مذكرات عاشق ...مغترب ؟؟!

مذكرات عاشق ...مغترب ؟؟!

  مجدي الرسام / بغداد

[email protected]

 على نغمات الحياة بأوتارها الممزقة أكتب لكِ يا ألق الزمان .. يا شكوتي .. يا حلمي .. ماذا اكتب لكِ ، همسات ٌ والحان ومأساة ..يا غربتي

حبيبتي ... أنا اكتب لكِ هنا وفي غرفتي المليئة بالإحزان والهموم اكتب وأنا بقرب النافذة التي تطل على إحدى الحدائق ، لا اعرف كيف ومن أين ابدأ ولكنني سأكتب وأدونْ . ربما لأنني لا استطيع النوم أو لأنني تذكرتكِ ! ..إنها قصة يستغرق سردها وقتٌ طويل ؟ المهم أنني الآن قرب النافذة والساعة تقارب الثالثة صباحاً حيث مصباحي الصغير الذي يرفض الظلمة ، وستائري المزركشة كما إنني أشاهد عدد من الصبية أو أولاد الليل في هذه اللحظة بالذات .. دعيني أتأمل أنهم  يتشاجرون وهم متلونون ؟ وبينهم رجل اسود يضربونه بشدة ! أهي عنصرية أم ماذا ؟ ؟؟...

عزيزتي لا استطيع أن أركز أكثر فيما اكتب في خلجاتي الكثير من الكلام ولا استطيع التعبير عنه ( من أين ابدأ ) .

كيف حالكِ واهلك وأخوتك هل لا زالت التقاليد والطقوس موجودة أم تغيرت أحوالكم .. كيف هي البيئة والتكنولوجيا وهل وصلتكم التقنية الرقمية ؟

أسف أن كان تعبيري على نمط منحط بعض الشيء ويختل بمفردات ركيكة ولكن هنا العربية تعد قياسا بالانجليزية وقد تختلف عنكم تماماً .

المهم اشرحي لي حياتكِ ، يومكِ ، طموحاتكِ في بلدي الحبيب

قد تسالين عن أخباري فانا هنا رسام وفنان أكاديمي لا زلت أكمل الجامعة إنها بغاية الجمال والعظمة كل شيء هنا منسجمٌ الأزهار والناس يتشابهون ولا يوجد تباعد أن تطرف ديني أو ما شابه ...

في الصباح اذهب إلى الأكاديمية وأنا هنا مميز كوني عربي إضافة إلى أقراني من السودان وفتاة من لبنان ومصر والمغرب العربي ، ومعاملتنا على السواء فالطلبة يمارسون فنون الطبيعة بعد المساء والخروج الى المنتزهات  والتفسخ ؟ الغذاء متكامل فبعد العشاء نصطحب بعضنا للخروج لاحتساء القهوة وشراب التفاح وقد تعرفت على لاعب كرة قدم من سوريا يعمل في مطعم لكنني لا اعرف في أي ناد ٍ كان ؟ كما إنني تعرفت على عادات وتقاليد هذا البلد وزجت بيّ الأيام إلى التعرف على بعضهن ! في المطعم الليلي في المسرح في دار الأوبرا ؟

عزيزتي اكتب لكِ الآن في ليلة عطلتي والجميع هنا يشعرون بالراحة والاسترخاء المياه معدنية والطعام معلب ، ولا ينقصني سواكِ ؟ فشبيهاتكِ هنا كثيراً ولكنني ابحث عن الروح التي رافقتني الى ها هنا ... فرشاتي باتت لا ترسم غيرك

لديّ لوحة رسمتها وقد التقيت بشبيهتها وهي تدعى " كرستينا " إنها معجبة بالفن والانطباعية كما تعرفت على " كوميوه " وهي كوري الجنسية ومن أبٍ ماليزي وهو مصرفي ورجل نكات رائع أما أخته الشقية " بانا " التي تكره قارة أسيا برمتها وتحب المقبلات ..الساعة الآن الرابعة فجراً

أنا اقلب صوركِ وأنا استمع الى أشرطة أم كلثوم ، غدا لدي موعد مع احد هواة الموسيقى ..

حبيبتي ... تعلمت  العديد ومررت بأوقات أليمة وصعبة وكان مزاجي ينقلب مع الطقس ! توجد هنا مؤتمرات طبية واجتماعات عائلية واحتفالات المسنين ومرافئ العشاق وليلي الأوبرا لـ " باخ " بيت هوفن " إضافة الى زقزقة العصافير وسمفونية الحياة والروتين اليومي ... أصبح الأدب والفلسفة جزءا مني وهي لغة أساسية هنا .... ماذا بعد

لا زلت اكتب لكِ وأنا أرى الشقاة يطرحون الرجل الأسود ارضاً ... ياترى اهو شجار مصطنع ...آه احدهم رماني بحجر ولكنه يبتسم ؟ ياترى هل في شوارعكم مثل هذا ! ...

غلوريا وماري لاعبتا التنس  أختان تؤمان يتشابهان بالصفات ولكنني استطيع التمييز بينمها بوجود اثر جرح في إحداهن ...ويشاركانني نفس الأفكار.

أما " ادوارد " الوسيم ابن تاجر السجاد العربي والإيراني فهو يتخذ من الرسم فرصة لتطبيقها على السجاد ويسألني دائما عن التصاميم والإشكال الهندسية ، بينما الصبي العاشق " سبنسر " فهو معي في نفس الغرفة وهو كثير الشخير ويجيد تقليد أصوات الطيور ويمارس هواية ركوب الدراجات الهوائية ... رغم انه مزعج ويكسر الصحون .. أما عن تسميته عاشق فلأنه يعشق الشعر ويقوم بادوار مسرحية لروميو وعطيل ..

عزيزتي الساعة الرابعة والنصف وأنا في انتظار رسالة من احد الصديقات ....

 " إيناكوف"  إنها من روسيا وقد حصلت لي على عمل في إحدى المكتبات انها رائعة ورياضتها الجمناستك  كما أن لديها ولع شديد في سرد القصص ومتابعة الأبراج وتفسير الأحلام ومطالعة الروايات البوليسية ، ورغم هذا فإنها فشلت في إحدى الزيجات بعد هجرها زوجها المخمور والذي يكبرها بثلاثون عاما ... سأكلمها عنكِ فهي تبحث عن الصداقة وعند رؤيتكِ إياها ستسرين ولديها حكمة ( أنا صديقة لكل من أقابله ) .

ها قد دقت الساعة الخامسة أنا اسمع صوت الطبول ورنين الهاتف المزعج ... في السابعة سيأتي بائع الصحف وهو يشعرني بالدوار كونه قناة إخبارية متنقلة ولا يكتفي الثرثرة .. لا يهم  إنها العطلة وغدا سأتأمل السحاب المتقطع وصوت الريح ونسيم الهواء وهدوء الحدائق وضجيج الأطفال ...

آه ... لقد رحلوا الشقاة تاركين الرجل الأسود المسن وأنا اسمع صافرات الشرطة تجوب المدينة بينما رحل المتسكعون بعد رحيل الليل

عزيزتي أتمنى أن ترسلي لي أخباركِ لأنني  مشتاق لكِ كثيراً وبعد شهر سأغير عنواني بعد أن استقر في المكتبة من اجل العمل ونيل المقدرة لأصبح الأمثل ..

حبيبتي أنها الخامسة وعشر دقائق وعليّ الاسترخاء فلديّ يوم عطلة حافل .  

  أنا انتظر

  عــاشق