على وشي الربيع الممنع

على وشي الربيع الممنع

شريف قاسم

[email protected]

       اللهم لك الحمدُ ، لاتُسْلمْنا لغير لطفك وعونك ، وامنحنا صبرا يُزجي نسائمَ الرضى بقضائك وقدرك ، فلا نجدُ إلا أن نثنيَ عليك ، ونصلي ونسلم على نبيك محمد وآله وصحبه الأبرار المجاهدين . اللهم رُزِئنا ـ كسائر المسلمين ـ بما حلَّ في فلسطين ، ولقد استجابَ المعيلُ لمنادي الجهاد ، وأودعَنا في ظلِّ سترك و برِّك ، فلا تحرمْنا أُنسَك إذا ثارتْ الخواطرُ تريدُ بعثرة رقائقَ أفئدتنا وهي تناجيك ، رحمةً بأطفالي هؤلاء يا أرحم الراحمين .

        كان ذلك دأبها كلَّ يوم ، وكأنما تصوغُ عناصرَ قصةٍ تقتضي التأكيد على قدسية مالها من موازين في تكوين الثقة ، وتوليد آحاسيس الطمأنينة لصغارِها الذين باتت كلماتها لاتعدو تركيبة حلوة من بسمات أمل وريف ، أو نفحات علوية تنبجسُ أحرفُها غنيةً بزاد المواساة ، حين تراهم يتناغون كالطيور الحائرةفي يوم مطير ، فتمسح ملامحَ القلق الذي يلآمسُ براءَتَهم ، وربما خدشت براثنُه القاسية أطيافَ أفراحهم . كانت تجمعهم تحت ظل نخلة ما برحتْ قائمةً باسقةً في فناء بيتهم القديم ، مستحسنةً حُسنَ إصغائهم لطريقتها المثالية في سرد الحكايات ، وكأنها المعلمةُ البارعةُ التي تعتمد أرقى وأغنى طر ائق التأثير المباشر ، وإيصال الفكرة إلأى قلوبهم حينا ، وإلى عقولهم حينا آخر ، في حين بسألُها أصغرهم عن أبيه الذي لايراه قادما من السوق ، مثل آباء أولاد الجيران ، ولا تتلكأ الأم في صياغة الإجابة بجمل تحمل عبارات الفرح المعسول بالأمل ، وتئد خطرات الشجو  الخفي التي تشحن مشاعرهم بحرقة أخفى من دبيب النملة ، وهي تسعى على تعرجات ورقة ندية خضراء من أوراق الربيع : إنَّ أباك ـ يابنيَّ ـ سيعود ، ويجلب لكم هدايا نفبسة لاتوجد إلا في الأرض المقدسة ، هدايا لم ير مثلَها الكثيرُ من أولاد الجيران . تقول هذا ، وتكاد بعضُ الكلمات يقطِّعُها نشيجٌ خفي في حلقها المتماسك ، لكيلا ينفرط عقدُ قصصها الجميلة لهم ، وتبتعد عن سبيلها المرسوم .

         والآن وقد هيأت لأطفالها الأجواء النفسية، وتركت رؤاهم تسبح على شواطئ تلك التعابير الحانية ، آنست نفحة قرب من الله سبحانه ، فرفعت يديها إلى السماء تدعوه جلَّ و علا أن يكلأهم بلطفه وبره وحسن تدبيره ، وأعدتهم لما وراء تلك الأفكار والرسومات البعيدة عن التكلف ، ولتقوم ـ هي ـ بواجباتها اليومية كعادتها مستقبلةً قائمةً من الالتزامات التي لابد منها .

       ليست بالصورة الرهيبة، ولا الهواجس المرعبة تلك التي تتراءى لها من كُوى الهمِّ الثَّجَّـاج الذي لم تبرح مساءاتُه تلفُّ شجرة النخيل التوَّاقة إلى بذل رطبِها اليانع الشهي لأطفال هذه الدار التي ترقبُ عودة الربيع ، وربما انداح على نفسها الأثيرة في مواقف يومية مع صغارها وحاجاتهم ، وإلحاح أسئلتهم التي تبدو عفوية وسهلةً ، ولكنها عميقة الجذور كعمق أبعاد المأساة التي تجتاح الأرض المقدسة في مغاني فلسطين ، فتعزِّي قلبَها بومضات من نور إيمانها بالله ، ويطمئن فؤادُها وهي تسمعُ ترديد الأذان خمس مرات في اليوم والليلة ، ينبعثُ من مسجد الحيِّ المجاور لبيتها ، وهو يحمل نفحات حضور الثقه واليقين بمعية الله تبارك وتعالى ، ولتبقى دائمة الحضور بصلواتها وأدعيتها ، وبسنَّةِ الضحى خاصة ، فقد كان زوجُها المجاهد يؤديها دائما ، ثم تقوم إلى تنورها تخرج منه الأرغفة الشهية وتقدمها لصغارها الجالسين على الحصير الجديد الذي اشراه والدُهم قبل التحاقه بموكب المجاهدين بعدة أيام . فإذا ما حان وقتُ الظهيرة ، وجلبت معها سكون حرارة الصيف أطعمت عصافير دوحتها ، وأسكنتهم عشَّ الطمأنينة ، ثم انسلت من بين هدأتهم لتلوذَ بالشاطئ الضارب في حنايا اللهفة الحائمة على روابي فلسطين ، ولتنحدر على على هدأة سمعها خطوات المعاني المقدسة التي طالما سمعتها من أبيها ـ يرحمه الله ـ فتشرئب عيناها إلى منازل الشهداء في جنة عدن التي وعد الله بها عبادَه المتقين ، وتصيخ آذانها إلى زغاريد المودِّعات أزواجَهنَّ وأولادَهن حين أمُّوا ميادين الجهاد ، فتخضر في أحناء فؤادِها نشوة الإيمان الظليل ، وتفيض من مآقيها دموع الفرح الروحي ، والشوق ... الشوق إلى الجهاد والاستشهاد ، الشوق للجنة وفردوسها الأعلى ، الشوق لله الذي يتجلى برضوانه على أتباع محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ، وينطلق لسانها بالدعاء لزوجها ولمن معه من المجاهدين بالثيات والنصر على الأعداء الغاصبين لتلك المقدسات  .

كم من ليلة غلبها الشجوُ وهي ترى صغارَها بغير معيل ، وكأنهم على شدقي غربة مُرَّةٍ تكاد تبتلع اخضرارَ آمالهم ، رغم وفرة الأرحام والأفاضل من القوم الذين يمرون بين الحين والحين يواسون أهلَ هذا البيت ، ويقدمون لهم ما تيسر من خير ، ولعلهم ينالون ثوابَ مَن يعيلُ أبناء الغزاة في سبيل الله ، بل ربما حسب هؤلاء أنَّ عام { 1948م } هو عام النخوة والبذل والمروءة ، بل كان كذلك فحين ترك موكبُ المجاهدين من أهل هذه المدينة أهلَهم وديارَهم ملبين دعوة المسجد الأقصى المبارك ، ونداء حيفا ويافا ودير ياسين آمين تلك البقاع سمع الناسُ أناشيد هؤلاء الأبرار تعيدُ صدى أناشيد أجدادهم :

              اللهم لولا أنت ما اهتدينا        ولا تصدقنا ولا صلينــا

              فأنزلنْ ســكينة  علينا        وثبِّتْ  الأقدامَ إن لاقينــا

       وتتابع الأمُّ رحلتَها الميمونة مع أولادِها ، تارةً على رفارف الأمل الوضيء وأخرى على صهوات الكآبة والشجن ، ومرة أخرى على صوت قرعِ بابِ البيت ، لتستيقظ من زحمة الأحلام المشرقة ، والمنسابة ماءً فراتا يسقي بساتين الرجاء ، فلا يدعُ للكدر ولا لليأس أيَّ موضع يمكنُ أن يطعن بسكينه نعمة الأمن واليقين برحمة الله ، ويندفع الصغارُ شطر باب الدار ، ويتسابقون لفتحه بقوة ولهفة وشوق وربما ساقهم إحساسهم بأنَّ شيئا جميلا ينتظرهم عند الباب هذه المرة ، ويُفتحُ البابُ ، وتنطلقُ ألسنتُهم النَّديةُ ... ماما ،  ماما ... جاء خالُنا ، جاء خالُنا ، وترحبُ الأمُّ بأخيها الحنون ، وهو يمسح على رؤوسِ بنيها ، ويناولُهم بعضَ الأكياس الملأى بما يحبه الصغار . لله درك أيها الخال ، طوبى لك ولكل خال وعم وأخ وصديق وفيٍّ يصل ما أمر اللهُ به أن يوصل ، ويمنح أولادَ المجاهدين والشهداء والأسرى بسماتٍ رضيةً ، وكلماتٍ حانيةً ، وهدايا كأنها حلوى يوم عيد رغم أنها جاءت في أيام لايشعر الأطفالُ فيها بغير مرارة الوحشة التي تُدافُ بالقلق في أغلب الأحيان .

           ويسأل الخالُ عن حال الأولاد ، ويمنِّي شقيقتَه بوعد الله الحق ، ويذكِّرُها بالصبر والتقوى ، وأنَّ زوجَها اختار الطريقَ الذي لايدفعُ فيه الكثير من الرجال خطاهم على مدارجها ، ولا ترنو عيونُهم إلى آفاق معارجها ، وكانت تردد عبارات الحمد والثناء على الله ، ويبتسمُ أخوها فرحا لرباطة جأشها ، وثبات إيمانها ، وجميل صبرها ، وهو يقول : والله لقد فزتِ ـ يا أُمَّ ربعي ـ بإرث والدنا يرحمه الله ، فأنتِ أكثرُنا عبادة ، وأعلانا شأنا عند الله ، وتخنقُها عبراتُ الاطمئنان بقبول الله لها ، وتشكر أخاها وتدعو له بالتوفيق .

        وتمرُّ الليالي مدلهماتٍ بسحبِ الأكدار والضيقِ ، وقد ترامى إلى مسامعها خبرُ استشهادِ بعضِ المتطوعين ، وجرحِ ىخرين ، وكانت ألسنةُ الناسِ تنقلُ الأخبارَ من غير تثبُّتٍ ولا رحمةٍ بأهالي المجاهدين ، حيثُ تعصفُ تلك الأخبارُ في صدور الناس ، وكأنها رياحُ الخريف . وبين ملاذها في صبرها، وظلال الأسى على وجوه أبنائها ، تجلسُ واجمةً ، وترى بعين حال الأمة مسافةً بعيدةً بين النصر على اليهود ، وبين الأمة التي تنتمي إلى الربيع الممنَّـع الوريف ، وأيقنت رغم ضحالة ثقافتها السياسية حقيقةَ الواقع المرير الذي تلفُّ دوران أيامه مؤامرات الأعداء ، وضعف أركان الأمة ، وانحسار أسبابِ النصر التي تعلمُها في كتاب ربها ، وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم . وأن القوى العالمية الغاشمة ما برحت تستكين للصهاينة من أجل تحقيق ما يسمى بروتوكولات حكماء صهيون ، وقيام الكيان اليهودي على أرض فلسطين ، وشعرت وهي تسترجع تراثَ أبيها صاحب الكتب الصفراء واللحية البيضاء التي لاتزيدُ على قبضة كفِّه المتوضئة الطاهرة أنَّ قَدَرَ اللهِ نافذٌ لا محالة ، وأنه لابدَّ من الصبر، بل والمجازفة بالغالي من الرجال ، والنفيس من الأموال ، وراحة البال ، ليستمرَّ الجهادُ في سبيل الله ، وحتى تعود فلسطين كلُّ فلسطين بقراها المدمرة ، ومدنها المنكوبة ، إذ لابد من النصر بإذن الله مهما طال المدى ، وعربد الظالمون الغزاة ، ولسوف يندحرُ باطلُ يهود ، رغم عتوهم وأحقادهم واستكبارهم ، فهي المؤمنة بالله ولم تزل على أجفانها إشراقة وعدِ رسوله صلى الله عليه وسلم بالنصر المؤزَّر على أهلِ شجر الغرقد لعنهم الله 

       هاهو أصغرُ أولادها يقودها ببراءته إلى مكان وجود التنور ، وهو لم يستطع بعدُ أن يجيد التحدث بجملة مفيدة واضحة المعالم ، وعرفت أن الأطفال وكعادتهم كلَّ يوم وفي مثل هذه الساعة من وقت الضحى يريدون الخبز الناضج  المتوهج كخدودهم وهم آتون بعد وقوفهم أكثر من ساعة على باب الدار ، وراحت تضمُّ صغارَها ، كلَّ صغارِها بين ذراعيها ، ولتترك روحَها تحدث أرواحَهم بين رفيف الآمال المزهرة عن مستقبلهم الذي توشِّيه إفصاحاتُ الوعودِ المقدسة  التي تتلوها قرآنا مبينا آناء الليل وأطراف النهار أجل : عيشوا يا أبنائي فإنَّ أباكم لبَّـى نداءَ الأسفار السماوية ، ولن تضيعوا ، وحاشا لله أن يضيِّعكم وهو أرحمُ الراحمين سأكون لكم الأم والأب ، وسأخط لكم طريقَ الخير والهداية رغم أكوام الحسرات ، ورغم أعاصير القلق الثائرة في صحارى التنكر لهؤلاء الطيبين المرابطين والمقاتلين أعداءَ الله .

         ومرت الأيامُ ليست تياهةً ولا مزهوةً ، ولكن رسوخ اليقين يحيي دائما أطيافَ السؤدد على محاجر التوثُّبِ والفداء لذوي القيم النفيسة ، والهمم العالية، فلا تغادرها أنوار الرجاء في ظلمات المكاره ، وربما غابَ حسُّ تلك الأم الرؤوم عن مساحات بيتها الواجم في ظلمة التفاتات أشباح الوساوس الخريفية، لكنها تطمئن ليقينها وتطمئنُ أبناءَها بقدوم ضحى يوم ربيعيٍّ ودود ، تحملُه قصواءُ المروج العذبة على هودج السعد بإذن الله . أجل يا أبنائي سألبسكم حللَ البهجة وأسورة الحبور .

         وتشيعُ الأخبارُ المتلاطوةُ بالنكد على مسامع الناس ـ هنا في هذا الحيِّ الآمن ـ ففلسطين لفها الشتاءُ الممطر بالألم والفجيعة ، والمجاهدون حجبت رؤاهم عِصابُ الحسرة والذهول ، فأبوا يزجُّون خطاهم الثقيلة نحو الديار التي كانت تهيئُ مواسمها المتميزة لاستقبال المنتصرين ... ولكن !!

      وينتفضُ الربيعُ الممنَّعُ رغم قسوة الشتاء ، ورغم ضراوة حرِّ الصيف ـ من قبل ـ كبستان أمل غرَّدتْ فيه بلابلُ صحوةٍ تلتمسُ طريقَ العودة للأروقة المباركة ، وتنفست على بساطه الأخضر أرواحُ أهل الأمنيات العذبة ، تغسلُ كآبات الوهن بينابيع الإيمان الثرة ، التي أغرقت أشواكَ اليأس وطمرت أعمدة الزيفِ التي يلهو تحتها صبيان السراب المترع بكؤوس الخذلان .

            ويشرقُ الربيع في وجه العائد ، ويضمُّ بين ذراعي روحه فتيته الذين أحسوا بمعاني الغبطة التي فقدوهامنذ اثني عشر شهرا ، ويتهلل وجهُ الزوجة الطاهرة كتلألؤ ضحى يوم ربيعي ، وكما تأوَّلتْه ـ هي ـ من قبل ، ويضمُّ أكبرُ الأولاد أباه بكل ما أوتي من قوة ، وهو يلثم وجنتي أبيه ، صدرَه ، يدَه التي مازالت مشدودةً على زناد الثأر والعهد ، وكأنه يرسمُ شموخَ الأبناء بآبائهم العظام شموخ رؤى البنين القادمين مع انسياب أنوار الفجر الصادق ... طريق العودة إلى مشارف القدس ، حيث رصفتْه المروءاتُ التي صقلتها ربانية القيم الإسلامية ، ولتمر الأيامُ الأُخر عند ـ المتعبين ـ كأحلام الذاهل المثقل بلا عزاء ولا رجاء .

         وفي شتاء جاء أشدَّ قسوة على هذا الفتى ، حين حضر ورأى روحَ والدته تصعد فوق الغيوم البيضاء ، ومن نفس الطريق التي كان يصعدُ منها دعاؤها إلى الله ، ومدَّ يديه يريد أن يردها إلى ضحى ربيع كانت تطعمُهم فيه الخبزَ المتوهج من تنور دارها الدنيوية ، فلم يقدر ، وعلم أنَّ يديه ما عادت تنفعُ إلا لرفع الدعاء إلى الله أن يسكنَها دارا خيرا من دارها في مستقر رحمته ، و وجف القلبُ و دمعت العينُ ، ورفَّ اللسانُ بلا حول ولا قوة إلا بالله ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، وليأتي ـ بعد هذا العزاء ـ شهرُ رمضان المبارك ،  ولم يزل شتاءُ الحزن يلقي   بظلال غيماته على تلك الدار ، وفي ليلة السابع عشر منه تهادت روحُ الأب المجاهد لتلحقَ بالرفيق الأعلى ، وليجلس الفتى بحسه المرهف و وجدانه اليقظ بقلب دفاترَ الآلام ، ويحاول أن يعتدلَ بقامته وأن يضع على منكبيه الأوسمة الخجولة لينهضَ بها عزمُه ، وتعدو على صهيل روحِه قدماه ، ويهزه صوت أذان الصلاة الوسطى من مسجد الحيِّ المجاور ، ويصغي لإيحاءاتِ جمله المقدسة ، وتتراءى له صورةُ أمه من خلال ا لغيمات ، وهي ترفع يديها إلى الله ، تذكرُه بالأيام الخوالي ، فتدمع عيناه معبرتين عن مرارة الفراق الذي أخذ وطوى أجمل الأيام , ورنا في أفق بعيد ، وترك فؤادَه يتلفع بالأسى الممض حين شحنته التقارير المؤلمة القادمة من مسارات الضياع والتقهقر ، وما برح يناجز سجوةَ شحوب أفق الخريف ، ولم يفق إلا على صوت طرق الباب الخشبي للدار ، فنهض منتفضا كأن أباه عاد ... عاد منتصرا ، عاد مع مواكب المجاهدين ... أجل إنه أباه فاحتضنه يقبِّلُ وجنتيه المتوردتين ، صدره العامرَ بالإيمان ، يديه المتوضئتين ... ليغسل روحَه من أدران الوهن والخذلان ، ويفتح عينيه ليرى أباه مرة أخرى ، ويعلمه أن الربيع الممنع قادم  قادم لامحالة ، وإنما يُسقى بالدماء التي لم تنبت أجساد أصحابها على السحت .

      قم يابنيَّ وجرِّدْ نفسَك من هوى نفسِك ، فالميدان ينتظرُ الأوفياء ليجدوا ثمارَ وعدِ سيِّدِ الأنبياء صلى الله عليه وسلم على مشارف القدس .