صدّ العدوان ليس عدواناً ، والتسوية بينهما ظلم !

في الفتن ، يختلط الحقّ بالباطل ، والخطأ بالصواب ، ويحار الكثيرون ، ويتحزّب الكثيرون ، على أسس : الثقة ، أو المصلحة ، أو القرابة ، أو الصداقة ..!

وقد يعتزل بعض الناس الفتنة ، لجهلهم بالجهة المُحقّة ، والجهة المُبطلة .. أو بسبب بعض التلبيسات ، التي يمارسها بعض الأطراف !

وأشكال العدوان كثيرة ؛ فقد يكون العدوان : عسكرياً أو سياسياً .. وقد يكون اعتداء على الأنفس ، أو الأموال ، أو الأعراض ..!

وقد يكون صدّ العدوان ، بأسلوب مماثل للعدوان ، أو بأسلوب آخر مختلف !

وبصورة عامّة : التسوية بين العدوان ، وصدّ العدوان ، فيها ظلم كبير؛ سواء أكانت هذه التسوية ، بذريعة أنّ كلاّ من الفريقين ، يقاتل الآخر، أو بأيّة ذريعة غيرها ، مشابهة لها !

والشرع الإسلامي ، قد حسم هذه المسألة ، بصورة واضحة ؛ قال تعالى :

(وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلِحوا بينهما فإن بَغت إحداهما على الآخرى فقاتِلوا التي تبغي حتّى تَفيءَ إلى أمر الله فإنْ فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسِطوا إنّ الله يحبّ المقسطين)     

والتاريخ البشري ، يقدّم نماذج كثيرة ، في عصوره المختلفة ، القديمة منها والحديثة!

والإفاضة في تعداد الأمثلة ، غير مجدية ، وحسبُنا أن نَذكر بعض الأمثلة ، من التاريخ الحديث ، ونقتصر على الأمثلة ، القائمة في واقع أمّتنا ، اليوم !

في سورية  : لم يَكتف آل أسد ، بأن سرقوا السلطة من الشعب ، وتحكّموا بالبلاد والعباد ، بل طفقوا يمارسون ظلماً بشعاً ، متنوّع الأشكال ، ويعتدون على الأنفس، والأموال ، والأعراض .. بل اعتدوا ، بشكل صارخ ، على دين الأمّة !

وحين ثار الشعب ، سِلماً ،  ضدّ هذا الظلم ، سخّروا أجهزة الدولة ، كلها ، لقمع الثورة السلمية ! وحين حمل الشعب السلاح ، سمّى بعض المؤازرين لآل أسد، مايجري في سورية : حرباً أهلية ، غاضّين النظر، عن العدوان الظالم ، الذي تمارسه السلطة الأسدية ! وأعان سلطة آل أسد ، مؤازروهم من الشرق والغرب ، ومن الجهلة والمنتفعين ، من أبناء الشعب السوري !

وتدرّجت وسائل الإعلام ، في عدوانها الإعلامي ، حتى وصلت ، إلى أن شعب سورية ، هو المعتدي على السلطة الشرعية ، في بلاده !

في ليبيا : جهة شرعبة ، معترف بها ، دولياً ، وفق القوانين الدولية ، يناجزها مجرم اسمه : خليفة حفتر؛ فيعتدي على الأمنين والأبرياء ، بالصواريخ والطائرات .. وتروّج وسائل الإعلام المغرضة ، بأن الفريقين يتقاتلان ، على السلطة ، دون النظر إلى سلطة شرعية ، وغير شرعبة ! وواضح أن في هذا تمييعاً ، للحقّ والباطل ، وتوزيعاً لهما ، على الفريقين ، بالتساوي ؛ فيكون الظالم والمظلوم ، والمحقّ والمبطل سواء ، في هذا العبث المقيت ، الذي تزهق فيه أرواح الأبرياء ، بلا طائل !

وسوم: العدد 870