التداعيات الأخيرة وبعض من الوجع الدائم

أشرف الخريبى

[email protected]

ويدي ممسكة بالمجلة القديمة وجسدي مسترخي في هدوء المتعبين علي السرير الذي يهتز كلما تحركت عليه.  فاعتدل. أبحلق في السطور،في الكلام وأعتدل. كانت كليوباترة امرأة عادية أي لم تكن خارقة كما قيل ولم تكن جميلة،لم تكن فاتنة ولم تكن مُسيطرة كما حسب البعض وأنا واحد منهم.الحكاية بكل بساطة أنه لا شيء علي الإطلاق وزوجتي تعيش وهما كبيرا،تطلب مني أن أعيش فيها ولها وبها وأنا أفعل كل ذلك. وأنام أيضا لجوارها، أداعبها وأناوشها وأناولها حبوب العصبية غير أن البحث أظهر أن كليوباترة كانت ذات أنف أفطس وفك سفلي ناتيء ومحيط الجمجمة 35 سم.والأدهي أنها لم تكن مصرية وإنما إغريقية، ترفل في الثياب اليونانية هذا ما قاله الباحث يا زوجتي. فهل هذا صحيح ؟وأين كل هذه الأساطير التي سمعنا؟ ذهبت مع الرياح. وما رأيناه علي شاشات التليفزيون ؟ خيال مخرجين والمرأة الرشيقة الهادئة. الساحرة ذات العينين الحادتين والنظرة الواثقة الثابتة والشعر الأسود الفحمي المسترسل علي الجبين الذي يضوي كالقمر، أين كل ذلك ؟  طار في السماء.  بيد أن زوجتي ترفض تأخري المستمر وتقريبا كل أصدقائي تطلب مني أن نكون أصدقاء. أنت زوجتي يا مدام، وخطيبتي قبل أن نتزوج، وحبيبتي قبل كل ذلك وأم ولدان يا هانم.    أصدقاء.. ما هذا التخريف. أنت زوجة عاقلة. تحب زوجها ولا تغار عليه إلا حسب الظروف. مضبوط يا هانم. والمجلة سقطت من يدي والجسد المسترخي انتفض وهاج،والروح المهدودة من الحزن والوجع سكنت سكونا خملا.

أمسكت المجلة وفردتها أمامي بقرف شديد جعلت اليد بالتحديد الكف لا تحديدا الأصابع أكثر تحديدا أنامل الأصابع تقلب الصفحة. هناك في الركن.ركن المجلة التى أمامي علي مرمي البصر.امتداد البصر.المجلة وكليوباترة والبحث الذي عراها من خيال المؤرخين وذاكرة التاريخ، كنت ألملم أطرافي وأعتدل أبحلق في الفراغ في المساحة المضاءة في لمبة النيون، في تجويف السقف الأبيض.

 علني ألمس شيئا. غير أن زوجتي كانت قد دخلت الحجرة، لم تدق الباب لم تقل احم، لكنها اقتحمت المكان عُنوة. هي زوجتي ومن حقها أن تدخل في أي وقت وتخرج بعد أن تلقي بعبارة واحدة كافية لإغاظتي ثم أن هذه غرفة نومها حجرة نومي نومنا. حجرة نوم مشتركة، بعد مباحثات وتباحث استمرت مالا يقل عن ألف عام من وجهة نظري، فتحت خلالها كل الأدراج رفعت الملاءة، دخلت تحت السرير، واختفت تحته وتحتي.تبحث عن شيء ما !!!!هي التي كانت تبحث، كنت فوق السرير والمجلة في يدي والبحث أمامي وكليوباترة في دماغي، زوجتي تبحث عن شيء لا أعرفه ولا أود أن أعرف.رأسها خبط في السرير أنا قلت آه.. تعاطفت مع رأسها بالطبع التي انهبدت في الخشب بكت زوجتي لا لم تبك ولكنها كررت الأه... ممطوطة طويلة ضحكت أنا وكررت الآه..ومعها يا عيني هي قالت آه يا دماغي وأنا قلت آه يا عيني.خرجت زوجتي من تحت السرير مُقطبة الجبين وممسكة برأسها كانت ملامح الوجه منحرفة عن وضعها الطبيعي.كتمت نهنهات ضحكة في حلقي كادت تخرج منفجرة،لكنها وبعناد طفوليّ كانت قد صعدت فوق الدولاب تشقلبت مرات بضجر ومرات بقرف، لخبطت كل الأشياء فوق بعضها ثم قفزت بنفسها علي الأرض غاضبة هرشت في شعرها متفكرة نظرت ناحيتي.كنت قد جلست منتظرا  أعادت نظرتها عليّ بمرارة،بغيظ لكنها خرجت، أقفلت الباب بعنف حذرت نفسي من الوقوع في الغلط فيها وفي أهلها الذين أحضروها إلي هنا.ولما اهتز السرير حين اعتدلت عليه حاصرتني الخديعة وخادعتني أحلام اليقظة المستهلكة، وجه كليوباترة المرسوم بعناية شديدة كان في ذهني يهتز يتقلص يتوارى وأنا أحاذر/ أحاذر ألف مرة من الحذر ولا فائدة زوجتي تخبط في الأبواب والشبابيك وتتفوه بعبارات غير مسموعة تماما ترغي وتزبد وتلعن أشياء وهمية في رأسها المصاب بكدمة الألواح الخشبية كنت أستمع في أنة وصبر، زوجتي تريد أن تكسر رأسي وأنا أريد أن أفقع عينها لكل منا ميوله العدوانية نحو الأخر.ولما كنت قدامها وقفت وهي قدامي واقفة متنمرة متحدية منفعلة لم أكن أملك ساعتها إلا ....قلت لنفسي أنحبس في زنديك، انحبست وحاذرت، ضقت من رغبتي في ضربها تفلت علي الشيطان الرجيم مرات عديدة، لكنها أصرت هي التي.....ثانية.ثانيتان.. دقيقة كاملة ترغي وتعرفني واجبي كزوج.في السماء طارت في الهواء ارتفعت كفي..... يدي هي التي.ارتفعت لأعلي ثم إلي أسفل في أقل من الثانية.نصف ثانية كانت أصابعي مُستريحة فوق الخد المهتز أمامي في تحدى لأصابعي المشدودة ذلك الخد الأسيل، الخد الأحمر...

يابن ال......أصابعي كانت لم تزل مشدودة فارتفعت في ثانية لا تزيد وسقطت..فوق الخد الثاني.......وقلت كلاما ليس له معني، هي صرخت ولعنت الأيام السوداء والبيضاء وبالتحديد اليوم الذي أحبتني فيه. سالت الدموع بغزارة وتدحرجت عبر الممرات التي صنعتها أصابعي. احمرت العيون وكثرت أمخطة الأنف.زوجتي وصلت لحالة لا يمكن السكوت عليها بدأ لسانها يتعود علي أشياء فارغة. أجلس معها أتحدث... يا سلام خليني صديقة.. ها.اذا سوف أحكي لك..ها. ها.صديقة.زوجتي" تهزر "معي قلت لها ألف مرة أننا أزواج أي زوجان كل منا زوج للأخر وهذا أقرب وأحسن وأروع أيضا.هي نظرت إليّ ولم تقل شيئا. أمسكت المجلة بطراطيف أصابعي وتمددت على السرير، وقعت فريسة القلق والتوتر والارتباك ،لا أنا ولا أنت ولا أي مخلوق في هذا العالم يستطيع أن ينقذني مما أنا فيه. الفعل نفسه -القدرة علي أن تفعل هي قدرة والمقدار يوازي الكتلة. وبدأت تخرف يا عبد السميع ...وعيوني التي تود أن تنام مرة واحدة تنام... حين اختفت دموعها. قبلتها فوق الخد الأسيل المحمر. لكنها ابتعدت وأزاحتني بيدها.عدت وقبلتها في جبينها سقطت منها دمعتين من كل عين دمعة ثم أنها أجهشت في البكاء.تركتها قليلا وعدت وقبلتها في رأسها زامت وامتدت شفتيها شبرا للإمام. فقبلتها فيهما قبلة طويلة حتي أنها دفعتني بيدها  لا.ت...: حاسب.. لا

لقيتني علي السرير جسدي مسترخي في هدوء المتعين, وحين اهتز السرير لم أعتدل كانت المجلة في يدي

متشابهان.....مدينة بالمكسيك معكوسة      آلة نفخ. متناقضان

ولما تجاوزت كل حدود الممكن في السيطرة علي نفسي بعدما حطمت وجه كليوباترة المرسوم بعناية شديدة في دماغي. كسرت كل حدود الود فيما بيننا. رأسيا – ودود معكوسة – شجر البلح –نصف بيضة.

زوجتي مدت يدها لشعرصدرى بتثاقل شديد وشهقت شهقة طويلة، خبط علي زندها متسائلا عن سياسي وأديب إنجليزي قديم.رفعت نصف عين ونصف حاجب    وقالت: أطفيء النور.