واشنطن بوست: مسلمو الصين يواجهون إبادة ثقافية كل يوم
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق فريد هيات، يقول فيه إن الصين تشهد يوميا ليلة "تهشيم الزجاج"، في إشارة إلى عمليات تكسير المعابد اليهودية في تشرين الثاني/ نوفمبر، قبل 81 عاما، التي كانت الرصاصة الأولى التي أدت إلى حملة الهولوكوست ومعسكرات الاعتقال في أوشفيتز وسوبيبور وتريبلينكا.
ويشير هيات في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "حملات تدمير المساجد ومقابر المسلمين تستمر في غرب الصين بلا هوادة. وفي عملية الإبادة الثقافية، التي لا يوازيها أي شيء حدث فيما بعد الحرب العالمية الثانية، تم تدمير الآلاف من الأماكن الإسلامية، وسجن حوالي مليون مسلم في معسكرات اعتقال، حيث تم تقييد الأئمة الكبار في العمر بالأغلال، وأجبر الشباب على نبذ دينهم".
ويقول الكاتب: "أما من لم يعتقل من المسلمين فقد أجبروا على انتهاك حرمة شهر رمضان بالأكل والشرب والتدخين، ومنعوا من الصلاة ودراسة القرآن أو السفر للحج إلى مكة".
ويجد هيات أن "ما يعد مدهشا في الجريمة ضد الإنسانية هو أن الصين استطاعت أن تكمم من خلال القمع في القرن الحادي والعشرين والبلطجة، أنواع التغطية الإخبارية لما يحدث في مناطق المسلمين كلها".
ويرى الكاتب أن "هذا يجعل من صدور الأدلة الوافية عن الجريمة في كتاب بهرام كي سينتاش (محو الدين: تدمير وتشويه مساجد ومزارات الإيغور) أمرا مهما، ويبلغ سينتاش من العمر 37 عاما، ويعيش الآن في الولايات المتحدة، ونشأ في ظل نظام دولة يصفها بـ(دولة رقابة بوليسية لم يمر على العالم مثلها)، وقامت الشرطة الصينية باعتقال والده في شهر شباط/ فبراير 2018، ولم يسمع عنه سينتاش منذ ذلك الوقت، ولأنه لم يكن قادرا على مساعدة والده، الذي إن كان حيا فإنه قد بلغ من العمر 69 عاما، قام بهرام بنقل مشاعر القلق عبر توثيق التدمير المنظم للثقافة الإيغورية".
ويلفت هيات إلى أن "الإيغور مثل بهرام ووالده والملايين منهم في الصين ينتمون إلى إثنية الإيغور، وهم مسلمون، وحافظوا ولعقود طويلة على مكان داخل الصين الشيوعية، وفي الحقيقة قام الحزب بالتدقيق في الأئمة، ووافق على خطبهم، وسمح بثقافة الإيغور".
ويستدرك الكاتب بأنه "في ظل الحكم القمعي المتزايد لشي جين بينغ لم يعد هناك تسامح مع أي شيء يتنافس مع الولاء للحزب، وحكم على الأئمة ورجال في الثمانين من عمرهم بالسجن لعشرين عاما، وأي شيء يبدي مظهرا إسلاميا، حتى القبة فوق متجر، يتم تدميره بالكامل".
ويبين هيات أنه "بناء على صور التقطتها الأقمار الصناعية ومقابلات مع منفيين خرجوا من الصين، فإن سينتاش قدر عدد الأماكن الدينية التي تم تدميرها بما بين 10 آلاف إلى 15 ألف موقع".
وينوه الكاتب إلى أن "سينتاش تحدث في مؤتمر الوقفية الوطنية للديمقراطية في واشنطن ، وقال إن الكثير من الأماكن الدينية هي مساجد في القرى ولا يمكن للأقمار الصناعية التقاطها، ولا يتجرأ من هم على الأرض على تصويرها وإرسالها؛ لأن عمل ذلك يقود إلى السجن في معسكرات الاعتقال، إلا أن سينتاش وثق تدمير أكثر من 150 مسجدا كبيرا، قبل تدميرها وبعده، بالإضافة إلى مزار ديني تم تحويله إلى موقف سيارات، وعادة ما يتم الحفاظ في المدن الكبيرة على مسجد لأغراض دعائية وللسياحة، لكن بعد أن يتم استبدال الزخارف الدينية بأعلام الحزب".
ويكشف هيات عن أنه "تم تحويل المقبرة الإسلامية، التي تعود إلى قرون طويلة، (سلطانيم) في هوتان إلى ما بدا مثل كومة من التراب".
وينقل الكاتب عن أحد المنفيين الإيغور، قوله: "دفن والدي وجدي في هذه المقبرة.. كانت المقبرة من أهم الأماكن الدينية لملايين الناس الذين كانوا يأتون لزيارة هوتان كل عام".
ويفيد هيات بأنه "عادة ما يتحفظ العاملون في عالم حقوق الإنسان عند القيام بموازاة مع الهولوكوست التي يعدونها حالة استثنائية في التاريخ، إلا أنه عند الكشف عن التقرير ظلت كلمة هولوكوست تحضر في النقاشات باعتبارها الكلمة الأفضل للمقارنة".
ويورد الكاتب نقلا عن مؤسس ومدير مشروع حقوق الإنسان للإيغور، عمر كانت، قوله إن حادثة تهشيم الزجاج هي عامة، أما مدير الوقفية الوطنية للديمقراطية كارل غيرشمان، فشبه مراسلي إذاعة راديو آسيا الحرة بجان كارسكي، البولندي الذي حاول تحذير العالم من النازية وجرائمها.
ويشير هيات إلى أن "مراسلي إذاعة آسيا الحرة يعيشون في المنفى؛ لأن الصين تمنع دخولهم، لكنها سجنت أفراد عائلاتهم غرب الصين انتقاما مما تقوم فيه الإذاعة من تصوير الإبادة الثقافية، لكن ما هو أثر هذه الهجمات على المجال الديني؟".
وينقل الكاتب عن الباحثة المحترمة راحيل داووت، التي كانت في عام 2017 تحضر للسفر إلى بكين من بيتها في عاصمة الإقليم أروموكي عندما تم اعتقالها، قولها قبل سنوات من اختفائها: "لو أن أحدا قام بنزع هذه المزارات فسيفقد الإيغور صلتهم بالأرض، ولن يكون لهم أي تاريخ شخصي وروحي وثقافي، وبعد سنوات لن تكون لدينا ذاكرة عن سبب عيشنا هنا وانتمائنا".
ويختم هيات مقاله بالإشارة إلى قول سينتاش إنه يخشى من "الحل النهائي" الذي تقوم به الصين لتدمير الشعب الإيغوري، وأضاف: "لا أعلم إن كان والدي ميتا أو حيا الآن.. لكن ما أراه هو أن المساجد التي صلينا فيها قد اختفت".
وسوم: العدد 851