وماذا بعد اللعب على الأسماء والهويات الفرعية في المناقلات الأمنية !؟
أجرى بشار الأسد بعض المناقلات بين رؤوس الأجهزة الأمنية . والأشخاص الذين تمت مناقلاتهم كلهم شديد التوحش ، سيء الذكر ، عظيم الجريرة ؛ فهل سيتغير في واقع الحياة الأمنية أو السياسية في سورية شيء ؟! ذلك هو السؤال الجوهري الذي يجب أن نجيب عليه بعقل وبعقل وباستقراء واعتبار.
وها هو بشار الأسد يعزل " جميل الحسن " مجرم الحرب الشرير الذي طالما لعنه السوريون ، ونسبوا إليه كل شر وقبح ,,فماذا بعد ؟! وماذا سيحمل لسورية والسوريين القادمون الجدد من ، أجراء الأجراء ، الذين ترقوا إلى رتبة الأجراء ؟!
يقولون إن التغييرات الأمنية التي أتت بغسان إسماعيل لفرع المخابرات الجوية ، وحسام لوقا للمخابرات العامة - الأمن السياسي- ، وناصر ديب للأمن الجنائي ، وناصر العلي للأمن السياسي ، قد تمت كلها بأوامر روسية مباشرة ، وبعد صراعات مع مراكز قوى إيرانية . فماذا أرادوا أن يوحوا إلينا بهذه التسريبات المدروسة بعناية في مختبرات الدعاية السوداء ، وعلم النفس الجماعي ؟!
في القراءة الهوياتية التي تفرض نفسها بقوة على تفكير الزمرة الطائفية الحاكمة ، وعلى العقلين المحتلين لسورية الروسي والإيراني ، يتماهى البعض بسذاجة مع المشهد ، ويبدأ بإعادة الحسبة هذا مسلم وهذا مسيحي وهذا علوي وذاك سني وهذا عربي وذاك شركسي .. !!!
واللعبة هذه المرة هي لعبة " بوتين " تحت عنوان إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية ، والوحدات العسكرية كمدخل كوميدي إلى " سورية الجديدة " التي يبشر بها بوتين . والمتماهون معه من الذين يستعدون لكتابة دستور جديد ، يتحدثون فيه عن حق المعتقل السياسي في استخدام دورة المياه .
بعض الصحف العربية المعارضة للأسد ظاهرا والمتواطئة معه ومع الروس والإيرانيين تعنون الخبر : بوتين يجبر الأسد على إحداث تغييرات في قيادة الأجهزة الأمنية . عنوان يوحي للمعارضة المتشظية أن أنف الأسد قد رغم بإحداث هذه التغييرات المبشرة والجبارة والتي تعد بكل جديد !!
مناقلات كبيرة طالت الكثير من هذه المواقع في الحياة الأمنية والسياسية في سورية ، منذ سيطرة حزب البعث على السلطة أولا ثم بعد استئثار حافظ الأسد وولده بها على مدى نصف قرن . تغير الكثير من مدراء السجون والمعتقلات والأجهزة الأمنية ولكن طريقة إذلال السجناء أمام حاجاتهم البشرية اليومية نادرا ما تغيرت ؛ بله ما يمكن أن نتحدث عنه من سلوك التعامل مع الأحياء المعتقلين كبشر ..
يخيل إلينا بل نكاد نجزم أنه حتى لو تم تغيير بشار الأسد على الطريقة الروسية أو الإيرانية ، لن يتغير في سورية الكثير ، مع أولوية وأهمية وضرورة أن يتغير بشار الأسد ومن يليه ويليه ويليه ، حتى لا يتصيد من كلامي المتصيدون .
للاستبداد والفساد والطائفية في سورية جرثومة ." أصل " متمكن أوغل في عمق العمق من الوجود السوري ، وهذا يصعّب على الشعب السوري مهمته ، ولتكون انطلاقته على بينة من الأمر الذي هو فيه .
السوريون بحاجة لكي يتعلموا العقل لكي يدركوا حقيقة ما هم فيه . وإذا كان ذهاب شرير مثل جميل الحسن ، وما هو بجميل وما هو بحسن ، لا ينقص من خبث الزمرة الأسدية شيئا ، فكيف عسانا نفكر ، ومن أين عسانا نبدأ ؟!.
وسوم: العدد 832