المشروع الأخطبوطي لعصابة الملالي

اعزائي القراء ..

عندما عاد الخميني إلى طهران، لم يكن الهدف من عودته ان يكون حاكماً يخلف الشاه فقط، بل أعادوه ليحمل مشروعا ذو مضمون ديني وثقافي وسياسي.. من أجل تحقيق أهداف متعددة، يخدم الغرب والكيان الاسرائيلي ويشرذم الأمتين العربية والاسلامية .

لقد اتضح أن أبرز ملامح هذا المشروع هو أن قيادته مغلفة بغلاف ديني جمع حوله  "ملالي إيران"، ثم سخروا كل إمكانات إيران الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والبشرية والإعلامية من أجل تحقيق هذا المشروع، فكان أول أهدافه في البلاد العربية تحويل  عقيدة المسلمين فيها الى التشيع ليسهل بعدها اسقاط العالمين العربي والاسلامي تحت امرتهم.

اما كلمة الاسلامية الواردة في اسم الدولة، فكانت التقية والتي انكشفت  فوراً بدستوره ، فجعل  المادة الثانية عشرة منه  تنص على ان : "الدين الرسمي لإيران هو الإسلام بالمذهب الجعفري الاثنا عشري، وهذه المادة تبقى للأبد غير قابلة للتغيير".

ومن اجل تثبيت هذا الانحراف الاول عن الدين ونشره في البلدان العربية بديء على الفور بالاتصال بالطوائف  الشيعية الموجودة في بعض البلدان العربية والإسلامية ذات الطابع السني وهي بمجملها كذلك ، ومدها بالمال والإعلام والتوجيه والخبرات والدعاة،وفتح المراكز الثقافية فيها، وتوزيع الكتب والمنشورات على أهلها، وتوجيه الإذاعات لها، واستقبال البعثات التعليمية منها مما ولد صراعاً بين أبناء البلد الواحد، وأحدث فتناً ومشاكل لا تعد ولا تحصى،كما حدث في مصر ودول المغرب العربي.

ولكي يكون وجوده مقبولاً في بلادنا العربية ، كان لا بد له من ستارة يختبيء وراءها فكانت هذه الستارة كما هو معروف هي القضية الفلسطينية والتي يمنحها الكيان الاسرائيلي للأقليات الطائفية لتثبيت حكمها كعصابة الاسد وملالي طهران وهي وسيلة الدعم المباشر لاقناع بسطاء العالم العربي (بحسن نية توجهه الوطني)  بينما يتم استغلال القضية الفلسطينية ايما استغلال ، وتأييداً لذلك، فقد صرح الخميني في أحد مجالسه الخاصة: "إذا لم يكن لنا يد في القضية الفلسطينية فلا قيمة لسياستنا الخارجية". لذلك أقام "ملالي إيران" علاقات مع معظم الفصائل الفلسطينية تطبيقا لكلمته، وأمدوها بالمال والسلاح من أجل أن يكون لهم يد في القضيةالفلسطينية، ولتكون مدخلاً لتجميل"مشروع ملالي إيران" من جهة، ومدخلاً لقلوب المسلمين من أجل "نشر التشيع" من جهة ثانية.

والآن نأتي إلى السؤال التالي وهو: ما الذي حققه مشروع "ملالي إيران"؟.والحقيقة ان مشروع الخميني حقق اختراقات في الجسم العربي للأسباب الآنفة الذكر 

- ففي لبنان : دعم "ملالي إيران" الطائفة الشيعية ، وأنشأوا ماسمي "بحزب الله" عام ١٩٨٢، ودعموه بالمال والسلاح والتوجيه والخبرات، وقد استطاعت هذه المليشيا او العصابة الطائفية أن تكون بعد اكثر من ثلاثين سنة دولة داخل دولة، بل دولة أقوى من الدولة اللبنانية .

- وفِي سوريا : دعم "ملالي إيران" حافظ الأسد ليحصل على دعمين دعم صهيوني ودعم ايراني لهما نفس الأهداف ، وألحقوا الطائفة العلوية بالطائفة الشيعية مع أن هذا مناقض لأصول مذهبهم، ثم دعموا النظام الإجرامي لابنه في وجه الثورة السورية التي قامت عام ٢٠١١، ولولا دعمهم لسقط نظام المجرم بشار الاسد ، وقد سمح لهم حافظ الأسد وابنه  بنشر المذهب الشيعي، فتحولت كثير من الأسر إلى المذهب الشيعي، وقامت كثير من الحسينيات في طول البلاد وعرضها، 

- وفِي العراق : وضع "ملالي إيران" عيونهم عليه منذ اللحظة الأولى لقيام حركة الخميني ، وسهل لهم هذا الانتشار الاستعمار الامريكي الذي احتل العراق  ودمرها وأزال الحكم الوطني فيها من اجل تقوية شوكة ايران في العراق وحكمه طائفيا بعد ان كان إبان حكم الرئيس المرحوم صدام حسين قبلة الوطنية وقبلة العلم والتطور التكنولوجي، فتلقى اول الهجمات بعد استقرار الاحتلال في العراق بالقضاء على ٥٠٠٠ عالم من مختلف الاختصاصات.

تم ذلك بتعاون وثيق بين "ملالي إيران" مع أميركا وإسرائيل ، وبرز ذلك في محطات عدة أثناء الحرب العراقية الإيرانية، و فضيحة إيران-غيت التي وقعت عام ١٩٨٥ احد شواهد هذا التعاون.

- وفِي اليمن: دعم "ملالي إيران" الحوثيين بالمال والسلاح والخبرات، وخاض الحوثيون حروبا عدة مع الجيش اليمني عندما كان علي عبد الله صالح رئيسا للجمهورية، ثم التف الحوثيون على الاتفاق الدولي الذي رسمته "المبادرة الخليجية المعدلة" واحتلوا صنعاء في ٢١/٩/٢٠١٤.

لقد التقت أهداف الخمينيين مع أهداف الدول الغربية والصهيونية العالمية بتفتيت وحدتنا  الثقافية فمن المعلوم أن نشر المذهب الشيعي سيكون في محيط أهل السنة، وسيؤدي إلى صراع معهم، وهذا ما سيؤدي إلى تفتيت الوحدة الثقافية، مع أن هذه الوحدة هي أثمن ما نملك في مواجهة الصراع مع المشروع الغربي الصهيوني، وهي ما يجب أن نحرص على بقائها وعدم إضاعتها في معارك جانبية، وتوفير طاقة الأمة من أجل البناء الحضاري.

من كل ماتقدم  يتأكد لنا أن "مشروع ملالي إيران" هو مشروع غربي صهيوني قديم ولكن التنفيذ أحيل اليوم  لعصابة ايران .

  وربما كانت حقيقة هذا المشروع خافية على كثير من أبناء الأمتين العربية والاسلامية ودعاتها وعلمائها وجماعاتها وأحزابها في البداية، لكنها لم تعد خافية على أحد بعد أحداث العراق عام ٢٠٠٣، وسوريا عام ٢٠١١، واليمن ٢٠١٤.

لقد انطلق "مشروع ملالي إيران" عام ١٩٧٩ بقيادة

الخميني، مستعدفاً تغيير هوية الأمة  إلى "أمة شيعية"، وقد استخدم عدة أدوات، منها: استغلال القضية الفلسطينية، ثم إحداث تغييرات جذرية في عدد من الدول العربية بالتعاون مع المشروع الصهيوني الغربي، وأبرز نتيجتين حققها المشروع هما: تفتيت وحدة الأمة الثقافية والتجزئة السياسية لبعض البلدان العربية، لذلك يجب أن يراجع جميع الذين اخطأوا  في فهم حقيقة المشروع مواقفهم، ويصوبوا بوصلتهم باتجاه العدو الحقيقي بناءاً على الحقائق الجديدة، فالتراجع عن الخطأ خير من التمادي فيه، وإلا فإن حكم الأمة والتاريخ سيكونان قاسيين في حقهم.

وسوم: العدد 824