعرابي ، وجمع كل حاشيته وخدمه ورجالات قصره والكل ينتظر لحطة الحسم .

قال الملك سائلا الأعرابي : ما معنى : هَوْ ... هَوْ ... هَوْ ... ؟

أجاب الأعرابي : هَوْ ... الأولى معناها : سبحان من طيّر الطيرَ بالجو .

هَوْ ... الثانية معناها : سبحان من أمشَى الأعمى من غير ضَو .

هَوْ ... الثالثة وأشار بيده نحو الوزير : سبحان من يقضي بعدله على كل من كان محضر سَو .

أشهر الملك سيفه وقطع رأس وزيره ، وجعل الأعرابي وزيرا مكانه .

 عاش تراثنا الفلسطيني

ويسلم لي القارئ يا رب