هل سيكون الردّ الإيراني على الضربة الأمريكية سيبرانيا؟
قدرات إيران السيبرانية
تعتبر إيران واحدة من أكثر اللاعبين نشاطًا في مجال الإنترنت الدولي والقدرات السيبرانية، والقوّة الرابعة عالميًا في الجيوش الإلكترونية، ومنذ نوفمبر 2010، تعمل منظمة تدعى (قيادة الدفاع السيبراني) في إيران تحت إشراف وزارة الدفاع في طهران والتي تعتبر واحدة من الأركان الأساسية المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية، وبحسب معهد دراسات الأمن القومي الإيراني فإن قيادة الدفاع السيبراني تصنّف كرابع أكبر قوّة إلكترونية بين الجيوش الإلكترونية في العالم.
عُقد مؤتمر في المركز متعدد المجالات في هرتسليا قال يوسي كوهين رئيس المخابرات الإسرائيلية خلال كلمته: إن إيران رصدت على الأقل، مليار دولار للحصول على تقنيات تكنولوجية، وتدريب الخبراء وتطوير قدراتهم في الحرب الإلكترونية.
تطوّر النشاط السيبراني الإيراني
فالنشاط السيبراني الإيراني في بداياته كان منصبًا على الأعمال الداخلية وتحديدًا استهدف الأفراد وجماعات داخل إيران، من المعارضين أو حتى السياسيين والموظفين الحكوميين الكبار كوسيلة للضغط أو الابتزاز لإبقاء هذه المجموعات تحت سيطرتها، فتجمع المعلومات عنهم وتقوم بإخضاعهم، لكن الأمر سرعان ما تطوّر لتدخل ضمن نشاط قيادة الدفاع السيبراني أعمال عابرة للحدود.
فيروس شامون المدمرّ
ورغم أنه لم يعلن رسميًا عن ضلوع إيران مباشرة في حرب إلكترونية، فإن المسؤول الأمريكي "جيمس لويس" بمركز الدراسات الإستراتيجية الدولية، أكدّ أن الوكالات الحكومية الأمريكية توصّلت إلى ضلوع إيران في تدبير فيروس شامون الذي أدى إلى شلّ عشرات الآلاف من أجهزة الحاسب في الشركة السعودية أرامكو، وشركة رأس غاز القطرية للغاز الطبيعي، وفقاً لما ذكرته وكالة فرانس برس، ووفقًا لتصريح أدلى به "روبرت كات" المدير التنفيذي لمعهد (سايبر ساينس إنستتيوت) لمجلة نيوزويك الأمريكية، فأن الإيرانيين أكثر تطورًا من لاعبين آخرين مصنفين في هذا المجال، وتحديدًا روسيا، والصين، وكوريا الشمالية، وبحسب كات فإن إيران نفّذت هجمة كبيرة منسقة على المؤسسات المالية الأميركية في وول ستريت عام 2012.
المملكة العربية السعودية في مرمى الهجمات السيبرانية
ولعل أهم الأهداف وأسهلها بالنسبة لقيادة الدفاع السيبراني التي تقود عمليات الهجمات الالكترونية الإيرانية، هي المملكة العربية السعودية، وذلك لضعف المنظومة الالكترونية السعودية، وعدم جدوى البرمجيات الدفاعية المستخدمة في العديد من القطاعات وعلى رأسها قطاع النفط السعودي، الهدف الأسهل والأكثر استهدافا من قبل الإيرانيين ولقد شهدت شركة أرامكو السعودية العديد من الاختراقات، تم جمع معلومات كثيرة من خلالها تخص الإنتاج والمخزون وعقود البيع والآجل منها، توجت تلك الاختراقات بهجوم على مصافي النفط في كل من بقيق وخريص في سبتمبر 2019 والذي تسبب في رفع أسعار النفط في العالم بنسبة 20%.
ضعف القدرة السيبرانية الإيرانية
وعلى الرغم من تهويل إيران لقدراتها السيبرانية إلا أنها تعّرضت لهجوم سيبراني كان الأكثر تأثيرا على سمعة ذلك الجهاز الكبير والممول بملايين الدولارات حتى يكون الأقوى بحسب المستهدف من الحكومة في طهران، فعلى الرغم من هذه الإمكانيات اللا محدودة التي تضعها الحكومة الإيرانية تحت تصرف الجهات، إلا أن قيادة الدفاع السيبراني لم تستطع حماية وثائق مهمة تخص المشروع النووي لبلادها، وكذا مشروع تطوير منظومة الصواريخ البالستية التي تعمل عليها طهران من أجل تطوير قدراتها الصاروخية، كأحد وسائل الردع المتاحة في ظل الضغوط التي تمارس عليها، مع ذلك تظل إيران من القوى السيبرانية المعتبرة في العالم.
الردّ الإيراني قد يكون سيبرانيًا
بعد الضربة الإيرانية على قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق ردًا على قتل الأخيرة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ومع إعلان المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي أن الضربة لن تكون الأخيرة وأنها غير كافية، فإن احتمالية توجيه إيران ضربة جديدة لأمريكا واردة، على الرغم من الوساطات التركية والغربية لنزع فتيل الأزمة.
وإن كانت إيران غير مستعدة الآن لمواجهة عسكرية مباشرة مع أمريكا، ولا مع حلفائها في الخليج ولا حتى بالوكالة، من خلال ميليشياتها، لاسيما بعد فرض الرئيس ترامب عقوبات جديدة عليها، فإن الخيار المحتمل للردّ الإيراني على أمريكا وحلفائها في الخليج سيكون سيبرانيا على خلفية الجرح الذي أحدثه مقتل سليماني لما كان له من قيمة كبيرة لدى الشعب الإيراني وجمهورها في الدول الحليفة، وقد تكون عملية اختراق وكالة الأنباء الكويتية كونا ونشر أنباء مغلوطة على لسان وزير الدفاع الكويتي الشيخ أحمد المنصور الصباح حول انسحاب القوات الأميركية من بلاده تكون البداية لتلك الضربة السيبرانية الإيرانية المنتظرة.
وسوم: العدد 861