" دخولنا إلى سوریة لحمایة المسیحیین فقط " هذا تصریح لا أستطیع التعلیق عليه!!
كتب الناطق الرسمي الروسي باسم قاعدة حمیمیم " الكسندر إیفانوف " أمس الأربعاء 23 /7 /2019 ، عبر قناته على " تیلغرام " دخولنا إلى سوریة هو لحمایة المسیحیین فقط " وهذا التصريح الطائفي الفظ والمستنكر لیس التصريح الروسي الطائفي الأول ،ولن یكون الأخیر . ..
تصریح إیفانوف هذا جاء في سیاق تسویغه لمجزرة معرة النعمان ، والتي زعم أنها جاءت ردا على قصف قریة " محردة " المسیحیة !! ینسى العسكري العبقري تصریح وزیر دفاعه قبله بساعات أنهم برآء من مجزرة معرة النعمان ، ومن قتل المدنیین فیها. تصریح إیفانوف تصریح خطیر في الوقت نفسه ، تصریح له دلالاته واستحقاقاته وتداعیاته . هو تحریض مبطن على الكراهیة ، وتحمیل مسئولیات الجرائم الروسیة َ والأسدیة لمكون سوري بعینه، لیصبح هو العدو في أعین المنتهكین والمضطهدین .
وسیكون من الخطأ أن یقوم مسلم سوري مثلي بالتعلیق على هذا التصريح، وشرح أبعاده ودلالاته واستحقاقته وحجم الكراهیة المبثوثة فيه. وكذا لن یكون كافیا أن یقوم أي مواطن سوري مسیحي ثائر أو مؤید للثورة بالتعلیق عليه . ففي فضاء الثورة التي خرجنا من أجلها یتوازى في رفض الظلم والكراهیة والطائفیة كل سوري حر أبي ..
ولكن الذي یساعد على مصادرة مفعلات الكراهیة والبغضاء في هذا لتعلیق أن تبادر المرجعیات المسیحیة الكنسیة السوریة إلى التعلیق على التعلیق . أن تبادر الكنائس
المسیحیة السوریة ومن بطركیاتها المعتبرة عند أهلها : فتقول لكل السوریین لیس باسمنا ولا من أجلنا اغتصبت نساؤكم ، وقتل شبابكم ، وذبح أطفالكم ، ودمرت بلادكم ، وأخرجتم من دیاركم ..!!
إن كل من یدرك مرامي اللغة السیاسیة یفهم أن كلام إیفانوف هذا هو تحریض مباشر على المسیحیین یتم باسم المسیحیین . وإذا قلنا هذا تحریض على مكون وجودي من مكونات الشعب السوري فیجب أن نكمل أننا نرفض هذا التحریض ولكننا لا نملك بمفردنا دائما احتواء تداعیاته التي یستثمر بها إیفانوف الرهیب وبشار الأسد ومیشیل سماحة وبطرس الراعي وجبران باسیل .
وحین یقول المتحدث الرسمي لقاعدة حمیمیم ، وهو في موقع المندوب السامي أیام الاحتلال الفرنسي، للسوریین : لقد قتلنا منكم مئات الآلاف واعتقلنا وعذبنا مثلهم وشردنا منكم الملایین ودمرنا بیوتكم ومساجدكم ومستشفیاتكم ومدارسكم وأحرقنا محاصیلكم " دفاعا عن المسیحیین فقط " والتفقیط من عنده ولیس من عندي، فإن لهذا الكلام استحقاقات كریهة لا یجرؤ على الإفصاح عنها إنسان متمسك بإنسانیته محب لوطنه ولمواطنيه..
وضع المسیحیین في سوریة عبر عنه بالصدق في موقفه الأخلاق الإنساني الراهب الإیطالي السوري ، أو السوري الإیطالي " باولو دالیلو " الذي طورد من قبل نظام الأسد " حامي المسیحیین " المدعى ، ثم اختطف وعذب وقتل من قبل عملائه المباشرین .
وضع المسیحیین في الثورة السوریة یشهد علیه شاهدان الأول : راهبات معلولا اللواتي طلب منهن أن یصمتن إلى الأبد . وكان أمرا كهنوتیا ملزما وصارما ، هددن على خرقه بالحرم الدیني !!
والشاهد الثاني : الوزیر اللبناني المسیحي میشیل سماحة الذي تآمر مع بشار الأسد وعلي مملوك وبثینة شعبان ، في قضیة نظرت أمام القضاء اللبناني ، على قتل البطركین صفیر والراعي ولفیفهما من رجال الدین الموارنة اللبنانیین لیتهم بقتلهم المسلمین ولیعطي الذریعة لبوتین ولالكسندر إیفانوف لیسوغوا لأنفسهم عملیات قتل وتشرید المسلمین باسم وذریعة حمایة المسيحیین !!
ربما لا یستطیع من رأى بالأمس الضحكة الدافئة الحنونة التي جمعت المبعوث البابوي إلى سوریة الكاردینال بیتر أبیاتوركسون .. أن یتذكر شیئا من مضمون رسالة البابا التي قیل إنها :تدعو إلى تسهیل عودة اللاجئین !! والإفراج عن المعتقلین ، والعودة إلى مشروع الحل السیاسي ..
زیارة المبعوث البابوي إلى سوریة وسط حمام الدم في معرة النعمان وفي أریاف حماة وإدلب وحلب ، حمام الدم الذي یتخوض فیه مثلث الشر ، تطرح على العقلاء سؤالا هل الزیارة زیارة مطالب أو زیارة مباركة وإعادة تأهیل ورد اعتبار للقاتل المجرم الأثیم ؟!
تصریحات ومواقف وسیاسات یمكن أن یُكتب حولها الكثیر ولكن المأمول من المتضرر الأول منها أن یدفع عن نفسه عارها وشنارها وشرها ، وقیمة الكلمة في وقتها. وبعد فواته فلا ینفع البكاء على اللبن المسكوب ...
وسوم: العدد 834