رؤية طفل
رؤية طفل
ق ق ج
لبنى ياسين
حجر
كان حصيلة تزاوج القضية الفلسطينية بالحرب على العراق ... طفل فلسطيني من أم عراقية ..يحتشد على جبهته السمراء تاريخ الحروب الحديثة بأجمعها.. و فضائح الإبادات الجماعية...
ادخر مصروفه كثيرا ... حتى آن أوان فتح حصالته... جلست أمه على حافة سريره تساعده في فتحها... و إذ سكب النقود على السرير ... سألته مداعبة: مال كثير... ماذا ستشتري به؟؟
فكر الطفل قليلا ثم أجاب سأشتري حجرا لاضرب به اليهود في فلسطين ... تفاجأت الأم لكنها استطردت : أ كل هذا المال من اجل حجر واحد؟؟
أجاب الطفل ببراءة : لو تبقى معي مالا سأشترى حجرا من اجل العراق أيضا.
خادمة
تصف لهم الجنة حتى أنها تعشوشب في سرائرهم النقية .. فيدنو قطافها من ثغورهم الصغيرة..
يلجون إلى عالم الخيال الثري الذي يميز أعمارهم الصغيرة مدفوعين إلى مكان سحري خارج حدود الزمان و المكان .
تتعلق عيونهم بمدرسة التربية الدينية و هي تشرح لهم السبيل إلى الجنة ... مستزيدين من وصف ذلك المكان ... مندفعين بقلوب طاهرة نحو الخير سبيلا للوصول إليه..
فجأة ... و من لجة السكون ... يصرخ طفل منتزعا انداده من جنة أحلامهم الأخاذ بقوة ... متوجها بالسؤال إلى المعلمة :
هل أستطيع أن آخذ الخادمة معي إلى هناك؟؟
أجنحة
كانت المدرسة الأمريكية الأصل تؤمن أن الخيال شئ أساسي في نمو الطفل و تفعل ما بوسعها لاثراء خيال طلابها في تلك الرحلة المبكرة من العمر.
هو... كان طفل العـراق الذبيحـة ... ربما قـتـلت المشاهد اليومية خياله البريء و جعلته مكبلا إلى واقع لم يستطع أن يسبر أغواره بعد ... حتى لم يعد يستمتع بزيف الخيال .
في أحد الأيام طرحت المدرسة موضوع إنشاء باللغة الإنكليزية تمثّـل في جملة واحدة على الأطفال إكمالها استنادا إلى جموح خيالهم .
كان السؤال هو:
لو استطعت أن أطير : ....
تنوعـت الإجابات ...
فكتب بعضهم : كنت أمسكت الغيم .
وكتب الآخر : كنت رافقت الطيور .
و هناك من كان اكثر جموحا فكتب : كنت لامست الشمس .
وحــده كتـب : أنا لا أستطيع الطيران .
سلاح
امسك الجندي الإسرائيلي طفلا فلسطينيا صغيرا ... جذب من يده الحجر و هو يصوب مسدسه صوب رأسه الصغير ... وإذا بحجر آخر يتلقاه على ساعده من أحد أصدقاء أسيره الصغير... فيفلت من يده المسدس ... تلقفه الطفل سريعا ... و صوبه باتجاه الجندي ... صرخ الجندي بعربية مكسرة فزعا :اعطني المسدس .
أجاب الطفل: رد لي حجري.
إرهاب
سألت الأم التي كانت تؤمن بالتطبيع كثيرا ... و بالسلام المبطن بالاستسلام طفلها : ماذا ستصبح عندما تغدو كبيرا.
أجاب: سأصبح إرهابيا.
الله معي
صرخ الطفل فزعا إذ قطع التيار الكهربائي في المنزل ... و غرق البيت في ظلام دامس ... هرعت الأم نحو مصدر صوته إذ تعذرت الرؤية قائلة : لا تخف يا صغيري .. اقرأ المعوذات ..
أجاب الطفل : لا أتذكرها ... لكني اعرف أن الله معي .