مشكلة اختيار الحكّام : مشكلة شعوب ، أم مشكلة نُخَب !؟
مشكلة القيادة والحكم والسلطة : مشكلة إنسانية ، قائمة في كلّ عصر ومصر.. ومنذ عُرف الاجتماع البشري!
قائمة ، لدى البشر، جميعاً، وبمختلف أشكالهم وألوانهم ، ودولهم وأعراقهم ودياناتهم ، وحضاراتهم ومدنياتهم ، وأماكن سكنهم، في: الغابات والصحارى ، والقرى والبلدات والمدن ، وفي بيوت الشعر، وناطحات السحاب !
على مستوى : المختار والوالي ، ورئيس البلدية ، والحاكم الأعلى : رئيساً ، أو ملكاً ، أو إمبراطوراً ، أو سلطاناً!
وقد عانت شعوب الأرض ، طويلاً ، في كيفية تنصيب صاحب السلطة ، عُليا كانت ، أم دنيا ، أم متوسّطة.. عانت من صراعات : طويلة وقصيرة ، وسلمية هادئة ، وعنيفة دامية !
وما تزال المعاناة مستمرّة ، إلى يوم الناس هذا ! وستظلّ مستمرّة ، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها !
وقد ابتكرت الشعوب ، عبر نُخبها، أساليب متنوّعة مختلفة ، لاختيار الحكّام، عبر العصور! فوصل بعضُها، إلى أساليب مستقرة، كالديموقراطية المتنوّعة الأشكال ، في بعض البلدان ! وما زال بعضها يعاني ، من الصراعات المختلفة ، عند تبديل الحكّام ، وعند التفكير بالتبديل الوشيك ، لأنواع الحكّام ، حسب درجاتهم في السلطة! الملكيات الوراثية الدستورية ، المستقرّة ، تعاني ، حين تجد، لديها، حالات غير مألوفة ، في أساليب تداول السلطة الوراثية ! وقد تكون هذه من أيسرها، أحياناً ، لكَون المَلك يملك ، ولا يحكم!
فإذا نشأت مشكلة ، في انتقال السلطة ، في الملكيات المستبدّة ، نشأت ، معها ، صراعات مختلفة ، ضمن الأسَر المسيطرة على البلاد! وقد لايُحسم الصراع ، إلاّ باقتتال دامٍ ، بين بعض الفرقاء، ومع كل فريق: أنصاره ومؤيّدوه ، من الساسة والعسكر، وغيرهم!
أمّا في الدول ، ذوات النظم الجمهورية ، فالأمر يختلف ؛ إذ يجب ، على الشعوب ، أن تشارك ، في اختيار حكّامها ، عبر مجالس ، تنتخبها الشعوب ، أوّلاً ، فتقوم المجالس المنتخبة ، باختيار حكّامها !
وقد تقوم الشعوب ، باختيار رؤسائها ، بشكل مباشر، في بعض النظم الديموقراطية ، وتَختار مَن دونهم ، على مستوى السلطات المختلفة ، التي تحتاج انتخاباً ! ويعيّن الرئيس المنتخب ، بعض الموظفين ، في المواقع المختلفة ، بما يسمح به دستور البلاد !
ومن أسوأ الصور، التي قامت ، عبر المراحل المختلفة : عملية دخول المال الانتخابي ، في الاختيار ؛ سواء على مستوى اختيار الحكّام ، أم على مستوى اختيار النوّاب ، الذين يختارون الحكّام !
ومِن صوَر بيع الأصوات ، الدارجةِ في بعض الدول ، المحسوبةِ على الديموقراطية : تقديمُ الهدايا للناخبين ، أو شراء أصواتهم ، بأسعار محدّدة ، ترتفع وتنخفض ، حسب حراراة التنافس والصراع ، بين المرشّحين !
وقد كان أحد المرشّحين المُزمنين ، في إحدى المدن ، في سورية .. يدفع خمس ليرات ، ثمناً للصوت الواحد! وأحياناً ، يشتري مجموعة من الأحذية ، من الطراز، الذي كان يستعمله بعض الناس ، ويسمّى: (داسومَة..أو تاسومة)! وثمن الواحدة خمس ليرات، يحتفظ بإحدى فردتي الحذاء ، ويعطي الفردة الثانية للناخب ! فإن تأكّد من انتخابه ، له ، أعطاه الفردة الثانية !
أو يَقسم المرشّح ، القطعة النقدية ، ذات الليرات الخمس ، نصفين : يعطي المرشًح نصفاً ، والثاني بعد التأكّد، من انتخابه !
وواضح ، من هذه العملية ، التجارية الرخيصة ، نوع السلطة ، التي تُحكَم البلاد ، على أساسها :
المواطن يبيع صوته ، بخمس ليرات ، أو بحذاء ، للمرشّح ، الذي يصبح نائباً ! أمّا النائب ، فيبيع صوته ، بسيارة ، أو بيت ، أو قطعة أرض .. ! والمواطن الذي يحمل مبدأ ، يبيع صوته ، لمن يرفع شعاراً ، يتفق مع مبدئه ، دون تفكير، بالمستوى الخُلقي أو العقلي ، لرافع الشعار، الذي قد يكون تاجر شعارات ، أو جاهلاً ، بالشعار ومضمونه ؛ فيسعى ، إلى تطبيقه ، بطرائق : مُهلكة للعباد ، مدمّرة للبلاد !
أمّا الرئيس ، الذي يشترى أصوات النوّاب ، بالسيارات ، أو البيوت الفاخرة .. فيكون ، في العادة ، مستعدّاً ، لرهن قرارات الدولة ، لمَن يحفظ له ، بقاءه ، في كرسي الحكم !
وسوم: العدد 817