هلْ ألقَتْ " نبع السلام " بظلالها على إدلب ؟
ترى طائفةٌ من المُراقبين في اتفاق سوتشي، الذي وقّعتْه تركيا مع روسيا، بخصوص شرق الفرات، يوم الثلاثاء: 22/ 10 ـ الفائت، بطاقة خضراء لروسيا، في المضي قُدُمًا في تنفيذ مخططها في إدلب، و ذلك من خلال نفاذها في البندين: الثاني، و الرابع، اللذين ينصَّان على:
- تأكيد الجانبين عزمهما على مكافحة الإرهاب في كل أشكاله وصوره وتخريب الأجندات الانفصالية في الأرض السورية.
- تجديد الجانبين التأكيد على أهمية اتفاق أضنة، الموقَّع بين سورية وتركيا عام 1998، ( و يعطي حسب ملاحقه السرية الحقَّ لأنقرة بملاحقة الإرهابيين في الداخل السوري حتى عمق 30 كم )، وإنَّ روسيا سوف تسهل تطبيقه في الظروف الحالية.
فبحسب منطوقهما تكون روسيا، قد ألزمت تركيا بمحاربة الجماعات الجهادية في إدلب، المُصنَّفة على قوائم الإرهاب، حتى في وزارة خارجيتها، فضلًا على جعلها تسير في فلك اتفاق أضنة، الذي يُحدِّد لأنقرة عمق المساحة التي يُسمح لها بالتحرّك فيها، و هي لا تزيد عن ( 32 كم )، التي لم تتجاوزها في نبع السلام، و من المفترض أنّها لن تتجاوزها في إدلب، كما لم تتجاوزها في درع الفرات، أو غصن الزيتون.
و هو الأمر الذي بات مشاهدًا بشكل لا تخطئه الحسابات، في العمق الذي توقَّفت عنده تركيا في تلكم المناطق الثلاث، مثلما ستعيد تموضعها بموجبه في إدلب، و هو ما بات غير خافٍ على المتابعين لخارطة التحرّكات العسكرية لتحالف روسيا منذ انطلاقها في الشهر الرابع الفائت.
و بذلك تكون موسكو قد زادت من مساحة نفوذها في شرق الفرات، على حساب أنقرة التي ظنّتْ أنّها ستنافس الكبار؛ من غير أن تدرك أنّها قد سقطَتْ في الحفرة نفسها، التي ظنّ صدام حسين أنّه سيُلاعب فيها أمريكا حين غزوه الكويت.
و بحسب قراءة هؤلاء المراقبين، فإنّ الوجود الروسي في شرق الفرات جاء ضروريًا؛ إبقاءً لإدلب خارج المعادلة التركية ـ الروسية، و إنّ أيَّ تحرك منها في إدلب، يستوجب التحرك ضدها شرق الفرات.
و لا أدلّ على ذلك كثرة شكواها من التلكؤ الروسي في تنفيذ ما يتعلّق بمنبج و تل رفعت، إلى جانب صمتها على مسلسل القصف اليومي لمناطق جنوب و شرق إدلب، بشكل لافت للنظر، و حتى موقفها من قصف مخيم قاح، مساء يوم الإربعاء: 20/ 11ـ الجاري، القريب من المنطقة " أ " المتاخمة لحدودها، لم يكن ليرتقي إلى بيان الاستنكار الأمريكي.
و هم لا يعيرون كثير أهمية لتصريح وزير الدفاع التركي " خلوصي أكار"، يوم السبت: 23/ 11ـ الجاري، أمام اللجنة البرلمانية، بأنه من الممكن تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في محافظة إدلب، عندما تنسحب قوات النظام إلى ما خلف الخطوط المتفق عليها مسبقاً مع الجانب الروسي، أو مطالبة الحكومة التركية على لسان المتحدث باسم الرئاسة " إبراهيم كالن "، الجانب الروسي بوقف التصعيد والهجمات العسكريّة على مناطق الشمال السوري، للحفاظ على الوضع الراهن ومنع تدفق مزيد من اللاجئين، و بأنّ هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق السلطات الروسية لمنع تحرشات النظام؛ لأنَّ اتفاق منطقة خفض التصعيد في إدلب لا يزال ساريًا.
وسوم: العدد 852