لدى تركيا خطة لإعادة اللاجئين.. هل تنجح؟
في كلمة له في الدورة الـ 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأميركية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده نجحت في إعادة حوالي 365 ألف لاجئ سوري من تركيا إلى المناطق التي أرست فيها أنقرة الأمن داخل سوريا، وأشار أردوغان إلى أن التباحث لا يزال جارياً مع الولايات المتحدة حول إقامة منطقة آمنة شمال شرق سوريا، لافتاً إلى أن أنقرة تنوي إقامة ممر سلام بعمق 30 كم وعلى طول 480 كم، وإعادة مليوني لاجئ سوري إلى هذه المنطقة بدعم من المجتمع الدولي.
وقال الرئيس التركي، إنه بالإمكان إعادة 3 ملايين لاجئ سوري حول العالم إلى بلادهم حال توسعة المنطقة الآمنة لتصل إلى خط محافظتي دير الزور والرقة السوريتين.
يعكس الطرح المذكور أعلاه، خطة كان الجانب التركي قد وضع تصوّراً أولياً لها قبل عدة سنوات، وتقوم على تأمين المنطقة الشمالية من سوريا وإعادة عدد من اللاجئين إليها، لكن المشكلة الأساسية كانت ولا تزال تتمثل في أمرين:
الأول هو إقناع اللاجئ أن هذه المنطقة ستكون آمنة فعلاً، في ظل العمليات العسكرية المستمرة لنظام الأسد وحلفائه إيران وروسيا، وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال اتفاق سياسي شامل ينهي النزاع في سوريا، أو من خلال ضمانات دولية، أو من خلال تواجد تركي مباشر.
أما الأمر الثاني، فيتعلق بالتمويل اللازم لمشاريع إعادة بناء البنى التحتية في تلك المناطق المدمّرة من الشمال السوري، آنذاك، كانت أنقرة تعوّل على تمويل خليجي، وفي ظل غياب ضمانات دولية حول تأمين المنطقة اللازمة لعودة اللاجئين، وفقدان التمويل نتيجة الخلافات الخليجية-الخليجية، وتقلّب المواقف الرسمية لبعض الدول الخليجية من النظام السوري، قررت أنقرة أن تأخذ الأمر على عاتقها، لكن مثل هذا الأمر دونه مشاكل وصعوبات كبيرة، فإنشاء المنطقة الآمنة يتطلب تواجد قوات تركية أو اتفاقاً أميركياً-تركياً، كما يتطلب إقناع موسكو بإيقاف عمليات الأسد في إدلب، المباحثات الأميركية- التركية بطيئة جداً، ويُعتقد أن واشنطن تماطل فيها عمداً كي تحول دون حصول تغييرات جوهرية على المشهد في الشمال من ناحية موقف التحالف من الميليشيات الكردية، أما روسيا، فهي لا تزال تدعم سياسة القضم والهضم التي يقوم بها نظام الأسد، ومن غير المتوقع أن تتركها.
أما التمويل، فيبدو أن أنقرة تريد من الأوروبيين أن يكونوا عماده الرئيسي، على اعتبار أن أمنهم مرتبط بمثل هذا المشروع أيضاً، مثّل هذا التصور بدوره بالضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة السورية، فمن المستبعد أن تقوم الدول بتقديم مبالغ ضخمة -يقال إن المشروع قد يكلف حوالي 27 مليار دولار- دون أن يكون هناك اطمئنان الى انتهاء الأزمة السورية بشكل تام، وهذا لا يكون باستمرار العمليات العسكرية، وإنما بحل عادل وشامل يفضي إلى خروج الأسد من المشهد.
المؤشرات الحالية لا توحي بأن مثل هذا الأمر سيحصل، أو أنه قريب في حال حصوله، فرغم كم الجرائم البشعة التي ارتكبها الأسد ونظامه، لا يزال الأخير يحظى بغطاء دولي بشكل أو بآخر.
الخطة قد تبدو جيدة على الورق، لكن دونها تحديات كبيرة وصعوبة بالغة في التنفيذ لا سيما في الوقت الراهن، وبالرغم من ذلك، فقد برز انقسام واضح في المواقف الدولية من الخطة التركية، كما تم انتقادها من قبل العديد من الأطراف، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: «ما البديل»؟، لا أحد لديه جواب على ما يبدو!
وسوم: العدد 844