خدعونا فقالوا ان عصر الانحطاط بدأ بسقوط بغداد وتناسوا عصر انحطاطنا الحالي وأسبابه
أعزائي القراء ..
أقارن بين عصرين ..
الاول مر على الامة منذ سقوط بغداد بيد المغول وامتد قروناً ودعي تاريخياً بعصر الانحطاط . وبين ما نمر به هذه الايام من مرحلة انحطاط رهيبة حتى بدت المرحلة التاريخية من عصر الانحطاط الاول شبيهة بمرحلة طبيعية مقارنة بعصرنا الحالي.
اليوم تسلل الانحطاط الى حياتنا بأبشع صوره ، بصورته الطائفية بقيادة أقلية متآمرة مع الكبار إلى صفوف الأمة، فأخضعت الشعوب إلى سلطة وحكم أقوام لا يمتّون لتاريخنا وثقافتنا وعقيدتنا وعروبتنا ووطنيتنا بأية صلة .
وسوريا والعراق ومصر امثلة، فتحول المشهد العربي الى صورة قاتمة لم يكن في يوم من الأيام كما هو عليه اليوم،مشهد حالك متفكك ومشوّه ودامى، صورته تتجلى في كل ساعة في عمليات القتل والتدمير والذبح والتهجير قلّ مثيلها حتى في العصور الغابرة، مشهد يتكرر في أكثر من مدينة وبلدة وقرية وساحة في وطننا حيث تمتهن كرامة الإنسان ويسلب حقه في الحياة على أهون سبيل.
أجل، انها مرحلة انحطاط جديدة أكثر مرارة وقتامة من الاولى.
فالأنحطاط الاول كان بفعل خارجي تسلط علينا فألفنا مع الاسف حياة التسلط ثم نفضناها بوجود حكام عظام، ولكن مرحلة الانحطاط اليوم هي بفعل داخلي ناتج عن تسلط حكام اليوم على الشعوب
فهي أكثر مرارة وقتامة .
ففي عصر الانحطاط الجديد يصبح ذبح الانسان العربي بسكين الحاكم امراً عادياً ونشره بالمنشار امراً طبيعياً واعتقال النساء واغتصابهم من قبل زبانية النظام واقعاً يومياً عادياً يتكرر بسهولة بوسائل الاعلام كإعلان مألوف لم يعد يحرك الغيرة العربية، ويصبح حرق الانسان في سجون النظام المجهزة باحدث آلات الحرق التكنولوجية الحديثة هو عنوان تقدم هذا البلد العربي حضارياً ، ويصبح رمي البراميل القاتلة من الهوليكوبتر "بدفشها" بالقدم من قبل سكير عربيد ليدمر حارة كاملة باهلها وأطفالها ومستشفاياتها ومدارسها خبراً خجولاً بنشرات الأخبار لا يلتفت اليه.
ويصبح رش الشعوب بالكيماوي امراً طبيعياً كرش النباتات بالدواء لقتل الحشرات الضارة.
فعندما ننسب للتاريخ مرحلة عصر الانحطاط الاولى بفعل خارجي ، نكون مخطئين ان لم نقارنها بمرحلة انحطاط اليوم حيث يصبح القاتل الاسد الف هولاكو وتصبح زبانيته الف تيمورلنك وعصاباته الف بطرس الناسك.
فليس الانحطاط المؤلم ان ينحدر الشعر العربي في عصر الانحطاط الاول الى مستوى:
طرقت الباب حتى كلّ متني فلما كـلّ متني كلمتنـي
ولكن الانحطاط المؤلم والقاتل عندما يجبر الشعب على هتاف: اما الاسد او نحرق البلد
ويجبر الشعب على هتاف: بشار الاسد قبل الله منعبدو
فهذا هو عصر الانحطاط الحقيقي
فيا أيها الشعب الممتحن بكرامته متى تنهي حقبة الانحطاط الحقيقية لتنتقل الى مرحلة الحضارة والنور .؟
وسوم: العدد 804