ثورة
قصص أقصر من القصيرة (13)
بعد أن يَئِسَ أصدقاءُ الزعيم وشعبُه، من صِدْقِهِ في الحكم بالعدل والحكمة والقسط بين الناس.. اجتمع بعضُ المتذمِّرين في بيت (حامد)، ليقرِّروا ماذا يمكنهم أن يفعلوا، لوضع حَدٍّ للظلم والقهر اللذَيْن يعاني منهما أبناءُ الرعيَّة.. وبدأت المداولات والحوارات:
- قال (عابد): كل المشكلات تقع على عاتق كرسيّ الحكم الذي يجلس عليه الزعيم ويتشبّث به!..
- أجاب (حامد): فالحل إذن أن نَحُولَ بينه وبين الجلوس على عَرشِه!..
- علَّق (طاهر): فكرةٌ رائعة، لكن كيف؟!..
- (حامد): نُحضِرُ مادةً زَلِقَةً، وندهن بها كرسيَّ الزعيم ليلاً، فإذا جاء صباحاً ليُلقي خِطابَه اليوميَّ على الشعب.. انزلق عن عَرشِهِ!..
وافق جميع الحاضرين، وتسلّلوا إلى القاعة العظمى، ودَهَنوا عَرشَ الزعيم بمادة (التيفال)، ثم خرجوا!.. لكنّ الزعيم قَدِمَ في اليوم التالي وجلس على عَرشِه وألقى خِطابَه وتعليماتِهِ وأوامرَه التعسّفية كالعادة، من غيرِ أي انزلاقٍ أو عارِض أو حادث!..
اكتشف الأصدقاءُ أنّ مادة (التيفال) التي استخدموها كانت صناعةً وطنية، شُيِّدَتْ في عَهدِ السيد الزعيم.. فقرروا استخدام مادةٍ غيرها تَفِي بالغرض، ثم تسلّلوا إلى القاعة العظمى، ودَهَنوا العرشَ بزيت الزيتون الأصليّ!..
في اليوم التالي.. انزلق الزعيم عن عَرشِهِ، لكنه نَجَا على بُعد سبعة أمتارٍ من مكان جلوسه، واستطاع الوقوف والعودة إلى عَرشِه مُتَأبِّطاً مُكَبِّرَ الصوت، مُتَابِعَاً خِطابَه وأوامرَه، التي ازدادت تَعَسّفاً وظلماً هذه المرة!..
قرّر الأصدقاء تحطيم العَرشِ بشكلٍ كامل، كي لا يتمكّن الزعيم من الجلوس عليه مُطلَقاً.. لكنّ الزعيمَ حين فوجئ بكرسيّهِ محطَّماً.. قرّر أن يُلقيَ أوامرَه الظالمة اليومية وهو واقف، متشبِّثاً بإحدى خَشَبَاتِ العَرش!..
بعد أسبوعَيْن من الاجتماعات والمداولات والحوارات.. اقتنعَ الأصدقاء بأنّ المصيبةَ ليست في العَرش، بل في الزعيم الذي يجلس عليه.. فقرَّروا اقتلاعَه، وإزاحتَه نهائياً عن الحُكم!..
بعد ثلاث سنواتٍ وتسعة أشهر، من التخطيط والتنظيم والتنسيق الذي قام به الشباب الأصدقاء.. خرجَ كلُ أبناء الشعب، في وضح النهار، إلى الشوارع والساحات العامة، مُعلِنين العِصيان، وأسقطوا حُكمَ الزعيم، بعد أن قبضوا عليه عندما كان واقفاً يُلقي أوامرَه القَمعيّة في قاعة العَرشِ العظمى، ثم حاكَمُوه وعَاقَبوه مع أركان حُكمه وعصاباته.. وانتخَبوا من بينهم حَاكِماً عَادِلاً للبلاد!..
وسوم: العدد 736