قاتلة البعوض
هديل حسين أبو نبعة
كادت الشمس أن تحرق وجهي في ذلك اليوم ،امتدت ألسنتها الملتهبة لتبث حرارتها في أرجاء المعمورة كانت أوراق الشجر المتناثرة على الطرقات تستجدي نسمة او ظلا ً يقيها لسعات الشمس المتقدة .
مشيت بخطوات متعبة جعلت من كتابي مظلة ألصقتها بوجهي كدت أتعثر أن أقع حيث أن هناك غشاوة حجبت طريقي فلم أعد أرى أمامي انتابتني لحظة غضب أزحت الكتاب عن وجهي وسارعت خطاي نحو المنزل متناسية لسعات الشمس ، حالمة بمياه باردة أريقها على جسدي المتعطش لقطرة ماء في يوم صيفي حارق.
كان البعوض منتشرا ً في منزلنا ، المنطقة من حولنا تعج به ، هو زائر غير مرحب به ثقيل الظل سمعت جيراننا من حولنا يتناقشون وسيلة لحل المشكلة التي أطبقت على أنفاسهم ، كنت في حالة ضيق وإزداد الطين بلة بوجود البعوض!
إني أكرهه.... مجرد أن يدنو فكري من أنه قد يكون في مكان قذر ثم يفرض نفسه علي ويمتص دمي ويبث في جسدي أشياء أجهلها .... ينتفض بدني وتبرز عروق بين حاجبي وعزيمة على قتل أي بعوضة تجرؤ أن تمر من أمامي .
تسمرت أمام التلفاز تظاهرت بمتابعته .... أخذت عيناي تتفحصان الغرفة ترصدان أي حركة غير مدروسة لبعوضة !
أعلنت الحرب وبدأت عملية القتل فبعوضة أضربها على الحائط وأخرى أهرسها بضربة قوية بين كتبي وهكذا أمضيت يومي ....
لربما شعرت بانتصار في لحظة ما وغرور فأنا قاتلة البعوض وفي جعبتي الكثير من الأفكار الدموية لسحقها غدا ً أما الآن أريد ان أنام ..... بدأت أصارع نفسي على إغفائها ومقاومة حالة الأرق التي أصابتني وإكتمل ليلي ببعوضة تصر على الإصطدام بوجهي حاولت إبعادها وغطيت وجهي وما هي إلا لحظات.. أرغم جسدي المتعب نفسي لتستكين وأسدل ستارة عيني..
في صباح اليوم التالي أحسست بألم في عيني اليسرى حركتها بأناملي ازداد الألم هرعت إلى المرآة وإذ بانتفاخ أحمر كما الإلتهاب قبيح رجعت إلى الوراء خطوة أحسست بهزيمة مريرة..
كانت بعوضة ترقبني من بعيد مثقلة بدمائي إنتقمت غلى طريقتها الخاصة لأفراد عائلتها الذين أمسوا ضحايا عنفي في يوم حار.