المعصرة !

المعصرة !

نعيم الغول

[email protected] 

راقبتها وهي تضع قدمها لأول مرة داخل بوابة الجامعة التي اعتصرت أربع سنوات من عمري زيتا بكرا دون أن أرى نقطة واحدة تضيء سراج ما بقي منه.

ثلاثون عاما تفصلني الآن عنها . عن البوابة البيضاء لتلك العجوز المتصابية.  أفجعني الإحساس بأنها كالدنيا ندخلها أحياء، ونخرج منها أمواتا. استدرت عائدا إلى البيت هاربا من ذكريات أيام التسجيل المُرَّة، والاختيارات العشوائية، وحمل المواد بسهولة حمل رطل إسفنج ناشف.

لكني وجدت سيارتي تقتحم شارعا يقطن في آخره صديق ما يزال يذكر سواد شعري الذي - ذات يوم - هرب دون عودة كجندي مهزوم حتى نخاع عظامه، وراقب بذهول بقعة ثلج بيضاء تجتاح رأسي.

 شربت قهوته المرة، وتذكرنا معا الأيام الرمادية التي كنا نعود فيها إلى البيت بوجه كثوب اسود خرج من نشافة. حدثته عن ابنتي ومعدلها المذهل في التوجيهية، وحدثني عن ابنه الذي اكتشف مبكرا أن الأرقام لعبته. تقاسمنا الخوف من ثقتهما الزائدة بالنفس، واعترفنا بمرارة أننا شخصان نخر عقليهما السوس،وأننا نريد أن نستحوذ على زماننا وزمان غيرنا ، وأننا  نحسدهما أيضا لأنهما سيعبران نهرا غرقنا على حافته.

عدت إلى البيت فطالعني وجه كثوب أسود خرج من نشافة.