شاطئ الذكريات الجميلة
عماد كامل
العراق- البصرة
بين الدغل المتنامي على ضفاف النهر الذي غمرته الأشجار.. كانت سلمى جالسة ترنوا الى الشاطئ..الأمواج تتكسر على الضفاف..تمنت لحظتئذ ان تكون نورسا لترحل الى حيث اللقاء مع الحبيب،اقتربت من الجرف تلمس صخوره الملساء المغمورة بالزبد،أمسكت حصاة ورمتها في النهر،ارتسمت دوائر صغيرة وكبيرة ثم سرعان ما اختفت.
الشاطئ يستلقي بهدوئه ونعومته تحت اشعة الشمس الملتهبة..ارتطمت بقدميها العاريتين التي بدت كأنهما خيزران من الفضة موجة صغيرة.من بعيد لمحت شراع السفينة التي طالما حملتها وغفت في أحضانها بصحبة حبيبها..
كان يخرج من منزله الذي يتصدر الطريق المفضي الى النهر يصرخ بها سلمى.. سلمى..وهي لم تزل عند الشاطئ تلهو مع النوارس البيضاء.. كانت تأمل ان تعود تلك الأيام وان تكحل عينيها بطين الشاطئ الجميل المغمور بالأمل والذكريات الجميلة..مخيلتها فارقتها الذكريات كطير فر من قفصه وحلت محلها صورة وليد ذا الوجه الطفولي الذي دخلت رأسه رصاصة من دون استئذان فخر مضمخا بشذا الود وعطر الوصال..
ألقت نظرة على نخلتها الباسقة التي طالما كانت تلوذ بظلها في أيام الصيف القائض بجنب الحبيب..طوقتها وأرهفت السمع لسعفها المتناثر في الريح..شق الغروب طريقه مغادرا ذرى السعفات تاركا حزنا في النفس..عادت بها الذكرى إلى ذلك اليوم الربيعي حينما خرج وليد من قلب الليل قاصدا الذهاب إلى رؤية أمه التي ترقد في مستشفى التعليمي..ارتسمت صورته عندما توقف لحظة ملوحا لها ان تمسك بقبلته التي أطلقها مع الريح لترسمها على وجنتيها الورديتين..النهر يهبط فوقه قرص الشمس فتزداد النوارس لمعانا،وعندما ينتفض تتكسر أمواجه على الصخور.
سلمى تعدو في الطريق الموغل في الوحشة والظلام مبتلة بالمطر والدموع متعثرة بخطاها التي أثقلتها نبأ إصابة وليد برصاصة طائشة نقل على إثرها إلى مستشفى التعليمي..ولجت الردهة فرأته نائما على السرير القريب من باب الردهة ورأسه معصوب بلفافات حولها الدم المتدفق إلى حمراء..وفي يده استقر أنبوب بلاستيكي رفيع موصول بقارورة صغيرة يمده بالحياة..غلبها النعاس فتوسدت الأرض بالقرب من سريره..بزغ الفجر هادئا كالبحر صامتا كالنخيل..تناهى إليها صوته قادما كالحياة..قال لها لا تخافي سنعود إلى الشاطئ ونستلقي فوق رماله الوردية المتلئلئة..داهمها الفرح وغمرتها البهجة فارتسمت على شفتيها ابتسامة خجولة.