فرنسا العلمانية تسوق لما تسميه الإسلام الفرنسي

من العبارات التي بدأ الترويج لها  في فرنسا منذ مدة عبارة : إسلام فرنسي " ،وكأن فرنسا ذات الماضي الاستعماري البغيض لا زالت تراودها  نزعتها الاستعمارية ، ولا زال بها نهم لنهب مقدرات وخيرات الشعوب التي احتلت أراضيها ، وصنعت منها رفاهيتها ، أصبحت  اليوم ترى أن دين الإسلام جزء  من تلك المقدرات التي أعطت لنفسها حق التصرف فيه بإضفاء الصبغة الفرنسية عليه .

ومن أشكال فرنسة الإسلام ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي نقلا عن قناة فرنسية، ويتعلق الأمر بمقابلة  أجريت مع إحدى المستبيحات لحرمة إمامة الصلاة ، وقد بدت متبرجة، ولمّا سألها محاورها  عن تبرجها، أجابت بكل وقاحة أنها لا تجد في القرآن الكريم ما يفرض عليها اللباس الإسلامي الساتر والصائن لعفة الأنثى ، وأنها قد أمت  متبرجة  خليطا من  ذكور وإناث جنبا إلى جنب كأنهم فوق حلبت مرقص .

هذه صورة من صور الإسلام الذي تريده فرنسا العلمانية فرنسيا لأنها تقف في خندق الجبهة الأولى التي تكيد له  كل كيد ، وهو الذي غزاها في عقر دارها وخبّب عليها أبناءها الذين رعتهم علمانيتها منذ ما يزيد عن قرن من الزمان ، وقد ظنت أن عقيدتهم العلمانية لن تزعزع أبدا  ، فإذا هي تتهاوى أمام الإسلام الذي فضح بتعاليمه السمحة أباطيلها .

 ألست عقيدتها العلمانية هي من تزعم أن من يسكن أرضها حر في اعتناق ما يشاء ، وفي نفس الوقت تضيق الخناق على ما ترتديه المسلمات من لباس ، وما تسترن به أجسادهن على شواطىء البحر ؟ إنها علمانية تصادر حرية جسد المرأة المسلمة ، وهي التي ترفع  في المقابل شعار المرأة العلمانية "جسدي ملكي وأنا حرة  في التصرف فيه" . إنها العلمانية التي تكيل بمكيالين، ذلك  أن أنثى حرة في العري والسفور ، وأخرى ممنوعة من ستر جسدها وصيانته من الابتذال .

ومع فشل العلمانية الفرنسية في مصادرة حرية الأنثى المسلمة في ارتداء لباسها، عمدت إلى مكر خبيث مستهدفة به الإسلام ، فاستباحت حرمة إمامة  الصلاة بأن جعلت متبرجة متنكرة لأي الذكر الحكيم  لجهلها الفاضح به ،تتقدم صفوف خليط من الذكور والإناث لتؤمهم مع أنه لم يحصل في فرنسا أو في غيرها من البلاد المسيحية  أن تقدمت أنثى من يرتادون الكنائس  في قداسهم . وعجبا لفرنسا العلمانية تسمح في الإسلام بما لا تسمح به في المسيحية أو في اليهودية . ولا أظن أن فرنسا العلمانية تجرؤ على القول بيهودية فرنسية  كما تجرؤ على القول  بإسلام فرنسي .

وعلينا أن نتصور الصلاة التي ستؤم فيها متبرجة متبرجات جنبا إلى جنب مع الذكور ،وتحتك فيها بينهم الخواصر ، وتقع العيون بعد الرفع من الركوع والسجود على العجائز وقد انحسر عنها ما يسترها ، وعلينا  والحالة هذه أن نتصور درجة الخشوع  الجنسي الحاصل  لهؤلاء المصلين والمصليات  في صلاة جنسية تحصل  فيها المساواة بين الذكور والإناث وكلهم  في حيز واحد يحتضنهم أخلاطا تحت مظلة الإسلام الفرنسي.

ولقد  استطاعت العلمانية الفرنسية الإباحية أن تجمع  بين الذكور والإناث في مراقص الخمارات والكازينوهات ، وفي الملاعب الرياضية وعلى الشواطىء ... فلماذا لا  تفكر في الجمع بينهم في مسجد ضرار عندها  ؟

وعما قريب سينعق الناعقون  العلمانيون عندنا مطالبين باقتباس تجربة  الإسلام الفرنسي الذي تؤم فيها المتبرجة  خليط المتبرجات والمتبرجين ، وكيف لا وقد علت أصوات هؤلاء مطالبة بحرية الجسد المفضية إلى حرية الجنس المثلي والرضائي ، وحرية إجهاض النسل الناتج عن سفاح ، وممارسة الجنس بلا "بيرمي " أو رخصة  على حد قول عالم اجتماع الإباحية  مؤخرا.

وسوم: العدد 846