حكاية أمل وانتظار
هديل حسين أبو نبعة
قد تسبح تساؤلاتنا وتأملاتنا في فضاء يعج بالكواكب والنجوم فترتطم بكوكب مرة وتارة بآخر ولا تجد جوابا شافيا بل قد يضيع رشدنا وتتيه أفكارنا ويزداد تخبطها.
تلك أفكار كانت تتراءى أمام (هيا) كفراش يدور ويدور من حولها ، جلست على كرسي متهالك يتوسط حديقة تلفها الاشجار من كل صوب
حاولت الانفلات من افكار تراكمت وارهقت عقلها فجلست على العشب حينا وداعبت الأرجوحة حينا اخر وأعطت لروحها الطفولية الاذن لتنثر ذكريات زمن سابق مكبوت
حاولت ان تودع بصمت لوحات فنية أودعتها في ثنايا مستقبلها الذي خططت له أو أن تغلق بعنف بابا كانت هي من فتحته وتركت لشيء من رغباتها الولوج منه
حاولت الإنعتاق من فكرة استحوذت على تفكيرها وكلمات علقت في ذهنها وبصيص أمل خلقته بنفسها
كان كضوء خافت تلاشى وتتضاءل حتى اختفى هي من صنعت الأمل وأخذت تدور حوله فجعلت من براءتها منهجا ومن سذاجتها اسلوبا للتواصل والتلاحم على مستوى الفكر، تملصت من مبادىء كانت تخطها وبقوة
وتركت دولاب الزمن يسيرها ، حركته أهواء ومشاعر وأحاسيس غضت نظرها عن أخطاء تقترف ومبادىء تسفك وأعين غافلة.......
في تلك اللحظة الجافة حركت نسمة هواء باردة شعرها الأحمر المنسدل على كتفيها فأذنت له بالطيران فرفرف قليلا.. خالجها شعور بالنشوة والإرتياح وان كان لفترة حددتها بنوع من التناسي والتغافل
نظرت إلى ساعتها وجدتها قاربت الخامسة والنصف تساءلت في ذاتها المنكسرة وبقلبها المشتعل ... هل ساعتي متأخرة أم أني أستبق الزمن...
انتظرت حتى نفد صبرها ونضب ونسجت منه حكاية امل وانتظار وترقب واصطبار وماض لم يبق منه إلا الإجترار
باغتها إحساس تسرب إلى أوصالها حتى إرتعش ، شعور بالذنب .... ذنب قد تكون اقترفته وهل لها من معاتبة نفسها وجلد ذاتها وردع رغباتها
ستصب ماء مثلجا على قلب اهترأ واشتعل حتى أصبح رمادا وعقلا تلاشى بعد تفكير طال وجسد أنهكه الحزن والشقاء وطول الأمل
تناثرت الأفكار السوداوية أمامها وتلعثمت أشواق وأماني كادت تخبو في صدرها
علا صوت دقات قلبها وأخذ يعزف لحن قرب اللقاء وينثر من حوله عطر وأشواق احتبست حتى الاختناق.....
لقد أتى ..
ركضت إليه واحتضنته وأخذت تقبله وتبكي ....
أتذكرني..... أنا أمك سامحني أرجوك.. لم أقصد تركك .... وأجهشت بالبكاء
وبنظرة يعلوها الفتور والاستهجان وبمشاعر باردة وقلب متحجر استقبلها ابنها.... لم يرف له جفن ، لم يكن ينتظرها ولم يحلم بلقائها ولا بضمها ....
حاولت عدم الاكتراث لبروده تجاهها وعمدت الى تفريغ شوقها اليه رغم صده لها
نظرت الى طليقها استجدت بعينيها الدامعتين كلمة حق يقولها أوأن يعزز من موقفها أمام طفلها
ودت لو يدافع عنها ويرفع من شأنها أمام ابنه لكنه لم يفعل ....
بل وقف جانبا تاركا اياها تحاول انتزاع كلمة " ماما " من فم ابنها
نعم لقد أعطاها وقتا لاحتضان ابنها وأفسح لها المجال لكن بعدما ملأ عقل ابنه بأشياء عنها
لا تعرف ماهيتها لكنها على يقين أنها أشياء تسيء لصورتها أمام ابنها
ودعته بعد انتظار ...
وفي نفسها أمل أن تعود المياه إلى مجاريها في يوم من الأيام فيضمها ابنها بلهفة وحب
وأن لا ينكر وجودها أو حقيقة أنها أمه
فتخمد في قلبها جروح ومآسي خطها الزمن أو تكون هي من كونتها في لحظة طيش
دفعت وما زالت تدفع ثمنها.......