التدخل القولي بديلا عن السرد (الفراغ) تجريبا
التدخل القولي بديلا عن السرد (الفراغ) تجريبا
صالح جبار محمد الخلفاوي
الفراغ – 1
متى تقضم تفاحة ادم .. تهبط في شرنقة الرجم ويمضغها الفراغ , يلوك أحلامها الغافية على عتبات التمني .. من حيث تأتي تعود , حاملة حقائب اليد ببدنها الممتلىء , وقوامها القصير ..
مسكونة بمظاهر الفزع , يتمطى عند أول تصادم الى غضب لايحتمل . تخوض في اللاشيء , بوعي مبهم , تصنع لنفسها وليمة الشك لتمارس عدوانيتها المقيتة ..
تزرع الخواء, الذي تعانيه وتحسب أنه الامتلاء . يتشتت في بوصلة الانفراج عهر الخطيئة . من يوصد باب اللاشيء .؟! ويجمع حبات الاكتراث في حقيبة التمنيات ..
ععطر اللاوعي , يضمخ فجر الفجيعة , حين تستحيل , خانات الخلوة , الى رماد , تذروه الرياح , على امتداد , البصر الخابي , في محجر العيون الوقحة
من حيث تأتي لاتعود والصمت نافورة السكون .. يمسك عصب التداعي , حتى لاتسيح , في ذروة الانفعال ...ويفكك طلاسم الجوع القديم ليشي بأنواع النزق المنهار , تحت وطأة الحاجة الملحة .
وقارورة الصبر فاضت , لتنوء بثقل الخواء .. وتنفجر كل المعالم , ضاعت التضاريس , هزل بدنها. وتشظت ولائم عدوانها راحت تستجدي العتبات المترامية , علها تحضى , بموطىء قدم وتعود ..
تعرت قدماها من فرط, التجشم في المسافات وتسرب الوجع , بين الإضلاع , لينبئ عن نفاذ الصبر المتكور في صفحات الهم المتراكم عند حافات الروح المتهاوية تحت عصف الوله ..
من يعيد اللحظة الماضية..؟!
خابت كل الآمال المرجوة , ولم ينفع التدافع , نحو وليمة التصالح..! بقيت حائرة كأنها تقف بين فكي أفعى .. والافاعي حين تلدغ لاترحم الملدوغين ..تفز في طريق ( الصد ما رد ..) تحملها نتانة التودد للماضي السحيق درب القهقرى وعر , تسلكه بخذلان , تجرجرها فضاءات العدم تعود الى أول المشوار.. لزوج عافها ويتركها زوج مل عشرتها.. خالية الوفاض , ليس سوى سلة التوسلات .. تلقيها تحت قدميه فقد تعبت , وكابدت مشقة التأرجح , بين مدن , خاضت مع ناسها , لقمة الحرام ..
فكرت بلحظة التصادم , كانت ساعة أتقاد .. أفقدتها التوازن , شعرت بهشاشة موقفها, رغم قسوة الكلمات التي تطلقها وبصوت شق فضاء السكون المطبق ..
تزدريه بألفاظها .. لكنها تخشى صمته .. فقد كان شامخا , دون أن تهتز عروقه .. وعيناه تلسع اضطرابها المدمن في ارتجاف الفوضى العارمة , لم يكن مثل الذين صادفتهم
أساءت اختيار الوقت المناسب , ظنت أنها بفعلتها .. تكسب الجميع , تفرق الجمع , وظلت وحيدة , وسط نجيع صلا فتها .. ساحت في فراغ موحش , لم تعد تسمع , سوى صدى نحيب رجعها .. المتلاشي في أعضائها المرتجفة تحت ركام الوهن .
تحاول الاتصال , بمن تعرفهم .. لكنهم أوصدوا أبواب التواصل , ولم يشأ احد أن يعرف , ماذا يحصل بعد ألان . فالريح تصفر , عند أعتاب , الجرح الذي مافتئ , يهمي دوائر من وجع ..
أختبئت في بريق زيفها ...تماطل مع نفسها المشروخة , في خيالات المسكنة ... عسى أن ترضي , من تلتقي به وتكشف تعرضها لعطب أصاب مسارها . وتنتظر الفرج المأزوم , في فراغ روحها..
الفراغ – المربع الثاني
طوق ألاسورة يحيط بمدى التوق نحوالولوج الى عالم الطمأنينة .. التأوهات تحرق صدري والناس تعيش في بهرجة ألاشياء لاغير التماع زائف يحاصرني كم أتمنى الهرب الى النفاذ الذي لاتطاله يدي وشم يصرخ في مساماتي أنين يسكن سفوح حنيني وأتساءل :
من يستطيع أن يدحرج صخرة بأمنية ؟ من يوقظ قبرا بصرخة ..؟هنا يحل النزع ألاخير لترنيمة الوداعة ..
أكتب على جدران البرد (تضيء شموسي ) وينحت في جوف ألامل صورة لعالم لفه الخراب فيا للتداعي الكل يبحث عن الانفلات والهروب لضفة الزيف أريد أن أنأى عن وهم القش تحاصرني الاسئلة ؟ وتضرب حولي أستارا من الوجع المضني لأنهم لا يد ركون سر الهاوية فهم يتدافعون حول الحفرة المهلكة ..
يجب أن أضع حدا للمهزلة فليس كل ما يتمناه المرء يدركه هكذا نطقت الحكمة .
حدثتني معالم أختفت الى الابد عن خضاب أقطفه من خضرة يانعة وأريج فواح في عنفواني الجذل التائه في محرقة ألاخرين ...
حوار خافت كدفىءمواقد الفحم في ليالي الشتاء مرثية تنافق حواس الاكتراث الانانية تمشي في طريقي كعربة امنيات أضع أزهار الادمان على تاج قلبي أهفو لحلم علقته في ركن خلي ليسدل عني مهرجان الضياع من يرى البناء الشامخ يذوي يحزنه تدافع الانهيار ومن يعش وسط الحقيقة يهرب من أتون الأساطير...
لقد عقمت أنوثتي جراء أحباطاتي شيىء يوقظ داخلي عري الهزيمة ومذ عرفتك كنت أثمي الذي أبوأ به في وهج السهرات الخابية
وحدي في الظلام ألعن ضعفي حتى تألفت مع ألاثم وأختلطت بعظمي دماء ك فصرت عروقي المنبثة في مشاعري المدنسة ولدت كائنا جديدا يحيا على صوتك يشتاق لآلق السهاد في زحمة عينيك المتعبتين من حلم يفيق على شهقة النسغ حين تمتص رحيقي
يحاصرني حبك كرداء السهرات الصمت المتعب ولهف ألانتظار قائمة طويلة من الرغبات الممنوعة ووحدك تأسر وجيب قلبي أسمع صوتك في صحو ذاكرتي:
هل يجب أن افصح ..؟
تمنيت لو أنك تفصحين ..
في حفلات التتويج وعلى أصوات المحتفلين راياتك تغمرني لأني وجدت فيك سر ضياعي تساءلت عن ليالي الجذل المنسابة على صفحة عمري الهاربة أسمع صوتا في نقش مخيلتي :
كم يأ سرني عشقك ..يارجلا تشظى داخلي مرايا ...
الفراغ – المربع الثالث
من تناسل الاحزان ولدت ورما في خاصرتي كنت وثن خرافي ينبع ألم يهمي بلا أنقطاع جعلتك تعيشين مترفة في شرفات يتثاءب الكسل المبهم فيها رغم انك زرعت داخلي أبجدية خوف ينمو في وريد مسائي المشبع هما . وتخبو مساحات الامل حينما حسبتك حبات قمح على سويق قلقي المترع وجلا .
صمتك يرشح لحنا يخترق ذهولي المطبق فقد عرفت أنك تخفين عني شيئا .. لذا كتمت أنفاسي وحصرتها في زاوية مظلمة لأن اعواد ثقابك مطفئة .
من يكسر زجاج الصمت وعقلي مجفو بمرارة الاحساس , وانت منغلقة على افعال تحاصرني بلاهوادة .. صار حبنا أجترأ فلملم اليباب خجلي بعدما جاوزت العقد الخامس فمن يشتري مني صحوة الخريف ؟
فتركتك عند أخر مصباح يهمي تعبا على الرصيف الذي تعارفنا فوقه , وبعدها أنحنى ظهري , لكن أشتياقي أليك ظل كسرب يحتوي عصافير الفجيعة .
أصحو من جديد على بئر أحزان ينقاد عنوة لأنينك الموجع والمنساب عبر زمني الاخرق ليوقد فوق الضلوع شمعة تكشف أني زوج مخدوع .
الفراغ – المربع الرابع
أيقنت أنك ملاك فتحت لك قلبي فابحرت وأهديتيني نظرات أشعلت أحراش جوفي فنسيت أوجاعي وكانت عيناك بؤرة من نار لسعت عظام جمجمتي فحسبتك دافئة كشمس الشتاء وأمرأة من كريستال .
لكني في العيد أكتشفت ضحكاتك مع المحتفلين حينما رقصت للحب ألاجوف وعري الكلمات الوقحة لاتتوقف عن النزف الماجن وبقي جسدك متشرنق بحبال الشهوة فمضيت ولم يعد هناك ما يجمعنا .
تحاولين رسم طلاسم لي حتى تتوقف عندي أفة الظنون ولم تعد تنفع تعاويذك لقد فككت رموزك العصية فقد تجرأت ودست على ندوبي المتكورة فوق عشب لقاءنا فلا تنحري قرابين النذور لأن وليمتك الفاخرة صحت على حشرات العالم السفلي .
لاشيء يوقف هدير صخبي فأن عوالمك نزق بلا أردية حياء وملمسك الناعم ما عاد يغري شباك روحي . أحجار أفكاري السوداء ترسبت في قيعان حجرات القلب .
أطوي أوعية التمائم على غابات روحك المتوحشة التي وطئتها أقدام الغرباء لم يعد صوتك ينفذ الى بقاع قبلاتنا الباردة .
نضبت ينابيع الجفوة وجرحي فاغر فمه وعرفت أن لا أثم بلا خطيئة .. صار زادي حنظل ودثاري جمر يجرجرني نحو خواء مهترأ لاأيقن أن الزوج الثاني في أنسحابه الاخير لايتمرد على السرير الخاوي .
ملاحظة مهمة من مختبر السرد العراقي :
من يكمل المربع الخامس بتداولية منجز مختبر السرد العراقي هي دعوة لكل المهتمين بالسرد بتفاعلية تتناسب مع المربعات بنصوص توليدية تنجز من خلالها تقاطعات
للشخصية المركزية مع عوالمها المتمددة باتجاهات تجمع اصرة الشخوص ضمن سرد مناسب
مع قراءة نقد الاستاذ اسماعيل ابرهيم عبد لتكوين فكرة ناضجة عن العمل
مختبر السرد العراقي
التدخل القولي بديلا عن السرد ( الفراغ)تجريبا
إسماعيل إبراهيم عبد
يمارس القاص( صالح جبار محمد) مناورة شبه سردية بفاعلية نوعين من الاشتراطات الاسترجاعية والاستتباعية وهما نمطان لهما أثر واضح على نهج القاص فالسؤال متى تقضم تفاحة أدم هي رجوع إلى ذاكرة يقينية لاستفهام واستعلام (خطأ) ما بدأ وأستمر في بدئيته حتى لحظة كتابة النص بما يفرعه من ماضويته .
فهو .. هوة هروب نحو امتلاء (مشبع ) إن وجب العيش في صورته دون تجسيده أي في ( شرنقة الرجم , وعتبات التمني .)واهم ما يتسم به الشرط ألاسترجاعي للمظاهر الحراكية التالية :
الفزع , الغضب , الشك .. وهي مؤديات لها حرية الغور في سادية تعذيب الذات ... ويمكن لهذه الاسترجاعية أن تحيد الزمن وسطوة التوضيع فهي تشبه اللحظة المؤرخة ضمن ازاحية متحركة لذا فهي يمكنها أن تضخ اناها في لظى اللاشيء أو )تزرع الخوار , وتحيل العطر رمادا يفجع العيون الوقحة )
كما أن من مهمة هذا التوظيب التظليلي لشبه سردية الفجيعة أن يرمد اللحظة لتصير حالة نفسية تقدس أيقونة النشوى في التوجع المستخلص مظهره ب( فيضان قارورة الصبر , وثقل هواء , وضياع تضاريس , ثم هزال بدن , وولائم عدوان , واستجداء عتبات ثم رجاء اللاجدوى ) وهذه النشوى تستوجب ترتيبا ذاكراتيا خاصا من المفيد أعادته بالتشكيل التالي أماما لمقلوبية الانثيال القولي :
( وله عاصف راكم الروح عند حافة هم متكور تحت شغاف صبر حفظ في قارورة كي يستدرك توجع الأضلاع ويمنع تعري القدمين وبذا يلغي المسافات بين الذاكرة والوقيعة)
وما كان اشتراطا استرجاعيا صار شرطا أوليا لشبيه السرد ليواصل تبعاته اللغوية والحديثة ويوصل منافذ الانفتاح السابق إلى عتبة جديدة تعطيه منطقية ذلك العصف المفرغ من ( محتوى زمانه ) ومن اللفظة الأولى لسؤال ( من يعيد اللحظة الماضية ) ينبه القاص إلى أنه لن يعيد اللحظة بل يستعديها إلى زمنها اللاحق بالذات التصويرية والموضوعية فهي لحظة الاستتباع المتصاعد روائيا الذي راكن قوانينه وفق سبع حالات بديمومة تدرج شبه منتظم .. وهي حالات تمتلىء بالمكنونات الاحالية السابقة ..
أما ما يشي بهذا الاستتباع ذي التواصل القولي فهم الشخوص ( الأنثى , الزوج , الجمع) وهم منظمو الاستتباعية وليس غير . فلا زمان ولامكان ولاوصف لهم .. أذن ظلت الاستتباعية تتخذ من قوة الانثيالية في الاسترجاع السابق إليه لاحقة لإكمال التراكن الحدثي شبه السردي : لنلاحظ الحالات السبع :
1_ تفز في طريق ( الصد ما رد )
2_ تجرجرها فضاءات العدم تعود إلى أول المشوار
3- فكرت بلحظة التصادم , كانت ساعة اتقاد أفقدتها التوازن
4- عيناه تلسع اضطرابها المدمن في ارتجاف الفوضى العارمة
5- تفرق الجمع – ظلت وحيدة وسط نجيع صلافتها
6- تحاول الاتصال بمن تعرفهم .. لكنهم أوصدوا أبواب التواصل
7- أختبأت في بريق زيفها ..وتنتظر الفرج المأزوم في فراغ روحها
هذه الحالات السبع تتصل مع بعضها بمكمل تبعي .. فالفقرة الأولى تكتمل في مضمور اللاحقة (تحملها نتانة التودد للماضي السحيق ) والفقرة الثانية تشتبك ذيليا بالتالي من الصورة ( خالية الوفاض , ليس سوى سلة التوسلات ) والفقرة الثالثة تنتشر مؤولاتها في تشتيت اللاحقة التالية ( شعرت بهشاشة موقفها رغم قساوة الكلمات التي تطلقها ) أما الفقرة الرابعة صارت تغطية ذاتية متقدمة على دالتها اللاحقة ضمن المقطع الجملي التالي :
( لم يكن مثل الآخرين الذين صادفتهم ) فيما اتخذت الفقرة الخامسة من نفسها لاحقة متأخرة لمقدار تدل عليه
( أساءت اختيار الوقت المناسب , ظنت أنها تكسب الجميع ) وهكذا تمهد للفقرة السادسة أن تحيل ذاتها إلى خيار قولي للانفتاح الحدثي في ( الريح تصفر عند أعتاب الجرح ) وعكس أن نتوقع جملة حدث اتمامية تلحق الفقرة السابعة سنجد ثلاث جمل حوارية برقية بين طرفي الذات والانا في الفقرة أعلاه لتغدو الجمل لواصق كولاجية تتوسط بين بدء الفقرة ونهايتها هي :
( جملة : تماطل نفسها + جملة : عسى أن ترضي من تلتقي به + جملة : وتكشف تعرضها لعطب أصاب مسارها )
وهذا التراكم الذيلي يضاف إلى ذلك الترتيب السباعي . هذه التشاكلية بين قوى الاسترجاع وقوى الاستتباع والمقيمة حدودا من التدخلات تعني أن القصة تحتوي الفراغ فلسفة وجود موضوعي حدثي نفسي دون أن تهتم بقوى السرد الاعتيادية ..
وأهم مافي تجربة القصة أنها قلبت المعادلة الهيكلية احتوت الفراغ بالبدء عنده لتنتهي بالإفراغ عنه لكن بصيغة وفاعلية الانثيال والتراكم الصوري القولي تعويضا عن السرد المتعارف عليه.