ورطة عُمُر
قال له الزمن إحترس من إيحاءات قلبك فقد تجُّرك إلى مغامرة لم تعد كفءاً لها فرد لست مكترثاً لقلبي إلا أن يشير إلي بعارضٍ قد ألَّم به فهو ما عاد يخفق إلا لتعداد ما تبقى من العمر ، لكنه لم يدرِ ما كان مخبوءاً له في عباءة الأيام القادمة إلى أن أوقعته الصدفة فيما لم يكن يحسب له حساب عندما تلقتها عيناه بدهشةِ الحرمان مما كان يشتهي و إستشار عقله فأوحى إليه بأن لا تتصرف بما يُعاب عليك ، فسكن إلى ما أشير عليه و تراجع بانسحابٍ مغمض العينين ، ظاناً أن الأمر إنتهى عند ذلك التصرف العقلاني ، و مضت أيام و شهور جعلته ينساها أو هُيئ له أنه قد نسيها ، و بدون توقع لما سيحصل وجدها تتصل به تسأله أعرفتني ؟
فارتبك و رد بحياء يغالبه فرح كان مختبئاً في زاوية قلبه ، نعم أنت فلانة ، سألته لِمَ هربت مني و تخليت عني بعد أن إرتحت لك و قد مررت بظروف صعبة إفتقدتك فيها لتكفكف دمعي و أنت الأجدر بذلك ، رد عليها : إن سني إختطفني من حماقة قد تُخل توازني فانسحبت مع أني أميل إليك بشغف . إستمتعت بما صرَّح لها و بادلته شعوره بحماسة لم يكن يتوقعها ، فعادت الشعلة الكامنة تحت رماد الحياء تتوهج مرة أخرى مما جعله يتهرب من محاكمة عقله لما يجري و لأنه لا زال يعرف الكثير عن فنون العَوم فقد قرر السباحة إليها غير عابئٍ بمخاطر الغرق في مياه عشقها و غرق و غرق مستعذباً الغرق و المفاجئة الصادمة أنها رفضت أن تكون له كما يشتهي منها قولاً و فعلاً ، و هنا وجد نفسه قد تاه عن طريق العودة و عن الاستمرار في العوم إلى شاطئها و زادت عليه الضغوط من تأنيب عقله لأنه أهمل الركون إليه في بداية الرحلة و ما العمل لقد إحتلت كل ما فيه و تملكت عليه جميع حواسه إحتجزت عينيه بجمالها و سمعه بطلاوة صوتها و رئتيه بعبق عطرها و عادت تؤكد له أن لا يتجاوز ما سمحت له به .
و وقع في حيرة من أمره أينسحب ؟ و هو لم يعد يملك من أمر نفسه شيئاً أم يتقبل الرهبنة في معبدها إلى نهاية العمر مكتفياً بكلمات الغزل التي يسمعها منها و يبادلها قولاً بقول ؟! ثم يجد نفسه و قد ضاع منه الحلم و خسر الواقع . و تاه في تلافيف قوقعة العزلة التي فرضها على نفسه .
وسوم: العدد 720