مهمة عاجلة

 

مهمة عاجلة

نعيم الغول

 

دون ان يرف له جفن. ودون ان يتلعثم  نطق بالإجابات . بعدها أحس بصورة مبهمة انه ولد من جديد . كان لا يزال  يذكر تلك السنوات التي تركها وراءه  وهو يحضر للإجابة  . وحين كان ينسى،  أو يخشى أن ينسى  كان الدمع الساخن الذي ينزلق على خديه ينبئه أن وريقات الأمل لا تزال خضراء.

بعد الإجابة الصحيحة الثالثة غمر النور أرجاء المكان الذي أحس أن أوله وآخره  صارا مثل أول الكون وآخره . و تلونت الأشياء فجأة أمام عينيه؛فإذا هو منظر يرى نفسه فيه : مياه تشف لك عن آخر قطرة فيها كأنها على صفحتها. أشجار تبدو أمامها أجمل أشجار الأرض عشبا جافا . ورأى انهارا من العسل واللبن ،ورآه يمشي على لؤلؤ ناعم يسيل شعاعه من على قدميه.  أحس المسك يتخلل جسمه ؛فلا يدري إن أصبح هو مسكا . فرك عينيه . ضرب رأسه، وحين تألم أدرك انه لا يحلم  .لم يعد يستطيع ان يواصل ،إذ كان ما يرى اكثر من ان يتابعه بعقله وحسه . وانتفض في داخله فرح ، أحس معه برغبة شديدة في أن يعود من حيث أتى ؛ فالتفت الى  رفيقه الذي يلبس البياض ويتفجر جمالا :

-" هل من عودة الى الأهل والأصدقاء؟

.-" لماذا ؟"

-       " أريد ان أقول لهم ولكل  الناس إني رأيت بعيني الحق . أريدهم ان يتيقنوا مثلي "؟

_ تعود ؟

-       ساعة واحدة فقط  !

قال رفيقه وقد خالط نور وجهه شحوب الأسف :

-        رغم كرامتك على الله ،وكونك من أوليائه في الدنيا والآخرة  . لكن الطلب مرفوض .

-       استغفر الله ولكن لماذا  ؟

-        هل يعود للماء الآسن من بل ريقه بالماء الفرات ؟ وهل يُقبّل الناسُ لحية الولد وقد نتفوا لحية الوالد؟ ثم بماذا سترد حين يتهموك بالإرهاب؟