دول الفيتو ودولة إيران ودول الخليج تدير صراعاتها من أجل مصالحها على حساب شعوب عربية بائسة
لقد بات الوطن العربي سيء الحظ ،بل صار حظه هو الأسوأ في العالم ،لأن أقطاره استباحتها دول لها مصالح في استباحتها ، وعلى رأس هذه الدول دول الفيتو التي أقامت قواعد عسكرية لها فوق الأرض العربية ، ونشرت قواتها فوقها ، وهي تحرك أساطيلها البحرية قبالتها مهددة ومتوعدة في كل وقت وحين . ومعلوم أن نفقة كل ذلك يدفع من مقدرات وثروات الأمة العربية التي تعاني نسب عالية من شعوبها الفقر المذقع ، والبطالة ، والجهل ، والأوبئة الفتاكة التي لم يعد لها وجود في كل مناطق العالم إلا في الوطن العربي ، وهي تحصد أرواح المواطنين العرب بالملايين . وعوض أن تصرف ثروات الوطن العربي في محاربة التخلف ،والفقر والجهل، والمرض ، فإنها تنفق في شراء الأسلحة لتدميره من أجل حصول دول الفيتو على صفقات إعادة بنائه بعد صفقات أسلحة تدميره . وغير خاف أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي اندلعت سنة 2008 والله أعلم متى ستنتهي، هي التي حركت دول الفيتو لتعيث في الوطن العربي فسادا ، وتشعل فيه الحروب الطاحنة لتسوق أسلحتها المكدسة في مصانعها ، ولتخلق فرص شغل في بلدانها لمواجهة آثار الأزمة الاقتصادية الخانقة . وتسويق الأسلحة معناه تدمير بلدان الوطن العربي من أجل توفير فرص شغل من خلال صفقات إعادة إعمار ما دمرته الحروب .
ونظرا لكون الشعوب العربية شعوبا مغلوبة على أمرها ،لا تقوى على مواجهة أنظمتها الخاضعة لدول الفيتو التي تملي عليها السياسات والقرارات وفق أجندات ، وهي أنظمة متورطة في مؤامرة تخريب الوطن العربي مقابل الاحتفاظ بالسلطة ، فإن دول الفيتو تمادت في تدمير الوطن العربي وابتزازه شر ابتزاز . وتدير دول الفيتو مسرحيات هزلية في مجلس الأمن من خلال لعبة الفيتو ، ولعبة نقضه هو الآخر من خلال اتخاذ قرارات باستعمال القوة دون إذن من هذا المجلس الذي لم يكن في يوم من الأيام منذ إنشائه مستقلا في اتخاذ قراراته بسبب الفيتو الذي يعطل من هذه القرارات ما يحلو له متى شاء وأنى شاء . ومقابل استخدام الروس الفيتو من أجل مصالحهم في منطقة الشرق الأوسط ، وليس من أجل النظام السوري، لأن التجربة أثبتت أن دول الفيتو مستعدة للتضحية بالأنظمة العربية التي تخضع لها ،والتي تخدم مصالحها عند أو فرصة إذا ما تعارض وجودها مع مصالح تلك الدول . ومن الهزل التصديق بأن الأنظمة العربية ترتبط باتفاقيات ومعاهدات مع دول الفيتو تحترم ، ولا تنقض إذا ما تهددت مصالحها . ومعلوم أن الشعوب العربية هي التي تدفع الثمن باهظا بسبب مصالح دول الفيتو ، ذلك أنه لو أحصيت أعداد ضحايا الحروب الطاحنة، لكانت الأرقام القياسية وأرقام جينز بحوزة هذه الشعوب . ولو قدر حجم الدمار بسبب الحروب في العالم لكان العالم العربي هو أكثر بقاع الأرض دمارا ، ذلك أن هذا الدمار يشمل اليمن والعراق وسوريا وفلسطين وليبيا ، وليست باقي الأقطار العربية بمنجاة منه خصوصا مع وجود ما يهدد الأمن والاستقرار فيها بسبب الصراعات السياسية بين أنظمتها ، وهي صراعات تحرض عليها ، و تذكي نيرانها، وتسعرها دول الفيتو من أجل مصالحها في هذا العالم العربي الذي صار رعاياه كالأيتام في مأدبة اللئام كما قال القائد المسلم فاتح الأندلس طارق بن زياد رحمه الله تعالى .
وبسبب هذه الصراعات بين الأنظمة العربية، توشك منطقة الخليج على الانفجار في كل وقت بعدما بلغت الحرب الكلامية بينها درجة غير مسبوقة ، وهي الدول التي كانت ترفع شعار دول مجلس التعاون الخليجي يا حسرتاه ، ولم يعد بينها تعاون، ولا تقارب، بل أغلقت الحدود فيما بينها جوا، وبرا، وبحرا . وفتحت جبهة صراع إضافية مع اليمن الذي كان من المفروض أن يكون عضوا في مجلس التعاون الخليجي بسبب وضعه الجغرافي ، وقد صار بلد صراعات طائفية كما هو الشأن في العراق وسوريا بسبب التدخل الإيراني .وتوشك الحرب أن تندلع بين مصر والسودان، وهو البلد الذي مزق كل ممزق ،و لم يستتب فيه الأمن منذ عقود . وطبول الحرب تقرع بين المغرب والجزائر منذ عقود كذلك ، وقد زادت حدتها في الآونة الأخيرة . وليبيا تحولت إلى دولة مماليك متطاحنة في ما بينها .
إن هذا الوضع المأساوي في الوطن العربي من تدبير ، و صنع دول الفيتو لضمان مصالحها ، وهي مصالح متوقفة على إضرام نيران الحروب في هذا الوطن البائس ثم إعادة إعمار ما دمرته الحروب .
وأكثر شعوب الأرض تشريدا فيها الشعوب العربية التي صارت تغادر أوطانها بسبب الحروب في شكل هجرات يمكن تسميتها بالهجرة العراقية ، والهجرة الشامية ، والهجرة الليبية ، والهجرة اليمنية . وصارت الجماهير العربية المهاجرة فرارا من الصراعات الدامية تمتهن الكدية والتسول في أقطار العالم وتتجهمها شعوب الأرض مع أنها أغنى شعوب العالم لما يتوفر عليه العالم العربي من ثروات نفطية هي التي تدير عجلة الاقتصاد العالمي ، وعليها يتوقف ، و هي التي تصنع رخاء دول الفيتو الغازية هذا الوطن والمستغلة له أبشع استغلال .
واستغلت دولة إيران الشيعية الرافضية تفكك الوطن العربي لتكشف عن أطماعها فيه ،لأن دول الفيتو التي غزت العراق ،ودمرته ،أطلقت يدها فيه ، وقدمته لها هدية على طبق من ذهب . وتعتمد دولة إيران كأسلوب للتوغل في أقطار الوطن العربي على عقيدتها الشيعية الرافضية ، وهي عقيدة عنصرية طائفية ، تعتبر كل من لا يدين بها خارج ملة الإسلام ،بل أكثر من ذلك تحمله مسؤولية ما تسميه اغتصاب الخلافة بعد وفاة نبي الإسلام عليه السلام من آل بيته الكرام رضوان الله عليهم ، و تحمله مسؤولية مقتل الإمام الحسين رضي الله عنه . ويقوم عمائم السوء في إيران ،وفي العراق، وفي لبنان ، وفي اليمن بتلقين الحقد الأسود ضد من لا يدين بعقيدة التشيع لأتباعهم من السذج المستخف بعقولهم ،والذين تستغل عواطفهم المندفعة ، والذين يصدقون خرافاتهم وأساطيرهم وترهاتهم المثيرة للسخرية، والتي باتت مواضيع تندر عبر وسائل التواصل الاجتماعي في كل أرجاء الوطن العربي . وباسم هذه العقيدة الفاسدة تجيّش الميليشيات لتقتيل الأبرياء باسم الانتصار للحسين، وهو منها ،ومن جرائمها براء، وحاشاه أن تنسب إليه، وهو سبط النبي الكريم عليه السلام . وتعتمد دولة إيران سياسة تهجير من لا يدين بعقيدتها عن طريق العنف، والترهيب، وارتكاب الفظائع من أجل إحداث تغيير في الجغرافيا البشرية في العراق وسوريا واليمن ،لتتحول الجغرافيا الطبيعية في هذه البلدان إلى مناطق نفوذ تابعة لها ، و ضامنة لمصالحها الاقتصادية تماما كما هو الشأن بالنسبة لمصالح دول الفيتو .
ولقد وجدت دول الخليج التي ترتبط بدول الفيتو في التهديد الإيراني لها و للوطن العربي ، وهو تهديد حقيقي يشهد عليه الواقع على الأرض ذريعة لاستقدام قوات دول الفيتو و الاستعانة به ، والسماح لها بإنشاء قواعد عسكرية ، وتنفيذ أجندتها المتعلقة بإشعال الحروب لتسويق الأسلحة ، وللحصول على صفقات في مشاريع إعادة إعمار ما تدمره الحروب . وتحت هذه الذريعة صارت دول الفيتو تبتز الأنظمة الخليجية بشكل فاضح ، وتحصل منها على أموال طائلة تحت ذريعة حمايتها من التهديد الإيراني .
وينطبق على الوطن العربي اليوم حديث رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام الذي أخبر فيه أنه سيأتي على أمة الإسلام في هذا الوطن زمن ،تتداعى عليهم الأمم كتداعي الأكلة على قصعة الطعام ، ولا يكون ذلك لقلتهم ،بل هم يومئذ كثير ،ولكن كثرتهم عبارة عن غثاء سيل ، فتنزع من قلوب أعدائهم مهابتهم لتنافسهم الدنيا فيما بينهم ، فهذا هو الزمن الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما عاد الصهاينة يخشون أنظمة هذه الأمة أو شعوبها ،بل صارت الأنظمة العربية تهرول إليهم للتطبيع معهم على حساب وطن احتلوه ، وطردوا منه أهله . ولقد تعلمت دولة إيران عملية طرد من يدين بعقيدتها الفاسدة من الصهاينة ، وعقيدتهم شبيهة في فسادها بالعقيدة الشيعية الرافضية ،لأنها تقوم مثلها على أساس عرقي ، وعنصري، وطائفي أيضا ، و تقوم على أساس أسطورة شعب الله المختار ، وحاشا لله أن يختار عصابات صهيونية إجرامية ، وما كان شعب الله المختار ليقتل، ويغتال، ويحتل، ويسلب، ويدمر ، ويعتدي ، ويعلو في الأرض علوا كبيرا .
وفي الأخير على الأنظمة العربية أن تسارع في الصلح أولا مع شعوبها ، والصلح فيما بينها ، والاحتماء بشعوبها كما احتمى النظام التركي بشعبه ساعة العسرة ، وألا ترتمي بين أحضان دول الفيتو التي لن تنسى مضيها الصليبي ، أو دولة إيران التي لا يمكن أن تنسى نزعتها الشعوبية، وإن تقنعت بالإسلام الذي حولته إلى عقيدة فاسدة مفسدة هو منها براء . وعلى دول الخليج أن تتوب إلى رشدها ، وأن تقلع عن التعاون مع دول الفيتو في إضرام نيران الحروب في أقطار الوطن العربي ، وأن تقلع عن تمويلها تلك الحروب بثروات الأمة. ولتعلم هذه الأنظمة وغيرها من الأنظمة العربية الأخرى أنها جميعها مهددة في كل وقت وحين من طرف دول الفيتو، ودولة إيران ، ولها عبرة فيما أصاب نظام العراق وليبيا ، وقد حذر العقيد القذافي في مؤتمر قمة عربي أن مصير جميع الأنظمة العربية سيكون كمصير النظام العراقي ، وكان مصيره هو الآخر كما أخبر وتنبأ ، ولن يقف الأمر عند هذا الحد ، ولسوف تندم الأنظمة العربية إن لم تتصالح مع شعوبها ، ومع بعضها البعض شديد الندم ، ولات حين مندم .
وسوم: العدد 768