إعدام الدعاة مؤشر على مدى ما وصل إليه طغيان الرعاة
تناولت وسائل الإعلام بالحديث قرار النظام السعودي إعدام ثلاثة علماء دعاة بعد انقضاء شهر الصيام . ومعلوم أن معاناة أئمة المسلمين وعلمائهم ودعاتهم مع الحكام الطغاة كانت دائما موجودة في عصور الاستبداد ، وقد اشتهرت معاناتهم باسم المحن ، كمحنة الإمام أحمد بن حنبل ، ومحنة الإمام مالك ، ومحنة ابن جبير رحمهم الله تعالى إلى جانب محن أئمة وعلماء ودعاة آخرين .
ومعلوم أن الحكام الراشدون الذين اختار لهم الله عز وجل خير الدنيا والآخرة وسعادتهما يتخذ ون من الأئمة والعلماء والدعاة والصالحين من عباد الله بطانة يستعينون بهم على سياسة رعاياهم، ويسترشدون بعلمهم ونصحهم ، ويجأرون إليهم في كل وقت وحين ، ويستشيرونهم في عظائم الأمور ، ولا يقدمون على شيء منها إلا وقد نهلوا من علمهم ، وأخذوا برأيهم المسدد بكتاب الله عز وجل وبهدي رسوله صلى الله عليه وسلم .
أما الحكام الأشقياء في عاجلهم وآجلهم ، فيتخذون من الأئمة والعلماء والدعاة والصالحين أعداء يمتحنونهم شر امتحان، فيبعدونهم ، ويسجنونهم ، ويعدمونهم . ولقد سجل التاريخ ما عاناه هؤلاء مع حكام مستبدين لم يرعوا فيهم إلا ولا ذمة ، ولم يشفع لهم عندهم علم ولا ورع ولا فضل ، علما بأنهم ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله أهلين من الناس قالوا :من هم يا رسول الله قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته " .
وهل يوجد في الدنيا أشقى ممن ينال من أهل الله وخاصته ؟ ومعلوم أن الإقدام على إعدام هؤلاء هو دليل على بلوغ الاستبداد والطغيان أقصى حد له . وأبشع استبداد على الإطلاق أن تلفق التهم الباطلة ويفترى البهتان على خيار العلماء والدعاة الأبرياء ، وينسب لهم ما نزههم عنه الله عز وجل مما لا يليق بمقامهم .
ومعلوم أن سنة الله في الخلق أنه كلما نكل طاغية بأحد من أهله وخاصته كان ذلك استدراجا له ليأخذه أخذ عزيز مقتدر جزاء له على فعله الشنيع . وإنه لمن الخسة أن يتهم أهل العلم والصلاح بتهم سياسية هم منها براء لمجرد أنهم لم يقروا الطغاة على طغيانهم أو لأنهم قدموا النصح لهم بما فيه نجاتهم في عاجلهم وآجلهم.
فالله الله في رعاة أهدروا دماء الدعاة ظلما وعدوانا . اللهم أنت ولي من لا ولي له ، فكن ولي أهليك وخاصتك ، وقد ضرب لهم موعد لإهدار دمائهم ،فكن لهم وليا ونصيرا يا من لا يرام كنفه ، ولا يضام مستجيره.، اللهم ثبت أهليك وخاصتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، وارحم الله من استشهد في سبيلك ولقيك لا يخشى غيرك ، ولا تلين له قناة في النصح لك ولكتابك ولرسولك ولأئمة المسلمين وعامتهم . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وسوم: العدد 825