العودة إلى السرداب
|
العودة إلى السردابقصة نعيم الغول |
مما تؤمن به الإثنا عشرية أن الإمام الثاني عشر دخل سردابا ليحضر "النسخة الصحيحة من القرآن ؟؟!" وسيعود . ولا يزالون ينتظرون العودة . وفي العصور الوسطى - المظلمة في أوروبا والزاهية الضياء في بلاد التوحيد - كان كل الملوك الأوربيين يبنون في كل قصر سردابا معدا للحظة هرب من الأعداء، أو ربما للخروج خلسة والدخول خلسة. |
في عصرنا هذا لم نعد نسمع بالسراديب . سمعنا الكثير عن الكواليس ،وعما وراء الكواليس،ولكن لم نسمع شيئا عن أي سرداب حتى انقضت علينا الصور المشؤومة لسرداب من طين، ورأس أشعث أغبر، وعينين مطفأتين ، لا شيء فيهما سوى رغبة بلغت حد الذل في التعلق بقشة الدنيا .
وعرفنا السرداب . ومع معرفتنا به عرفنا أيضا حجمنا الحقيقي.
إذا كنا تجاوزنا المئتي مليون عربي ، وإذا كنا جميعا نعتز بماضينا ، ونعتز بقيمنا ، ونتفاخر بلغتنا التي لا تضم لغة في الكون ما تضم من ألفاظ حول الكرامة والإباء والشرف والنخوة ورفض الهوان والذل والاستكانة للحيف و.. وأمامكم معاجم اللغة العربية قديمها وحديثها لتحصوا عدد الكلمات التي تقول إن العربي مخلوق وفي جبلته الشموخ، وإذا كان لنا دين في كل لحظة يأتي الدليل على انه الدين الوحيد الصحيح الصالح لكل البشر؛ ولكم في سرعة انتشاره، وصموده على مر الأزمان أمام محاولات إطفاء النور المنبثقة من أفواه البوشيين والشيراكيين والشارونيين وزينالعابديين والاتاتوركيين ، ولكم في فلسطين آية حين استعصت العصابات الصهيونية على القوميين، وتآخت مع اليساريين العرب – كما تآخى أصحاب "جنيف " – جاءت السواعد المتوضئة لتثبت أنها الوحيدة المؤهلة لتشفي صدور المؤمنين من نسل عبد الله بن سبأ ، وإذا كان كل ذلك لنا، فلماذا رضينا أن يحكمنا أمثال ابن السرداب المنتشرون في أصقاع الأرض العربية ؟ لماذا سكتنا على قصف فئة قليلة حاكمة لمدينتين ، وإخراجها أهلها بغير الحق ؟ ولماذا سكتنا حين منعت دولة عضو في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي الحجاب في الأماكن العامة وفي الشوارع ، ولماذا سكتنا على احتلال فلسطين والعراق والقواعد الأمريكية التي انتشرت كالجدري في وجه الأرض العربية ؟ ولماذا سكتنا على معاهدات الصلح مع العدو الغاصب للأرض قبل رد الأرض؟ و لماذا سكتنا على ركوب العلمانيين على ظهورنا حتى صار لهم اليد الطولى في " مدونة الأحوال الشخصية " ؟ و ما أكثر لماذا.
علينا أن نعترف أننا لسنا عربا ، فإن كنا عربا – وحالنا على ما وصفت – فخير لنا أن" نلف" العروبة في كفن وندفنها في السرداب ، وننتظر قوات التحالف لتخرجها وتحاكمها على أي ارض تشاء بتهمة السكوت المشين.