بحجم الكف
بحجم الكف
محمد صباح الحواصلي
كاتب سوري مقيم في سياتل, الولايات المتحدة
أول قصة نشرت لي في جريدة جعلتني عصفورا يطير في سماء تتنفس فرحا. يومها شعرت حقا أن ثمة ما هو أروع من أن أمتلك العالم بأسره.
ياه.. أذكر كم كانت بهجتها ساحرة. كانت قصيرة, بل قصيرة جدا, بحجم الكف, ليس أكثر من مئة كلمة. قصة شفافة, رمزها خفيف مستساغ.
المهم, أنني هرعت إلى صاحبي.. هرعت إلى منزله البعيد لأزف إليه انتصاري. وصاحبي, مثلي, متعلم ويدرس في الجامعة.. في كلية الآداب أيضا.
فرح صاحبي لفرحي, وقال لي ألف مبروك, وعقبال ما يصبح لك مؤلفات تغزو العالم العربي كله مثل يوسف إدريس.
قلت لصاحبي: "اقرأها."
قال: "سأقرؤها."
خرج من الغرفة وجلب صينية القهوة ثم حدثني عن أمور كثيرة دون أن يمسك بقصتي التي بحجم الكف ويقرأها! أصغيت إلى حديثة وقد افتعلت الاهتمام بما يحدثني وكأن أمر قصتي التي أتيت إليه من أجلها لا يعنيني.
عندما خرجت من داره أوصيته أن يقرأها. قلت له إنني حريص على سماع رأيه فيها. قال: "أكيد."
مر يوم ويومان وثلاثة. عند ضحى اليوم الرابع اتصلت به.
"هيه.. قل لي كيف رأيتها؟ هل أعجبنك؟"
قال:
"ما هي؟"
قلت له:
"قصتي التي بحجم الكف!"
قال:
"قرأت مطلعها, وكدت أصل إلى منتصفها لولا أنني شغلت. أعدك أنني سأقرؤها في القريب العاجل وأطلعك على رأي فيها."
انتهت حكاية قصتي التي بحجم الكف.