ثلاث حكايات من الجرائد
ثلاث حكايات من الجرائد
مصطفى نصر
1- الولد
جو الشقة خانق رغم اتساعها، النوافذ والشرفات مغلقة ومغطاة بستائر ثقيلة، ومصباح بعيد معلق فى آخر السقف العالى ، ضوءه الخافت لا يغطى سوى جزء قليلا جدا من الصالة التى تجلس فيها المرأة التى اعتادت الصمت وألفته.
والولد يجلس قبالة أمه، ينظر إليها فى ترقب، يتابعها فى اهتمام شديد. وقطة تعودت الصمت مثلهما، تقفز فوق حجر الصبى. ثم تنزل من فوقه فى هدوء. تنظر إلى وجه المرأة الذى يروح بعيدا.
هى لم تبرح البيت منذ عدة أيام. اشترت أشياء كثيرة تكفيها وأبنها لأسبوع بأكمله، ملأت الثلاجة ونملية الخبز. فهى تريد أن ترتاح وأن تبتعد عن الناس. فلم يتبق لها فى الحياة سوى ولدها الصغير بعد أن ماتت أمها وهجرها زوجها.
تشرد المرأة فى الأيام التى ولت ولا يمكن أن تعود. تابعت صورتها المعلقة فوق الحائط وزوجها يحتضنها وهى تضحك. تدهش هى الآن، كيف استطاعت – وقتها – أن تضحك هكذا، فتفتح فمها عن آخره. الفرحة كانت واضحة فى عينيها، وزوجها يبتسم فى وقار.
لقد أحبته وتمنت أن تتزوجه، وهو أحس بها، اقترب منها دون باقى الزميلات، وأولاها رعايته واهتمامه.لقد أحس بأنها فى حاجة إلى رجل بعد أن وصلت إلى ذلك السن الحرج دون أن تتزوج. وأحست هى أيضا بأنه لن يتزوج إلا هى. فقد كان أكبر من أن يظل عزيا للان، ولن تقبله سواها .
عندما اقترب منها مترددا وممسكا بمنديله يمسح عرقه من وقت لآخر، ويتحدث فى أشياء كثيرة غير مترابطة، أحست بما يريد أن يقول، فساعدته ووفرت عليه رحلة عناء طويلة وقالت:
- سأعطيك العنوان لتقابل أمى.
رأى أمها، كانت غير قادرة على الحركة، وإذا تحدثت تعوج فمها إلى اليسار، فتخرج الكلمات متكسرة ومنحشرة بين الشفتين.
أحس الرجل بالخوف. فقد تتحول زوجته – بعد سنوات – إلى حال أمها هذا.
ظلت الزوجة كما هى، لم تفقد القدرة على الحركة، ولم يعوج فمها، كما توقع، لكن الولد جاء معوقا ؛رأسه كبير، ووجهه ممتلئ، ولا يعي ما يحدث حوله.
أبتعد الرجل عن الزوجة. قال: أنت السبب، انه قريب الشبه بأمك.
تركها وعاد إلى بيت أخواته اللائي لم يتزوجن. وظلت هى فى الشقة الواسعة مع الولد.
اقترب الولد منها، فقفزت القطة فوق قدميه تداعبه. لكنه لم يلتفت إليها. نظر إلى وجه أمه فى إمعان. قالت:
- اسمع يا ولدى . إننى متعبة وسأنام الآن، لا توقظني مهما كانت الظروف.
أومأ برأسه. أعادت ما قالته ليستوعبه، ثم نامت فوق الكنبة الممتدة فى الصالة وشدت الغطاء حول جسدها: الطعام عندك كثير. إذا جعت كل، لكن لا توقظني.
أومأ برأسه ثانية، وحمل القطة خشية أن تسبب لأمه إزعاجا.
جلس فوق الكنبة المقابلة لكنبة أمه. تابع وجهها وعينيها المغمضتين. وأشار إلى القطة بأن تجلس بجواره وتكف عن الحركة.
مر الوقت طويلا. دار الولد فى الشقة.عندما كان يمل – مثل الآن – كان يفتح الشرفة ويتابع المارة من خلال حديد الشرفة. لكنه الآن لا يستطيع ذلك.
لقد جاع فأكل وأعاد بقايا الطعام إلى مكانه، وأطعم القطة وأمرها بأن تصمت وأن تتحرك فى هدوء.
عاد إلى الكنبة المقابلة لكنبة أمه. والقطة نامت بجواره. من وقت لآخر تشد ياقة قفطانه بفمها. يأتى والده أحيانا إليهما. يترك نقودا لأمه. لاحظ الولد أن والده عندما يأتى تزداد أمه حزنا. وتحدث أباه فى اقتضاب.يحاول والده أن يداعبه. فتأتى مداعباته ثقيلة. ويقابلها الولد فى جفاء.
بحث الولد عن الطعام فلم يجد. كان الطعام كثيرا لكنه نفد، أكله هو والقطة.
ذهب إلى كنبة أمه. نظر إلى وجهها، وجده صامتا، حاول أن يوقظها، فتذكر تحذيرها له، فعاد إلى كنبته. بينما القطة تدور فى الشقة تبحث عن شيء تأكله.
ذهب ثانية إلى وجه أمه ثم عاد إلى كنبته دون أن يوقظها. والقطة عادت من رحلة البحث عن الطعام. ماءت بصوت خافت، ثم ازداد مواءها علوا. فغضب الولد منها. فأمه قد تستيقظ، شدها الولد فى عنف، وهددها بأن يطـردها من الشقة إذا عادت إلى مثل هذا الفعل. فسكتت القطة واستكانت، تمسحت فى ساقيه، فداعب شعرها الناعم بأصابعه.
وأحس بالجوع فقام، فتح باب الشقة، فأسرعت القطة خلفه. ترك باب الشقة مفتوحا، ودق باب الشقة المجاورة لشقتهم، خرجت امرأة يعرفها جيدا، فهى جارة أمه وصديقتها، يتحدثان معا، ومن خلال حديثيهما يعرف أشياء كثيرة لم يكن يعرفها. قال:
- أريد طعاما.
- أين أمك ؟
- نائمة. وقالت" لا توقظني "
ارتابت الجارة فى الأمر فقالت: تعال معى لأراها.
دخلا الشقة. تابعتها نساء الشقق الأخرى فى فضول. أشار الولد ناحية وجه أمه. انحنت الجارة. قبل أن تلمس جسد الأم صرخت. فقد كان واضحا أنها ميتة منذ أيام.
2 – البنت
ترتدى ملابسها فرحة. عمها يعد حقيبة السفر. لقد استيقظت مبكرة رغم أن موعد قيام القطار فى التاسعة صباحا.
زوجة عمها تساعدها فى ارتداء ملابسها، تعاملها – اليوم – معاملة حسنة على غير العادة.
أخواها الصغيران نائمان مع أبناء عمها. هى الوحيدة التى اختارها عمها لزيارة القاهرة معه. ياه ، لقد شاهدتها كثيرا فى أفلام السينما وفى التليفزيون، لكن لم ترها حقيقة.
لقد أساءت الظن بعمها الطيب. ظنته يقسو عليها ليرضى زوجته إذا ما حدثت مشكلة بينهما. لكن الرجل لم يكن يقصد ذلك. أو ربما يقسو عليها أحيانا كما يقسو الأب على ابنته ليقومها. وعندما رآها حزينة – بالأمس لضرب زوجته لها وقسوتها عليها – أراد أن يصالحها، ففكر فى موضوع السفر إلى القاهرة.
- أنا عمك وأعاملك مثل بناتي تماما.
ثم ضمها لصدره فى حنان. كانت تبكى وشعرها مهوش حول وجهها المتسخ: ولكى أصالحك سآخذك معى إلى القاهرة.
لقد تركها والدها ووالدتها مع أخويها الصغيرين لدى عمهم وسافرا للعمل فى العراق. والدها يرسل مبلغا كبيرا من المال إلى عمها كل عدة شهور. رغم هذا، زوجة عمها دائمة الاختلاف معها ولا تحبها. ألحت على زوجها حتى أخرجها من المدرسة لتساعدها فى عمل البيت. قالت:"إنها لن تصلح فى مدارس، ولن تستطيع الاستعانة بمدرسين خصوصيين، فما يرسله والدها لا يكفى طعامها وطعام أخويها "
وتركت المدرسة الإعدادية وبقيت طوال الوقت فى وجه زوجة عمه التى تسيء معاملتها.
بعد أن ضاقت بتصرفات عمها المتتالية قالت له أن يتركها وأخويها الصغيرين يذهبون إلى عمهم الآخر الذى يعمل مدرسا. فقد غضب الرجل لتركها المدرسة، ووعد بأن يعيدها إليها ثانية ويساعدها فى دروسها إذا جاءت لتعيش عنده هى أخويها. لكن عمها رفض هذا وقال " عمك المدرس هذا، يريد أن يفسد العلاقة بينى وبين والديك "
لكن المدرس قال لها: انه لا يريد أن يترككم حتى لا تنقطع عنه أموال أبيك وهداياه.
ليس مهما الآن فسوف تنفرد بعمها فى القطار لتحدثه فى هدوء وعلى راحتها. ستطلب منه أن يعيدها إلى الدراسة، ستجعله ينضم لصفها فى نزاعها الدائم مع زوجته.
أخواها نائمان الآن. لو كانا مستيقظين لبكيا رغبة فى الذهاب معهما. سوف تشترى لهما هدايا بسيطة من القاهرة، وتشترى لأبناء عمها وبناته هدايا أيضا. لكنها لا تمتلك مالا. ليس مهما، فسيعطيها عمها الكثير. لو تعرف عنوان والدها فى العراق لأرسلت إليه وأخبرته بأنها ستسافر إلى القاهرة. حاولت أن تعرف العنوان، وان تكتب لوالدها ووالدتها، لكن عمها أدعى أن العنوان ليس معه الآن. وكان حريصا – هو وزوجته –أن يخفيا خطابات والدها عنها.
***
أمسك عمها بيدها وسارا معا. ذكرها بما كان يفعله والدها معها. فمنذ أن سافر لم تخرج للنزهة ولا مرة واحدة.
- عمى، ما الذى يشغلك ؟
تريده أن يهتم بها. تحكى له عما يشغلها. ستحدثه عما تفعله زوجته بها. وهو – لاشك – سيتفاهم معها، وستطلب منه أن يعيدها إلى المدرسة ثانية. لن تحتاج لمدرسين خصوصيين. وإن قصرت، من حقه أن يخرجها منها. لكن عمها شارد لم يزل.لا بأس، ففى القاهرة متسع من الوقت لكى يتحدثا معا.
عمها طيب، كان يحنو عليها قبل أن يسافر والديها، كان يداعبها إذا جاء إليهم زائرا. وتغيره هذا فى المعاملة ليس نتيجة كره لها، إنما لادعاءات زوجته الكاذبة واتهامها لها بعدم مشاركتها فى أعمال البيت.
أحست بالجوع، ففتحت اللفافة التى أعطتها لها زوجة عمها.أخرجت سندوتشا وأعطته له:
" تفضل" أخذه منها شاردا، قالت: متى سيعود أبى وأمى ؟
أفاق من شروده. تذكر والدها الأكبر وأفضاله عليه من قبل أن يسافر. لقد كف الرجل عن إرسال المال له. وذلك منذ شهور قليلة، ولم يتوصل إلى عنونه بعد أن انتقل إلى مدينة أخرى غير بغداد هو وزوجته.
- سيعودان فى القريب.
يخشى الرجل أن يكون والدها ووالدتها قد ماتا بسبب حروب العراق المتتالية، ويتركان له تلك الفتاة والولدين الصغيرين ينفق عليهم من ماله، بعد أن كانت الأموال التى يرسلانها له، تجعله أكثر غنى.
قضمت السندوتش سعيدة.
فى القاهرة أمسك عمها بيدها وأسرع إلى الأتوبيس. وقف وسط الزحام وهو يتابعها فى شرود. قالت: إلى أين نذهب يا عمى؟
- إلى حديقة الحيوان.
- يقولون إنها أكبر من حديقة النزهة بالإسكندرية.
- نعم.
دخلا الحديقة، إنهما يسيران وحدهما. لماذا لم يأت عمها بأخويها وبأبنائه أو حتى زوجته. لماذا هى وحدها ؟ لو جاءوا لشاركوها فرحتها، ولكانت أكثر سعادة. على الأقل ستجد من تتحدث معه، أو من يشاركها لعبها ومرحها.ربما لم يجد عمها النقود الكافية لسفرهم، واختياره لها هى بالذات لكى يصالحها بعد شجارها مع زوجته؛ وضربه لها انحيازا لزوجته.
تنقلا بين أقفاص القرود، ضحكت وأخرجت قطع الخبز من اللفافة ورمتها لها. وعمها شارد. بتابع ما يحدث دون أن يضحك، أو حتى يبدى اهتماما. قال:
- سأتركك لقضاء مهمة عاجلة، وسأعود إليك.
- ستتركنى فى الحديقة وحدى؟!
- لن أتأخر كثيرا.
أومأت برأسها وعادت لمتابعة القرود. وسار عمها. ثم نظر إليها ثانية:
- لا تبتعدى كثيرا.
أومأت برأسها. وخرج هو من الحديقة، وأكملت متابعتها للقرود. وبعد أن تعبت جلست فوق مقعد خال، ثم قامت وشاهدت الأقفاص المجاورة.
لن تبتعد حتى لا تتوه عن عمها. من هنا يمكن أن تراه وهو يدخل من باب الحديقة.
مر الوقت بطيئا، وعمها لم يأت. سارت إلى أقفاص حيوانات أخرى. تابعتهم فى اهتمام أقل فقد تأخر عمها وهى بدأت تخاف. تخشى أن تتوه منه. وليس معها نقود لتعود.
مر الوقت وبدأت الشمس فى الرحيل عن جبل الزهور وعمها لم يأت.
تغلق الحديقة أبوابها فى الخامسة مساء، فيطلب الحراس من الزوار الخروج. قالت للحارس وهى تبكى:
- ذهب عمى لقضاء حاجة ولم يعد للان.
3 - الغول
سار الغول فى شوارع وحوارى الحى الذى ولد وعاش فيه، فأحس بالغربة. أقرانه الذين كانوا يجالسونه ويشاركونه الشراب وجلسات الحشيش، تباعدوا، بعضهم اختطفه الموت وهو فى السجن. والبعض أقعدته الشيخوخة والمرض.
وجوه الناس تغيرت، صارت أكثر سوادا. البيوت قديمة متآكلة. أيمكن للسنوات التى قضاها فى السجن – مهما كان طولها – أن تحيل البيوت إلى هذه الحالة من القدم؟!البيت الذى ولد وعاش فيه، تغير. أمه ماتت. لم يتبق من الذين يعرفهم سوى امرأة عجوز تسكن- الآن – الحجرة التى كانت تسكنها أمه.
الغول ليس اسمه الحقيقى رغم أن الكل يناديه به، لدرجة أنه كاد ينسى اسمه الحقيقى.
حتى فى السجن كانوا ينادونه بالغول. رغم أن اسمه الحقيقى مدون لديهم فى الأوراق الرسمية.
جاءه اسم الغول هذا منذ شبابه، عندما سيطر على محطة الرمل والمنشية، سيطر على عدد كبير من الشبان، يأتمرون بأمره، يخطفون ويسرقون ويعطونه.لا. لم يكن غولا مع رجاله، بل كان يحميهم من البوليس. ويعطيهم من المال ما يشاءون. وإذا أضطر أن يقسو على أحدهم، لا يغالى فى قسوته، لكن ظروفا حدثت وغيرت كل شيء، فقد عارضه ولد وتحداه، أراد الغول أن يقرصه من أذنه حتى يفيق. قرصة لا تؤذى، يعود بعدها الولد صاغرا مذعنا لما يريد. لكن الولد زاد فى غيه وأعلن عصيانه، وقال أنه لا يستطيع فعل شيء معه، لم يكن الغول يقصد قتله، الضربة خانته وجاءت قوية فى مقتل، كما أن الولد كان ضعيفا وليس فى حمل ضربة من ضرباته. مادام ضعيفا هكذا فلماذا يتحداه ويضطره لأن يقسو عليه ؟!
المهم أن قتل الولد قد أضاع من الغول كل شيء، حرمه من سلطانه وعالمه لسنوات طويلة جدا.
***
سار فى محطة الرمل. الجدران مطلية بألوان حديثة، يكاد الغول أن يشم رائحتها. والشوارع مخططة بدهان أبيض يلمع فى عينيه. ومبان جديدة لم تكن موجودة قبل أن يدخل السجن.
ميدان محطة الرمل أعاد إليه ما كان من عالمه القديم، وهو يقف بملابسه الجديدة والنظيفة وسط الميدان يتحدث مع صبيانه، ثم يدخل محل مشهور هناك، لا يدخله إلا الأغنياء، يشرب قهوته ويدخن لفائفه فى هدوء. من يره وقتها يظنه رجل أعمال، أو موظف كبير فى الدولة.
زفر فى ضيق، فهو الآن- بشكله هذا وملابسه الرثة – لا يستطيع دخول ذلك المحل الموجود للآن فى الميدان، بل لو مر أمامه سيظنونه متسولا يريد إحسانا.
استند بجسده على السياج الحديدى موليا ظهره للترام. أطفال كثيرون أمامه، حفاة وملابسهم رثة، يسيرون وسط الجموع. بعضهم يتوسل إلى المارة لكى يعطونهم إحسانا، بينهم فتاة تجاوزت الثانية عشرة، حافية، ووجهها متسخ، وشعرها مهوش حول رأسها.
لن يستطيع الغول أن يعود إلى بيت أمه القديم، فقد استقبلته قريبته هذه المرة، لكنها لن تسمح له بالنوم فى حجرة أمه التى أصبحت حجرتها، فهى لديها زوج وأولاد.
لابد أن يجد لنفسه مكانا يعيش فيه. أخرج علبة سجائره. أخرج سيجارة وأخذ يسحب نفسا فى هدوء. لن يبتعد عن محطة الرمل. فقد شهدت أيام سعده وهنائه.
هؤلاء الأولاد الذين يتسكعون فى الميدان أمامه، هم صبيانه الجدد، عالمه الجديد. صحته التى استنفدها السجن، لن تمكنه من السيطرة على أولاد أكبر منهم، كما أنه للآن يعرف بعض المخبرين الذين سيساعدونه فى السيطرة عليهم.
***
أقام الغول كشكه تحت كورنيش البحر، سيعيش فيه صيفا وشتاء.
جمع الأطفال، أيقظهم من النتوء الذى البارز فى ميدان محطة الرمل الذى ينامون فيه، ضربهم فى عنف ليخافوه. وشد من استطاع السيطرة عليه إلى كوخه:
- لو هربت سأعيدك ولو كنت فى آخر بلاد المسلمين.
قبع الأولاد صاغرين، كان يضربهم بقبضة يده على ظهورهم فيتلوون من الألم. المخبرون الذين يتعاملون معه، يعيدون إليه الأولاد الآبقين، بعضهم ترك الخدمة ومازال يرتدى ملابس تشبه ما يلبسه الآخرون.
يأتى إلى الغول بعض الرجال، يعملون أعمالا شتى فى أماكن قريبة من محطة الرمل، يطلبون ولدا من الأولاد. يخرج الولد إليهم، يأمره الغول بأن يطيع ولا يهرب.
يأخذ الزبون الولد بين الكبائن الخالية، يختلي به.
يدفع الرجل للغول، ويحضر للولد- الذي يختلي به- حلوى وأطعمة.
تلك المهنة الجديدة جعلت الغول أكثر غنى، مما شجعه بأن يأتى بأولاد آخرين من محطة مصر وباكوس، يأمرهم بالاستحمام فى البحر. يقفز معهم ليعلمهم العوم. يعدهم لهذه المهنة الجديدة.