لماذا تؤيد دول عربية استئصال الإسلام في الصين؟

تقدّر الأمم المتحدة ومنظمات عديدة مدافعة عن حقوق الإنسان عدد المعتقلين المسلمين في الصين من الأويغور والكازاخ وأقليات إثنية أخرى مسلمة في تركستان الشرقية التي ضمّت للصين عام 1949 بحدود مليوني شخص، وبعد إنكار طويل اعترفت بكين في تشرين أول/أكتوبر الماضي بوجود هذه المراكز، قائلة إن الموجودين فيها يخضعون لبرامج «إعادة تثقيف» هدفها منع تحوّلهم إلى «إرهابيين».

تتضمن هذه البرامج، حسب ما ذكرت وسائل إعلام غربية، أن يقوم المعتقلون بإنكار إسلامهم، وانتقاد معتقداتهم الدينية، وإنشاد شعارات الحزب الشيوعي وأغانيه. يُجبَر هؤلاء المعتقلون على نظام عمل قسري ضمن مصانع بنيت داخل مراكز الاعتقال. وحسب تقارير أخرى فإن بعض المعتقلين يوقظون في الخامسة صباحا لتناول كأس شاي وقطعة خبز، ولكي يحصل المعتقل على قليل من الأرز عند الغداء والعشاء عليه أن يمجد الرئيس الصيني فيما يتعرض الرافضون للصعق بالكهرباء، وأشكال من التعذيب والعقاب الجسدي العنيف. وهناك تقارير عديدة عن تعرّض السجينات لاعتداءات جنسية والاختفاء. وذكر تحقيق لقناة سي إن إن الأمريكية مثالا عن اعتقال امرأة من جنسية أجنبية صودف أن كانت في شينجيانغ، كما أكدت مصادر عن وجود عناصر من جنسيات كثيرة أخرى بينهم أمريكيون، بل إن الأمر لا يقتصر على البالغين فهناك معسكرات أيضاً للأطفال الذين انتزعوا من أهاليهم لإخضاعهم لبرامج «تثقيف» لبترهم عن أصولهم.

وحسب تقرير جديد لوكالة الصحافة الفرنسية بناء على صور التقطت بالأقمار الصناعية أن ثلاثين مسجدا اختفت منذ عام 2017 في إقليم شينجيانغ وأن ستة مساجد أخرى لم تعد تستخدم وبعضها تم تحويله إلى مرافق عامة كموقف سيارات وحديقة، وتمتلئ المساجد الباقية بكاميرات المراقبة. وذكر تقرير أن صورة عملاقة للرئيس الصيني علقت داخل مسجد كما انتشرت عبارات تحض على «حب الحزب والوطن».

باستثناء وسائل إعلام غربية ومنظمات حقوق إنسان عالميّة، وبعض الاتحادات الإسلامية، وتركيا التي اتخذت مواقف واضحة من موضوع معسكرات الاعتقال ومحاولات الصين محو الهوية الثقافية الإسلامية لمواطنيها، فإن العالم واجه ما يحصل بصمت، لأسباب عديدة، منها التواطؤ العالمي مع موجة العداء للمسلمين، ومنها الخوف من رد الفعل الصيني.

تثير مواقف بعض الدول العربية والإسلامية، في هذا الخصوص، الكثير من المهانة والاستخذاء، ويقف على رأس هذه الدول كل من مصر، التي تقوم بالتعاون الأمني المباشر مع بكين من خلال اعتقال من تطلب الصين اعتقالهم في مصر، والسعودية، التي قام ولي عهدها محمد بن سلمان بزيارة إلى بكين مؤخرا أعلن فيها دعمه الإجراءات الصينية ضد مسلمي الأويغور تحت دعوى «تنفيذ أعمال مكافحة الإرهاب والتطهير من أجل أمنها القومي».

مواقف السعودية ومصر لا يمكن إدراجها ضمن حلف المصالح، أو «الواقعية السياسية»، بقدر ما تعبّر عن حلف الاستبداد الذي يرى الناس كموضوع للاستخدام والتصنيع والقتل والتعذيب في سبيل الحفاظ على السلطة.

وسوم: العدد 828