الجاسوسية الصهيونية ، في بلاد العرب ، بين الأمس واليوم !
الجاسوسية مهنة معروفة مشهورة ، عبر التاريخ البشري ، وفي سائر الأزمنة ، والدول ، والمجتمعات البشرية ؛ ولا سيّما ، بين الدول المتحاربة والمتنافسة ، إضافة إلى الدول ، التي تربطها صداقات وأحلاف ! وفي كلّ فترة من الزمن ، تكتشف دولة ما ، جاسوساً في بلادها ، تابعاً لدولة ، معادية أو صديقة ، فتحقّق معه ، وتحبسه ، وتجري مفاوضات مع دولته ، لتبادل الجواسيس ، أو لإطلاق جاسوس ، مقابل مصلحة ما ! وقد يكون المتجسّس موظفاً ، في هيئة ديبلوماسية ، فتطرده الدولة التي يتجسّس فيها ، تحت صيغة : شخص غير مرغوب فيه !
والصراع الجاسوسي ، بين بعض البلدان العربية ، ودولة الصهاينة ، معروف ، منذ قيام دولة إسرائيل ، وهو مستمرّ، إلى اليوم ، لكن صوره اختلفت ، كثيراً ، عمّا كانت عليه ، قبل نصف قرن من الزمان !
نماذج من الجواسيس الصهاينة !
جاسوس إسرائيلي ، في سورية ..
إيلي كوهين : ضابط صهيوني ، من أصل مصري ، جنّدته المخابرات الإسرائيلية ، للتجسّس على سورية ! وقد أرسلته ، إلى الأرجنتين ، تحت اسم : كامل أمين ثابت ، السوري المهاجر! ثمّ تعرّف على ديبلوماسي ، هناك ، وعقد معه صداقة حميمة ! وحين عاد الديبلوماسي ، إلى بلاده ، ليشغل مهمّة رئيس جمهورية ، جلب الجاسوس كامل أمين ثابت ، ودمجه بقادة الدولة ، وأغدق الجاسوس الهبات والهدايا ، على كبار الضيّاط وأسَرهم ، وظلّ يعمل ، في بداية ستّينات القرن المنصرم ، في عهد حزب البعث ، حتى كشف أمره ، وأعدِم ، بعد أن زوّد إسرائيل ، بمعلومات شديدة الأهمّية والخطورة ، ساعدتها ، في الاستيلاء ، على الجولان السوري ، الذي مايزال تحت سيطرتها ، حتى اليوم !
جاسوس إسرائيلي ، في مصر:
ظلّ يعمل في مصر، في النصف الأول ، من ستّينات القرن المنصرم ، حتى عام 1967، حين قامت الحرب ، التي هُزمت فيها الدول العربية ، هزيمة ساحقة ! وكان له تأثير كبير، في هذه الحرب ، وطار من مصر، عائداً إلى إسرائيل ! وكتب كتابه : ( تحطّمت الطائرات عند الفجر)، يقصد الطائرات المصرية ، التي دُمّرت في مواقعها ، ممّا أدّى ، إلى شلل الطيران المصري ، تماماً ، وخلت أجواء مصر، للطيران الصهيوني !
جاسوس مصري ، في إسرائيل :
صنعت المخابرات المصرية ، شخصيات جاسوسية تلفزيونية ، ومثّلت هذه الشخصيات ، أدواراً بطولية ، لجواسيس مصريين ، اخترقوا الأمن الصهيوني ، وأمدّوا مخابرات دولتهم ، بمعلومات ثمينة ، ممّا أسهم في بعض الانتصارات ، في حرب تشرين ! وكان من أبرز هذه الشخصيات ، شخصية رأفت الهجّان ! وقد كُتب ، عن هذه الشخصية ، مسلسل تلفزيوني قويّ ، دغدغ أحلام المصريين ، والعرب ، بشكل عامّ !
*
اليوم : إسرائيل ليست بحاجة ، إلى جواسيس ، من النوع العادي البسيط ، بعد أن جنّدت زعماء كباراً ، في أعلى قمّة الهرم ، في عدد من الدول العربية ! ثمّ ، هل يَقبل ، اليوم ، أشدُّ الناس إخلاصاً لوطنه ، أن يعمل جاسوساً ، ضدّ إسرائيل ، لمصلحة بلاده ، التي يَصنع قراراتها ، في أعلى المستويات ، جواسيس إسرائيل ، الذين يدّعون الانتماء ، إلى أمّة العرب !
ولا بدّ من التذكير، بأن هذه الجاسوسية ، تُعَدّ سياسة ، في نظر أصحابها ، أمّا الشعوب التي تراها خيانة بشعة مفضوحة ، فلتذهب إلى الجحيم !
وسوم: العدد 860