الطقوس الاسدية في عيد العمال

اعزائي القراء ..

الحمد لله لم يبدع لنا نظام الاسد عيداً لكل اختصاص يكرمنا فيه كما يكرم العمال في عيدهم الذي يصادف اليوم. فلقد  اعتاد العمال أن يستقبلوا عيدهم  بكوابيس تقضّ مضاجعهم قبيل ساعاتٍ من استقبال هذه المناسبة والتي يجب ان تكون عيداً حقيقياً لهم يكرمون فيه بالعطايا لهم ولأطفالهم ، ولكن الطقوس الاسدية لكل عيد هو امتحان للطاعة  والعبودية  فيرغم النظام عمالنا  بالذهاب للعمل في يوم الإنتاج التطوعي دون حتى تعويض او تأمين وسيلة مواصلات تنقلهم وتعيدهم لبيوتهم ، بينما المفروض ان يقضون يومهم مع عوائلهم في هذا اليوم الربيعي في الحدائق والملاعب .

,فعدم الحضور للعمل التطوعي يعني  خصماً من الأجرة، ومساءلة سياسية، تستوجب زيارة اتحاد الأفرع الأمنيّة ذات الصيت الواسع والتي تجاوزت العشرات

اعزائي القراء..

العمل التطوعي للعمال هو احد فروض الطاعة، وحضورهم الى مكان الاحتفال بهم هو فرض  طاعة اخر ، فهذا الاحتفال له طقوس خاصة تتخلله خطابات نارية تستحضر تعابير المديح  النارية  (لبطل الصمود والتصدي) مع أبيات شعرية تمجّد القائد الخالد، وتهتف لروحه وأبديته. ، وعلى العمال تحضير انفسهم من الصباح الباكر  بالسوط والعصا الى مكان الاحتفالية الكبيرة والتي يحضرها اقطاب النظام ومخابراته ليكون عمالنا بمثابة الكومبارس والعبيد  والخدم  في هذه الاحتفالية الكبيرة والمخصصة اصلاً لهم . . 

 صالة الفيحاء الرياضية بدمشق يجب ان تكون جاهزة ومحاطة كالعادة بمخابرات النظام حيث يحشر آلاف العمال للاستماع إلى ما يلقيه المسؤولون على آذانهم، مذكّرين الحضور بالمنجزات التي أبهرت العالم وتحققت في ظل نظام الصمود والتصدي  .

 المكانُ مزيّنٌ بالأعلام، صورة السيد (الرئيس المناضل الرفيق الفريق حافظ الأسد بجانب صورة الوريث)  محروسة بعيون رجالات الشرطة والمخابرات ، وباقات من الورد تملأ المدرج، كأنها صالة عرسٍ تستعد لاستقبال العروسين..يدخل المسؤولون ويلحق بهم التابعون إلى القاعة الرئيسية،فتقرع الموسيقا الوطنية على الفور ويرتفع قرع الطبول وتضج  الصالة بالصخب ، وتعطى الإشارة للعمال للوقوف احتراماً ، ثم  تبدأ حناجرهم  بالهتاف للقائد والوريث وفِي خضم هذا الصخب ياتي دور المتملّقين  ليلقوا أبياتاً من الشعر تمجد بطل الصمود . وبعد انتهاء هذا الهرج يصل مقدّم الحفل الى المنصة الرئيسيّة  بابتسامة ويطلب من الحضور  الجلوس في أماكنهم

ما إنْ ينتهي الحفل الخَطابي، حتى تمتلىء  الطاولة القريبة من المسؤولين بما لذّ وطاب من مشروباتٍ بأنواعها، وفواكه طازجة. بينما يجلس الرفاق العمال على المدرجات يتفرجون على الوليمة الكبرى ، مهمتهم محددة بحمل اللافتات التي تمجد (قائد الوطن وحكمته)، جميعهم يرتدي اللباس الكحلي الموحد، بمقاساته التي تكاد تشعرك بالضحك في سرّك؛ البعض باكمام  طويلة، ضيقة، والبعض باكمام  واسعة، قصيرةٌ ، .

المشهد بعد الاحتفال يحكي قصة الفصل بين الشعب والمسؤولين  فوسائل  النقل وحركة المرور شبه متوقفة، الأمر طبيعي، فالحارات الفرعية والشوارع أغلقت حفاظاً على سلامة السيد الرئيس و السادة أعضاء القيادة  ورجالات الدولة (العظام)،

ذكر لي احدهم وكان رئيس ورشة ميكانيك في احد معامل النسيج فقال: كانوا يعلموننا مسبقاً انواع الهتافات ومتى نصفق ومتى نقف على أرجلنا ومتى نجلس ،لقد كانت مسألة صعبة بالنسبةِ لعمال بسطاء، مسحوقين، لا يعنيهم إلا لقمة العيش …ولكن كانت التعليمات قاسية  يشرف على كل هذه الجلسات التدريبية الاتحاد العام لنقابات العمال، ويحضّرُ لها قبل أكثر من ١٥ يوماً من مناسبة عيد العمال. اكمل صديقي قائلا : كانت التعليمات مشددة بمنعنا  من التصفيق عند سماع المتحدّثِ يتوقف عند كلمة “الصهاينة الغاشمون، خشية ان يعتبر التصفيق وقفة ثناء، والتصفيق الملتهب يجب ان  يَحدُث عقب ذكر عبارة: ((السيد الرئيس  بشار الاسد او الرئيس  حافظ الأسد).

كان هذا قبل الثورة السورية واليوم ماذا بقي من عمالنا بعد ان دمر المجرم معاملهم مصدر عيشهم  وتوقف مابقي من  العمال عن عمله

فأي عيد واي عمال بقي لنا في سوريا ، عمال استشهدوا  تحت القصف الاسدي...  وعمال انقطعت مصادر دخلهم بتدمير مصانعهم .. وعمال انتشروا في ارجاء الارض... وعمال غرقوا في البحار مع عوائلهم 

تذكرت اليوم كل ما كتبته لكم عن عيد العمال البائس .

عيد خدم به العمال كعبيد عند  النظام 

عيد حرم العمال من اخذ حقوقهم في ظل هذا النظام 

عيد لم يبق لنا في الوطن عمال ليتم الاحتفال بهم . انه يحتفل اليوم بعيد عمال شهداء تم قتلهم عن سبق اصرار وترصد.

ايها العمال يا بناة سوريا المستقبل 

بناء وطننا يعتمد عليكم ولن تبنى سوريا الا بعد الحصول على حقوقكم واستعادة كرامتكم  وقذف هذا النظام الى مزابل التاريخ .

يومها نحتفل بعيدكم وعيدنا فكلنا غداً عمال لبناء الوطن .

وسوم: العدد 822