ايران تورط العراق مع السعودية
يحاول النظام الإيراني أن يعكر صفو العلاقات العربية ـ العربية بشتى الوسائل، في محاولة لسحب بعض الدول والولايات التابعه له (العراق، سوريا، لبنان واليمن) من الحضن العربي الى الحضن الفارسي، لينعش في مخيلته المريضة أحلامه في إعادة بناء الدولة الساسانية التي عصف بها عمر الفاروق والقادة العرب الأبطال. يزعم النظام انه إسلامي، لكنه كيف نبرر كراهيته للفتح الإسلامي، وقائده الذي أزال عن بلاد فارس ظلام المجسوية، وأضاء البلاد بنور الإسلام البهي؟ لماذا يحنوا الى العهد المجوسي؟ ولماذا يمجدوا ملوكهم المجوس؟ ولماذا يكرهوا العرب؟ ولماذا يلتزموا بالتقويم المجوسي؟ لماذا يتغنوا بأسماء مجوسية (صفوي، رستم، كسروي)؟ ولماذا يعادوا الإسلام ويشوهوا صورته الجميلة؟ لماذا الحكومة الإسلامية ـ حسب وصفها ـ ترعى الإرهاب في كل دول العالم؟ الحقيقة إن كان النظام الملالي إسلامي فعلا، فعلى المسلمين أن يتبرأوا من دينهم. ولكن الحقيقة التي باتت معروفة للجميع أن هذا النظام القمعي والإرهابي هو الأبعد عن الإسلام، الإسلام نور وعدل ومحبة وتآخي وتوحد، وتسامح، وثقافة، وجميع هذه المفردات لا وجود لها في قاموس ولاية الفقيه.
عمل نظام الملالي بكل قوة على سحب العراق من حاضنته العربية، وتقدم بخطوات ملموسة في هذا الإتجاه طوال عقد ونصف من الزمن، وقد إعتمد على الأحزاب الدينية التي تفقست في ولاية الفقيه، وتمكن بعدها من نشر بساطه على الزعماء السنة والأكراد، ومد بساطه أكثر الى بعض رجال الدين السنة، فلفهم تحته. ك
انت سحب الحقد اللوم والقدح على العروبة ينزل كالمطر على الأنظمة العربية، وهذه الأنظمة تتحمل بدورها وزر ترك العراق وحيدا وفريسة بين فكي الخامنئي. ما أن بدأت النهضة الجماهيرية، وتنامى الوعي الوطني بعد الثورة العراقية الكبرى في الأول من تشرين 2019، وكشف اللثام عن خطورة الدور الإيراني في العراق، وتحمله هو والأمريكان الإنحطاط غير المألوف الذي وصل اليه العراق، حتى طار صواب الولي الفقيه وبدأ يتخبط، لأنه ليس من المنطق ان ما تبنيه في عقد ونصف من الزمن وتنفق عليه مليارات الدولارات ينهار خلال شهرين فقط، وفي أهم بلدين كان نظام الملالي يراهن على تبعيتهما المطلقة له، وهما العراق ولبنان، والذي جعل الخامنئي يضرب رأسه في الحائط، ان الإنتفاضات في العراق انفجرت في محافظات ذات أغلبية شيعية. من جهة أخرى حددت القوات الروسية والتركية الى حد بعيد التغول الإيراني في سوريا، تضائل دور ولاية الفقيه في اليمن بعد خنقه من قبل الولايات المتحدة، وصار الشعب الإيراني يطالب حكومته بوقف الدعم للدول الأخرى، وعدم التدخل في شأنها الداخلي، والإهتمام بالشعب الإيراني، وهذا ما توضح من خلال الشعارات المدوية التي تناقلتها وسائل الإعلام من داخل إيران، ولاتزال الإحتجاجات مستمرة في ايران رغم التمويه الإعلامي.
الهجوم على أرامكو يعود الى الواجهة
كلنا يستذكر العدوان الإرهابي الذي إستهدف منشأة أرامكو النفطية في السعودية، وكان له أثرا سلبيا على أسعار النفط، على الرغم من إحتواء الأزمة سريعا من قبل المملكة، وتوجهت أصابع الإتهام الى نظام الملالي، على إعتبار ان هجوم بهذا المستوى لا يمكن أن تقوم به جماعة متطرفة كداعش وتنظيم القاعدة الإرهابيين، وإنما دولة تمتلك تقنية عسكرية وإستخبارية كبيرة، والغريب في هذا الموضوع ان السعودية لملمت أطراف الهجوم، وتكتمت عن النتائج بصورة تثير الحيرة والشك، لأنه ليس من المعقول أن تدق الطبل بقوة، وبعدها تخفيه كأن شيئا لم يكن! أين نتائج التحقيق؟ ولماذا التكتم عليها؟ ولمصلحة من؟
في حينها كشفت ( شبكة سي إن إن) الأمريكية " أن الاعتداء الذي استهدف معملين كبيرين تابعين لشركة أرامكو في المملكة السعودية وتبنته جماعة الحوثيين اليمنية نفذ من العراق". وزيادة في المعلومات نقلت" عن مصدر مطلع على مجريات التحقيق في الهجوم الذي أسفر عن توقف 50% من إنتاج الشركة الحكومية السعودية قوله" إن المعلومات الأولية تؤكد أن القصف نفذ بواسطة طائرات مسيرة لم تقلع من اليمن بل من العراق". ولتثبت المسؤولية بشكل أقوى، صرح وزير الخارجية الأمريكي (مايك بومبيو) على تويتر" إلى غياب أي أدلة على أن الهجوم الذي استهدف المعملين في محافظة بقيق وهجرة خريص نفذ من اليمن". من جهتها أكدت صحيفة (وول ستريت جورنال) أن "خبراء سعوديين وأمريكيين يحققون في احتمال استخدام صواريخ كروز في الهجوم أطلقت من العراق أو إيران".
العراق ينفي ان الهجوم تم من ارضه او من قبل الميليشيات العراقية
جاء في بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في 15/9/2019 بأنه " تم تشكيل لجنة من الأطراف العراقية ذات العلاقة لمتابعة المعلومات والمستجدات، وندعوا جميع الأطراف إلى التوقف عن الهجمات المتبادلة، والتسبب بوقوع خسائر عظيمة في الأرواح والمنشآت". بالطبع لم يعلمنا قزم ايران الأطراف العراقية، وكالعادة أغلق الموضوع دون معرفة المزيد عن عمل اللجنة وما توصلت اليه، كان الأمر أشبه بنثر الرماد في العيون لا أكثر. وبعدها أشار بيان آخر إلى أن" الحكومة العراقية تتابع باهتمام بالغ هذه التطورات، وتتضامن مع أشقائها وتعرب عن قلقها من أن التصعيد والحلول العسكرية تعقد الأوضاع الإنسانيّة والسياسية، وتهدد أمننا المشترك والأمن الإقليمي والدولي" ينفي العراق ما تداولته بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عن استخدام أراضيه لمهاجمة منشآت نفطيّة سعودية بالطائرات المسيرة، ويؤكد التزامه الدستوري بمنع استخدام أراضيه للعدوان على جواره وأشقائه وأصدقائه وأن الحكومة العراقية ستتعامل بحزم ضد كل من يحاول انتهاك الدستور".
كما أكد رئيس وزراء العراق عادل عبدالمهدي في بيان بعد لقائه (ينس ستولتنبرغ) الأمين العام لحلف شمال الأطلسي في 17/9/2019 " ان سياستنا المتوازنة تخدم استقرار العراق وجميع دول المنطقة ونتصرف بمسؤولية تجاه الأزمة الإقليمية الحالية لحفظ مصالح شعوب المنطقة ودولها، ولا يمكن أن يتسبب العراق بأذى لأشقائه وجيرانه".
لكن هل كان عميل ايران في العراق صادقا أم كاذبا؟ هل كان يعرف الحقيقة أم يجهلها؟ طالما هو القائد العام للقوات المسلحة فهذا يعني انه يعرف كل شاردة وواردة عن تحركات قواته المسلحة بما فيها الميليشيات الولائية التابعة للحشد الشعبي؟ وهو في كل الأحوال يتحمل جريرة أعمالها.
صار الأمر على المحك، اما عادل عبد المهدي يكذب أو وزير الخارجية الأمريكي والمخابرات الأمريكية تكذب؟ ولأن عادل عبد المهدي بدأ وانهى مشواره السياسي بالكذب والدجل والتبعية للولي الفقيه، فإن كفة الميزان ستكون في صالح بومبيو. وسنترك الموقف السعودي جانبا لأنه ضبابي ولا يقدم أو يؤخر في الموضوع. ونقصد بذلك الموقف الإعلامي، لأنه ليس من المعقول ان الرصد الجوي السعودي المتطور لم يكشف مصدر انطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، وإلا لكانت فاجعة ما بعدها فاجعة للمملكة، كما يقول المثل العراقي (نائم والماء يجري من تحته).
ايران تؤكد ان الميليشيات العراقية هي من نفذت الهجوم
النظام الإيراني ليس له أصداقاء أو اعداء دائمين، وهذه قاعدة سياسة معروفة في العلاقات الدولية، فالميليشيات الولائية سيأتي اليوم الذي تتخلى عنها ولاية الفقية وتتركهم طعما للآخرين، لأن مصلحة النظام فوق كل إعتبار، وهذا ما لم يدركه زعماء الميليشيات الولائية في العراق، أنهم مجرد أداة متى إنتهت الفائدة منها سترمى في مكب النفايات. وفي الوقت الذي تشتد قبضة الإدارة الامريكية على خناق الميليشيات الولائية من خلال العقوبات التي طالت وستطيل المزيد من زعمائها، كان من المفترض ان يقدم الولي الفقيه طوق النجاة لأقزامه، او التزام الحياد على أقل تقدير متفرجا على غرقهم المحتم، على إعتبار انهم جميعا في مركب العقوبات الأمريكية، لكن الغريب في الأمر ان الولي الفقيه رمى بطعم جديد للحوت الامريكي ليزيد من شدة قبضته على رقبة الميليشيات الولائية، وهذا أمر مرٌ بهدوء دون أن يلفت إنتباه الرأي العام العالمي والعراقي.
فقد صرح (عباس موسوي) المتحدث باسم الخارجية في15/12/2019 ان" اتهام طهران بهجوم أرامكو والهجمات على قواعد أمريكية في العراق مجرد مزاعم واهية، وسيدرك الأمريكيون لاحقا أنهم مخطئون. أن اخوتنا في الحشد الشعبي هم من اطلقوا الصواريخ تجاه القواعد الامريكية وهذا حق طبيعي له، كما أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن هجوم أرامكو أثبت أنه لم يكن لإيران أي دور فيه بل الحشد الشعبي، لكن واشنطن وجهت الاتهام لطهران منذ الساعات الأولى، نأمل أن يتقبل الأمريكيون العار الذي سيلحق بهم بشأن الهجمات في العراق على شاكلة هجوم أرامكو".
هذا التصريح الخطير أكد ان الميليشيات الولائية في العراق هي من نفذت الهجوم على ارامكو، بمعنى ان الحكومة العراقية كانت تكذب في بياناتها، وهذا الأمر من شأنه ان يرتب على العراق اعباءا مالية هو في غنى عنها، فمن حق المملكة العربية السعودية أن تطالب الحكومة العراقية بدفع التعويضات التي خسرتها تجاه العدوان على منشآتها النفطية، وهي بالمليارات من الدولارات. ومبدأ التعويض عن الخسائر بسبب العدوان متعارف عليه دوليا، بل النظام الايراني نفسه طالب العراق بدفع التعويضات عن حرق قنصلياته، فقد أكد موسوي أن" طهران طلبت من العراق التعويض المالي عن خسائر حرق قنصليتها في مدينة النجف". (وكالة تسنيم الايرانية).
هل ادركت الحكومة العراقية مغبة تغول الميليشيات الولائية وحجم خضوعها لإرادة الولي الفقيه؟ وهل سيدرك زعماء الميليشيات الولائية الفخ الجديد الذي أوقعهم فيه النظام الايراني الذي يدافعون عنه حتى الموت؟ اسمعوا تصريح عميل ايران الجزار(عادل عبد المهدي) رئيس الوزراء المخلوع منصبا شرفا ودينا وضميرا ووطنية في15/12/2019 " رفضنا واستنكارنا ادراج اسماء من زعماء مشروع المقاومة الاسلامية بقيادة الامام خامئني والداعم لهذا المشروع خميس الخنجر في قوائم عقوبات وممنوعات من قبل الولايات المتحدة. إن ايران بالنسبة لنا تمثل الرمز الالهي نموت تحت علمها في الدفاع عن مشروع الامام خميني، وسنبقى نقاوم غطرسة الشيطان الأكبر أمريكا حتى الشهادة تحت لواء الحشد الشعبي". نترك التعليق للقراء الأفاضل.
وسوم: العدد 856