نهاية حلم
نهاية حلم
ليندة كامل /الجزائر جويلية
أغرقها الشوق والحنين.وأسكن فؤادها عرش الذكريات الراكنة من سنين .تتمطى حداء أحزانها المريرة ، تكبتها بين حنايا قلبها الغاص بالشحن .تنفرد مع نفسها .وتبني لها صرحا مليئا بتقلبات الزمن المنسوج بديباجة من القرف والكآبة تلفه على أعقابها، لتغلق كل الأبواب ، والممرات أمامها .
وضعت حيزا يلف ذاتها فانطوت مع روحها .فلا تسمع لها همسا .كان الحزن قد طرق خوالجها بباقة من المرارة التي باتت تستنشق رائحتها.مند أن ثملت هواه و التصقت به مثل علقة في الأحشاء.
تتخبط في بحر من الدموع التي بالكاد لا تنقطع عن السيلان من أعماقها ، نزلت عليها الكآبة الخرساء كستار حجب عن عينيها زينة الحياة بعذوبتها .فكانت مثل الأيام في الكانون الثاني .سماءها لا تعرف سوى دموعا منهمرة من عمق السواد الحالك المحلق في صدرها.
بكت أحزانا، ولم تستطع أن تنفلت من العتمة التي انزوت إليها قابعة بين طياتها مند أن طرق قلبها ولعا .فأسرته في أغواره الطامسة فصارت مثل الغريق المطمور في طي السجل لا سبيل له من الفلاة .لقد بات القدر المحتوم .
وحيدة بدت و كئيبة مثل الخريف بأشجاره العارية ،و بساتينه الجرداء .صارت روحها صحراء قاحلة مجردة من معالم الدفء، والاستقرار فكان جسدها يئن تحت وطأة الحمى التي أرعشت أطرفاها ، إنه الخوف من المستقبل الآتي ... ؟
سقمت تيها و انزواء باتت تقطع نفسها بنفسها وتصارع ذاتها بذاتها .. لو .. لو ..لما ..لما ...
طعم واحد اسكن قلبها المنحور حرصما بمرارته ينضح آهات لا تنتهي من جوف ذات مرة كان مليئا بالولع لدنيا بما فيها .
تغير الحال و إنقلب الولع ولها فتقوقعت فيه كسلحفاة في سباتها الشتوي و سباتها كان طويلا لا حدود لنهايته .
الدنيا بمغرياتها لم تعد تعني لها شيئا دون أن يحلق طيفه في سمائها أو تبصره بطرف من عينيها لتنعم بالراحة . .. وأين هي الراحة ؟ في نفسها تيه يبحث عن مخرج من العتمة التي لفت روحها النقية ، فلم تقدر على الذهاب بعيدا عن أصوار هواه المتراكمة في أعماقها ، تختبئ بين طيات الأمل المدفون في قبو من الانتظار الدى صار انتحارا لقلبها الأسير في بصيص من أكذوبة العشق .
حبا نبت في أغوار قلبها وعشعش، وكبر كبدرة رمتها أيادي القدر لتصير شجرة من الأسى والحزن والمرارة ، تتسلق جذوعها وأطرافها دون أدنى تفكير بالعواقب ، حتى لقيت حالها مرمية مثل كومة عظم منهوش ، خطيئة واحدة دفعتها إلى أن تنسى أحلامها وأيامها الملاح لتقبر نفسها عند حافة الانتظار ، تقتلها الذكرى بقساوتها والتجربة بمآسيها، ولم تجد سبيلا لتناسي لقد كان يكبر بين أحشائها نتيجة داك الارتباط الصدفي .
- ما من سبيل للخد بالثأر سوى الإنتحار..
ترددها بين شفتيها اللتان كانتا ذات مرة زهرة تتفتح عند أريج الصباح لا تتوقف عن التبسم في وجوه الآخرين لتعبق من حنياها، عزفا مليئا بأنغام تتراقص معها كل الأشياء الحلوة بلطا فتها وعنفوانها حتى تستفيق في اغلوطة سوداء لتجد نفسها أسيرة صدمة ارتداداتها كانت عنيفة من أن تحتمل..
لقد انفلتت من وخز الضمير؟، وجرت وراء الفوز بزوج يكون الظل الظليل لغدها وأنيسا لها في وحدتها ، تحدت قائمة الممنوعات التي غرست في آناها التائه بين الحب وعذوبته والخوف من العنس وشقاءه
حتى لقيت حالها ضحية لشخص لم يرى فيها سوى منبع لتحقيق أطماعه، ومسرحا ليلعب دور العاشق المتيم ولا يملك في نفسه إي شعور بالهوى إليها نفثها مثل سيجارة وأنها عمرها بين شفتيه ورمها إلى قارعة مستقبل المجهول ..وليل غارق في السواد .
انتدبت عن الرؤى ، وانطوت مع حالها تفكر في مآلها صورة أمها الحنون لا تفارق مخيلتها , وابتسامة أبيها الذي شارف على الستين تساورها مثل طيف مخنوق ..
لحظة واحدة كانت كافية ليتغير مجرى حياتها .. فلولا العناد ؟ والتعنت في الر أي ؟ تمزق نفسها .
كانت دائم تحلم بأحضان بيت يكتنف بالدفء والمحبة مع رفيق درب صادق أمين وبالضيف القادم الذي سيكون أنيسا لهما
تتذكر قول أمها المأثور * رأس مال المرأة شرفها إن ضاع ضاعت معه * هي الآن في ضياعها المميت
يمزقها الندم حال ما تتذكر أقاويل أمها الغالية .. تحاصرها الأحزان وليس أمامها سوى الانتحار أو الفرار ... أين ؟
ومرت الأيام حتى جاءها المخاض * ليتني كنت نسيا منسيا* وبعيدا عن الأعين في مكان ما انتدبت إليه في خلوتها لفته بجزء من ثوبها الرث ... وأمام مزبلة .. وضعته بقلب منشطر إلى مجهول قادمة إليه والى مجهول أرسلت فلذة كبدها نحوه .. وراحت تجر اديال الحزن وهي تتخفي من ضلها في أديم الليل وتنظر بطرف عينيها وقلبها يردد رباه تبت إليك .. أحميه من شر البشر...
وعندما ادن الصبح خرج الناس من الصلاة سمعه إحدى المرة فحمله بين ذراعيه وقال إنه رزق من الله .