ما نحتاجه أن تستيقظ الإنسانية من غفوتها
في بادرة هي الأولى من نوعها أقدم المهندس "بريتا حج حسن" الفرنسي الجنسية على الإضراب عن الطعام احتجاجا على الوضع الإنساني الذي وصفه بـ "المزري" في منطقة إدلب ومخيمات النزوح، مشيراً إلى أن الإضراب مستمر لحين لفت أنظار العالم إلى مأساة السوريين في إدلب، وفقاً لما قاله لـقناة "حلب اليوم".
وأشار بريتا إلى أنه يعمل الآن على تجهيز مؤتمر صحفي يوم 20 حزيران الجاري في العاصمة الفرنسية “باريس” ومؤتمر آخر في “جنيف” (لم يحدد تاريخه)، كما سيتم إقامة معرض في ذكرى مرور 40 يوماً على استشهاد "عبد الباسط الساروت".
هذا الموقف الشجاع والإنساني الذي نحتاجه لتحريك قضيتنا عالمياً هو رسالة يوجهها "بريتا" إلى المجتمع الدولي يطالبه فيها بتحمل مسؤولياته تجاه ما أسماها بـ “المأساة الاستثنائية والفظيعة” التي يعيشها الشعب السوري، داعياً بالوقت نفسه إلى القيام بدورٍ مشرفٍ يرتقي إلى حجم المسؤولية التاريخية والأخلاقية والقانونية التي يفرضها الحدث من أجل تفعيل الواجب الإنساني ومبدأ المسؤولية عن الحماية كما أقرتها قمة الأرض عام 2005.
ولم ينس بريتا الإشارة إلى وضع السجون والمعتقلات المرعب في سورية، حيث يفقد الناس حياتهم تحت التعذيب والحرمان من الدواء والطعام والشراب، مطالبا بوضع هذه السجون والمعتقلات تحت رقابة أممية، والسماح للمنظمات الإنسانية واللجان الحقوقية بالكشف عن أحوال المعتقلين في أي وقت.
كما دعا إلى التدخل المباشر والفوري لإنقاذ حياة المدنيين في إدلب، التي يتعرض فيها أربعة ملايين من المواطنين إلى احتمال وقوع كارثة إنسانية، وقد فر منها ما يزيد على نصف مليون هرباً من قصف الطائرات الروسية وطيران النظام السادي والمدفعي من قبل الميليشيات الطائفية التي جندتها إيران، في عمليات روتينية على مدار الساعة بهدف تهجير الناس وإفراغ المنطقة من أهلها، ليحل مكانهم شبيحة شيعة يملأ قبلهم الحقد على الإسلام والعرب، جلبتهم إيران المجوسية ليحلوا مكانهم من كل بقاع الأرض، في تغيير ديمغرافي مخطط له في القرداحة وقم وموسكو وتل أبيب.
وطالب بريتا بإسقاط خيم وأغطية ومعونات عبر الطيران على المناطق المنكوبة إنسانياً، وتفعيل الحل السياسي عبر مسار "جنيف" بعد أن ثبت أن مسار “أستانا” قد أدى إلى مزيد من “جرائم الحرب”.
وطالب “بريتا” في رسالته بتفعيل مبدأ العدالة ومنع الإفلات من العقاب عن الجرائم التي ارتكبها النظام وحلفائه، ملمحاً إلى الروس والإيرانيين، ولا سيما استخدام السلاح الكيماوي والبراميل المتفجرة والأسلحة المحرمة دولياً.
وختم بريتا رسالته بالتأكيد على أن التدخل “لوقف المجازر والانتهاكات بحق الشعب السوري” من مسؤوليات العالم والمنظمات الإنسانية والأممية.
هذا الموقف الإنساني والنبيل للناشط "بريتا" يدعونا إلى التفاعل معه والسعي إلى توسعة مثل هذه النشاطات في العديد من دول العالم، بهدف تحريك المأساة السورية، التي خفتت في المحافل الدولية، وخبت من وسائل الإعلام، حتى تكاد أن تُنسى رغم شلالات الدم التي لم تتوقف منذ ما يزيد على ثماني سنوات سوداء دامية، أتت على البشر والشجر والحجر في سورية، ودمرت المدن والبلدات والقرى والبنى التحتية، بشكل منظم ومخطط له، من قبل نظام سادي متوحش، ومجرم حرب جاءنا من خارج الحدود، يريد طمس هويتنا، وانتزاع أرضنا، والاستيلاء على ثرواتنا، وتدمير عقيدتنا، ومحو تراثنا الإنساني الذي يمتد لأكثر من عشرة آلاف عام، راح ضحيتها ما يزيد على نصف مليون من المدنيين، ومثلهم أو يزيد اعتقلوا وسجنوا ومات الآلاف منهم في تلك السجون والمعتقلات الرعيبة، وتهجير ونزوح نصف سكان سورية داخل البلاد وخارجها هائمين على وجوههم في بلاد غريبة عنهم أجبروا على التأقلم والعيش بينهم على مضض.
وسوم: العدد 829