مزكيــــن
مزكيــــن
عبد الباقي يوسـف
/ لماذا تنظر إلي / قالها مزكين منذ سنتين للرجل الأربعيني الذي حدجه بنظرة أحس بثقلها على روحه ، لكن الرجل لم يرفع عينيه عن مزكين الذي هرول إلى عمله تحت سياطها صوب الزاوية التي وضع أبوه فيها براكية صغيرة منذ عشرين سنة واتخذها مقرا لبيع الشاي والقهوة والزهورات ، وفيما بعد تسببت في ترك مزكين للمدرسة وهو مايزال في المرحلة الابتدائية حتى يوفر لأبيه أجر الشغـّيل الذي يقوم بأخذ الطلبات إلى المحال بواسطة / بسكليت / ، ومن جهة أخرى رغب أبوه أن يبقى مزكين تحت أنظاره وبالقرب من أنفاسه حتى يخفف عنه الضجر الذي يجتاحه في ساعات العمل الطويلة والمرهقة التي تبدأ من الخامسة صباحا ولاتنتهي قبل التاسعة ليلا دون أي يوم عطلة .
منذ ثلاث سنوات جاء مزكين ليتفرغ لهذا العمل تاركا المدرسة بناء على طلب أبيه الذي قال له : يابني والله ماعدتُ قادرا على دفع أجر الشغـّيل ، تعال معي حتى تتعرف بالزبائن ويتآلفوا معك ، هذه الزاوية هي مستقبلك يابني كما كانت مستقبل أبيك ، يقول المثل : مطرح ماترزق إلزق ، وهذا هو رزقنا الذي نعيش منه بعز يابني .
رغم أنه كان إذذاك في الثانية عشرة من عمره أحس بمسؤولية كبيرة في إعالة أسرة مكونة من ست أخوات وأب وأم وهو الأخ الوحيد الذي سوف يعيلهم عندما يتقاعد أبوه . ولأول مرة تسربت منه نظرة إلى يدَي أبيه فلمح التشققات على الكفين بسبب البقاء المستمر في الماء لغسل الكاسات والأباريق ، وبدأ يتخيل كيف أن هذا الرجل الذي تجاوز الخمسين من عمره يقف كل تلك الساعات الطويلة على قدميه يغسل الكاسات والفناجين والأباريق ويجهز الطلبات للصبي الذي ينقلها إلى المحال التي تطلب بواسطة الهاتف وهو لايكف عن رفع السماعة قائلا : أمرك .. أمرك .. أمرك . كل هذا من أجل أن يعود إلى البيت حاملا الطعام لأسرته ، وحتى يستطيع أن يمد يده إلى جيبه ويعطي لكل طالب حاجة حاجته في هذا البيت .
في صبيحة اليوم التالي على ذاك الطلب نهض مزكين صباحا واتجه ويده بيد أبيه إلى تلك الزاوية التي كان في مرات نادرة يتردد إليها مع أمه أو إحدى أخواته عندما كانا ينزلان إلى السوق لشراء حاجة . عندها اكتشف الأب بأنه لايؤدي مهمة الشغيل فقط ، بل إنه الابن الذي يعمل مع أبيه من أجل بيت واحد ، فيراه كيف يهرع ليمنعه من الغسيل ، وكيف يضع له الكرسي في شمس الصباح الدافئة ، يصنع له فنجان قهوة ويدعوه للجلوس ، وعندما يرن الهاتف يهرع ليرد عليه ، يجهز الطلب ويأخذه إلى الزبون مشيا إذا كان مجاورا ، وإذا كان بعيدا يأخذه بالبسكليت ، وفي العودة يجلب بطريقه الأباريق والركوات الفارغة .
يجلس الأب عزيزا على كرسيه يحتسي قهوته ويدخن سيجارته ، ويجالس بعض الزبائن ويتحادث معهم ، ومع مرور الأيام بدأ يكتشف طفولته لأول مرة في ملامح وتحركات ابنه ، وبدأ يشعر بمودة خاصة له ليس لأنه الوحيد على ست بنات ، بل لأنه بات يراه ينمو يوما بعد يوم أمام عينيه . أحيانا يقف ويتأمله ويتخيل سنوات مراهقته فيه ، هاهي شعرات خفيفة تظهر لأول مرة على وجهه ، هاهو صوته يغلظ شيئا فشيئا ، هاهي حبات تظهر على وجهه ، وهاهي نظرات تتسرب منه خلسة إلى صبايا جميلات في سنه يمرقن في الشارع .
ويبدا يحكي أسرار ووقائع حياته كما لو أنه صديق حميم لها ، فغدا مزكين يعرف أسرار ووقائع حياة أبيه العميقة ، وهو الذي لاأسرار ولاأحداث ولاتجاب في حياته ، وكما يقول له أبوه بأنه يشبه الطير الذي تنمو جناحاه للتو ليطير بهما ويحلق في الفضاءات الرحبة ويكتشف لذة الطيران والتحليق . ولم يملك مزكين إلا أن يتمتم لنفسه : هل كلما يكبر الإنسان يتحول إلى حقل أوسع للتجارب . وتخيل حجم التجارب والأحداث والوقائع التي تنتظره في مسيرة حياته التي ينفتح عليها للتو .
ومع هذا النشاط والقبول من أصحاب المحلات الذين يثنون عليه ويمنحونه الإكراميات غدا أبوه أكثر إصرارا لبقاء ابنه بالقرب من أنفاسه متمتما في سره : / مزكيني الذي رزقني الله به بعد ست بنات ، وهذا أفضل عطاء منحه الله لي ، حتى لو رحلت سيبقى يحمي أخواته وأمه /.
حتى أن أصحاب المحلات الذين يترددون أحيانا إلى البراكية ، أو يتصلون بالهاتف يقولون له : / والله ياسيد ريزان طلع الصبي عليك من ناحية البشاشة والشطارة ، الله يخليه لك :
وصل مزكين إلى البراكية والتفت إلى الرجل الذي مضى بجانبه مكملا في الشارع الطويل .
استطاع مزكين أن ينسى تلك النظرات ، وذاك الرجل ، ولكن بعد عشرة أيام عاد كل شيء إلى ذاكرته عندما فوجئ به يجلس في نوفوتيه / الفصول / وهو داخل يحمل إبريق شاي ، فوجئ مزكين به وتناولته نوبة حادة من الغثيان بغتة ، والرجل يحدجه بذات النظرات التي أربكته وجعلته يشعر بالإنهاك تحت ثقل إبريق الشاي الذي يحمله ، فنهض الرجل ذاته وتناول من يديه الراجفتين إبريق الشاي وهو يحدجه بذات النظرة متمتما : / يسلموا هالإيدين / .
فأدار مزكين ظهره بارتباك وهرع إلى البيت دون أن يمر على أبيه .
بمضيء بعض الوقت بدأ الأب يتفقد ابنه الذي ليس من عادته أن يغيب دون أن يترك خبرا ، وبدأ السيد ريزان في حالة اضطراب وهو يسأل عنه في المحلات البعيدة والقريبة دون أن يعثر له على خبر ، وفجأة رن جرس الهاتف وشعر بشيء من الاطمئنان عندما أعلمته زوجته أن مزكين مرهق بعض الشيء وهو في البيت . لم يتردد السيد ريزان من إغلاق البراكية وركوب البسكليت والتوجه على جناح السرعة إلى البيت . كانت المرة الأولى التي رأى مزكين نفسه فيها مضطرا للإستعانة بالكذب ليجنب نفسه بعض الحساسية ، وقال بأنه كان عائدا من نوفوتيه الفصول وفجأة أحس بدوار فلم يملك إلا أن يعود إلى البيت بواسطة دراجة نارية ذات دولابين . ورأى الأب أن يبقى إلى جانب ابنه رغم أن الوقت مايزال عصرا وأن المحلات سوف تستفقده ، فهو لم يسبق له أن أغلق البراكية إلا أيام الأعياد فقط ، وحتى في الحالات الطارئة التي كان يضطر فيها للغياب كان يوصي الشغيل بأن يفتح البراكية حتى لايخسر زبائنه .
من جانبه فقد تحول ذاك الرجل إلى شبح لايفارق ذاكرة مزكين ، رغم أنه لم يره غير مرتين . رجل رفيع طويل القامة ، ذو عينين زرقاوين على وجه غارق في الحَمار ، يرتدي بدلة كاكية ، يمشي وهو يعقد كفيه خلف ظهره ، شعره ليس أسودا فاحما لكنه مع سواده يميل إلى اللون البني ، لايظهر أي أثر للبياض على فوديه ، أما نبرته التي سمعها لأول مرة في النوفوتيه فهي ناعمة وهادئة بعض الشيء كأنها تخرج من حنجرة رجل به داء . لكنه رغم كل المحاولات يعجز عن تفسير تلك النظرات التي يصوبها إليه ، تلك النظرات التي توشك أن تقول له شيئا بيد أنه يتهرب غير راغب لسماعها ، ولذلك يشعر بثقلها على روحه ويريد أن تبقى غامضة ومبهمة دون أن تفسح عن مضمونها بالنسبة إليه . إنه الآن لايريد أي شيء من العالم غير أن يتركه هذا الرجل بحاله حتى يعود إلى عمله الذي أمضى فيه ثلاث سنوات كانت من أمتع سنوات حياته وهو يشعر بقوة ومسؤولية الرجولة تندفع إليه يوما بعد يوم دون أن تبلبله تلك النظرات التي غدا يحسب لها حسابا أكثر من أي شيء آخر .
بعد غياب أربعة أيام متتالية رأى مزكين بأنه يستطيع أن يذهب إلى عمله ، فعند الساعة العاشرة من صبيحة يوم الأربعاء قال لأمه بأنه سوف يذهب إلى البراكية لأنه ضجر البيت . ومن ناحية أخرى كان يتخيل والده وهو يقوم بتوزيع الطلبات إلى المحلات القريبة والبعيدة إضافة إلى العمل المستمر داخل البراكية ، ويبدو الإرهاق واضحا عليه عندما يعود وعلى الفور يتجه إلى الفراش لينام دون أن يستطيع أن يجلس مع عائلته ولو نصف ساعة ، حتى أن كل مَنْ في البيت يوحي بالنظر إلى مزكين بأنه يستطيع أن يخفف عنه بعض الإرهاق خاصة وأنه معافى ولاتظهر عليه أي بوادر مرض . لم يستطع السيد ريزان أن يخفي علائم الفرح التي بدت على محياه وهو يرى ابنه وقد دخل البراكية فجأة وراح يقبل يديه داعيا إياه أن يجلس على كرسي أمام واجهة البراكية مع بعض الزبائن الذين يجلسون ويحتسون الشاي ويدخنون ويتأملون حركة الناس في قلب السوق المكتظ بالناس وأبواب المحلات .
وفجأة تناهت أصوات من هؤلاء : الحمد لله على السلامة سيد مزكين ، سمعنا كنت بعافية .
وهي العبارات ذاتها التي بدت تنهال عليه من أصحاب المحلات أيضا ، فلم يجد مرة أخرى غير أن يستعين بالكذب بأنه كان مريضا بعض الشيء وكان بحاجة إلى راحة . مضت عشرة أيام كاد مزكين فيها أن ينسى ماحدث له ، لكن الرجل عاد وأفسد عليه كل حالة الهدوء التي ينعم بها عندما فوجئ به داخل السربيس في الساعة التاسعة ليلا حينما كان عائدا مع أبيه إلى البيت ، ومن جديد تسلطت عليه تلك النظرات دون أن تتركه لحظة واحدة ، أحس بضيق في التنفس وأنه سوف يختنق إذا لبث تحت شعاع هذه النظرات التي بدت ملتصقة به ، تخيل بأنه ينقض كالنسر ويمد إصبعين يفقأ بهما عينيه وفي أثناء ذلك رغب بقوة أن ينفجر : / لكن لماذا تنظر إلي / ؟! وأحس بأن الصوت خذله كما أن يده خذلته ، وبالكاد تمكن من أن يستدير إلى السائق ويطلب إليه الوقوف حالا وسط دهشة الركاب بما فيهم ذاك الرجل ووالده . وما إن وقف السربيس حتى نزل مزكين ولحقه أبوه في النزول ، ثم لحقهما ذات الرجل قائلا لأبيه : نزلت خصيصا حتى أساعدك إن كنت بحاجة إلى مساعدة ، يبدو أن ابنك متعب . فشكره السيد ريزان بحرارة ، ثم أردف الرجل : ياسيدي أنت لاتعرفني ، لكن لايوجد أحد في هذه المدينة لم يشرب من شايك الطيب ، عندما رأيت حال ابنك قلت بأنني سأنزل علك تحتاجني في شيء يا أبا مزكين . فعاد السيد ريزان يتشكره بحرارة بالغة على عرضه هذا . كان الرجل يتحدث وأنظاره لاتنزاح طرفة عين عن ريزان الذي شعر بأن هذا اليوم هو اليوم الأخير في حياته ، وأن هناك مَنْ أرسل هذا الرجل لينهي حياته بهذا الحرق في أعصابه ، فلم يملك من أمره غير أن يتجه صوب البيت ويجري بكل ما في جسده من قوة . وعندما وصل البيت ، جلس يسترد أنفاسه كأنه خرج لتوه من بئر ، ثم بعد لحظات بدأ يتقيأ ويضغط على بطنه وسط حالات تقيؤ شديدة ومتلاحقة وقد احمرت عيناه بشكل مفزع ، اتصلت إحدى أخواته بالإسعاف ، ولكن قبل وصول الإسعاف دخل أبوه لاهثا مع ذات الرجل ، وعندها لم يملك مزكين غير أن يغمض عينيه ويسد أذنيه ويستعين بكل حواسه بأنه نائم ولاأحد في البيت غيره . بعد قليل فتح عينيه عندما أحس بالأيدي تحمله فلم ير ذاك الرجل ، عندذاك أحس بنسمة منعشة سرت في عروقه وقال بأنه يشعر بتحسن ولايريد أن يذهب إلى المشفى ، فعادت سيارة الإسعاف فارغة من حيث أتت . في صبيحة اليوم التالي قرر أن يواجه الأمر وينزل إلى عمله لأنه أيقن بأن بقاءه لشهر متواصل في البيت لايفيد بشيء لأنه سوف يعود في النهاية إلى مواجهة هذا الرجل الذي قد يطرق في أي لحظة الباب ويدخل بحجة أنه يريد الاطمئنان عليه . غدا يراه في أماكن متفرقة وفي أيام متفرقة وتنهال عليه تلك النظرات المرعبة فيهرب منها قائلا للرجل : / لكن لماذا تصوب إلي كل نظراتك أينما رأيتني / ؟! وبذات الوقت فإنه لايريد أن يسمع الإجابة فيهرع تحت سياط تلك النظرات إلى أن تقع عليه مرة أخرى . وصار هاجسه الوحيد أن يعثر على مثل تلك النظرات الغرائبية في عينَي شخص آخر دون أن يجد فيتساءل في قرارة نفسه : ماالذي يريده مني ذاك الرجل وهو يلاحقني من مكان إلى مكان حتى أنه ذات مرة تشجع وقال له في الشارع : لماذا تنظر إلي ، أريد أن تجيب ، سوف أستمع إليك . بدت الدهشة واضحة على سحنة الرجل أمام عيني مزكين وبعد لحظات من الاتباك والصمت قال : أنا أيضا أسأل نفسي هذا السؤال أكثر منك ، لقد أفسدت علي حياتي ، أنت لاتعرف مدى معاناتي اليومية حتى آتي وأنظر إليك ، واليوم الذي لاأنظر فيه إليك لاأتذوق لحظة نوم واحدة . ثم انحدرت دموع من عينيه ومضى .
في اليوم التالي رآه مزكين يدنو إلى البراكية ولأول مرة يجلس على كرسي في الواجهة ويطلب فنجان قهوة ، قدم إليه مزكين ركوة القهوة وبدأ يصبها في الفنجان والرجل ينظر إليه ، ولبث مزكين واقفا قبالته مقررا أن يواجه مشكلته هذه وألاّ يهرب منها . صوّب مزكين نظرات إلى عينيه ، تشابكت النظرات لأول مرة في حالة من الصمت والذهول ، أحس مزكين بأنه يخرج جزئيا من كونه مزكين وتتلاحق أجزاؤه في أجزاء الرجل ، حتى أحس بأنه يخرج نهائيا من الواقع الذي هو فيه ويدخل إلى واقع مختلف لم يكن له عهد به ، ثم في لحظات أخرى من هذا الخروج أحس بأنه ربما كان قد رأى هذا الواقع في حلم بعيد . في هذه الأثناء لمح أبوه المشهد الغريب ، مزكين يقف قبالة الرجل الجالس وقد تشابكت أنظارهما ببعضها ، وكان بعض الزبائن يشاركون الأب النظر بذهول في هذا المشهد ، لكن الأب لم يحتمل أن يترك ابنه في ذاك الموقف فدنا إليه ووضع يده على كتفه قائلا وهو ينظر في الرجل : هذا أنا يابني . عندذاك أحس مزكين بأنه يخرج من ذاك العالم ويعود مرة أخرى إلى عالمه ، وللتو أدرك الدموع الغزيرة التي كانت تنهمر من عينيه ، وكذلك لمح ذات الدموع تنهمر من عيني الرجل الذي لم يلبث عندذاك أن نهض واختفى .
اختفى الرجل هذه المرة أطول فترة عرفها مزكين مذ أن رآه وفي وقت لن ينساه وعند الساعة العاشرة والنصف صباحا وبعد غياب ثلاثة شهور لمحه مزكين قادما من مدخل الشارع ، كان المطر قد هطل بغزارة منذ الليلة الفائتة وتحول منذ الثامنة وحتى العاشرة صباحا إلى ما يشبه الرذاذ الخفيف بعد أن غاصت الطرقات بالمياه الغزيرة . عندذاك أخذ الرجل يسير على الرصيف القادم إلى البراكية ونظراته تتقدمه إلى وجه مزكين الذي بدا هادئا ومستعدا للقاء هذا الرجل ، وتقدم الرجل بشوق ومزكين يهيء له كرسيا ليجلس عليه وقبل الوصول بعشرة أمتار غدا أمامه إما أن يترك الرصيف ويمشي في الطريق الغاص بالمياه الغزيرة أو يدخل الممر الضيق الذي واجهه بين الحائط وبين العمود الكهربائي الحديدي الضخم ، ولمحه مزكين يدخل الممر على جنب وما تزال أنظارهما تتشابك ، وفي أثناء ذلك لامس كفه طرفا من العمود الكهربائي الذي كان به ماس من جراء الرطوبة فانتفض الرجل كبركان ، ثم بعد لحظات سقط جسدا فاحما وسط المياه المتراكمة على الطريق كأنه لم يكن ذاك الذي يحمي نفسه من قطرات المطر قبل لحظات ، لم يصدق مزكين عينيه ، أو لم يكن يرغب في أن يصدق مارأى في هذه البغتة الخاطفة ، لكنه رأى أصحاب المحلات المجاورة يخرجون من محلاتهم بذعر ويتبادلون نظرات الاستياء والهلع فيما بينهم . عند ذاك اندفع مزكين ينظر من بعيد ، كانت نظرة سريعة واحدة ، ومضى بخطوات ضائعة ناسيا نفسه تحت الرذاذ .