البُنى السُلطوية للعجَزة ، أهمّ أركانها : الإكراه ، أو التهديد به !
الحياة صراع ، متنوّع الأشكال ، متعدّد الأهداف : صراع عسكري ، وصراع سياسي ، وصراع فكري ، وصراع علمي .. صراع بين الأفراد ، وصراع بين القبائل، وصراع بين الأحزاب، وصراع بين الدول ، وصراع بين التكتلات الدولية!
ولعلّ أخطر أنواع الصراعات ، هو الصراع ، بين الحكّام المستبدّين وشعوبهم ! ولعلّ هذا ، أيضاً ، هو أخبث الصراعات ، وأشدّها خطراً ، على الدول والمجتمعات، وهذا ، هو، مايهمّنا أن نقف عنده ، في هذه السطور!
الحكّام المستبدّون : يرون أنفسهم آلهة ، لايُسألون عمّا يفعلون ، كما يرون ، أن من حقّهم ، أن يطيعهم كلّ فرد في دولهم ، بلا تردّد ، ولا مناقشة ، ولا اعتراض ؛ وإلاّ فعقوباتهم جاهزة ، لكلّ مَن يعصي أوامرهم ، ولو علموا ذلك ، بوشاية كاذبة ، نابعة من : حقد ، أو نكاية ، أو تلميع لصورة الواشي ، عند الحاكم المستبدّ .. ! ومن أهمّ العقوبات : الحبس ، والقتل ، والتضييق في الرزق ، والتشريد ، والتهديد بالاعتداء على الأهل : بالحبس ، أو القتل ، أو انتهاك العرض .. أو نحوذلك !
والتهديد يحصل ، في الغالب ، في أثناء التحقيق والاستجواب ، لانتزاع المعلومات من المتّهم !
وكلّ ذلك يدخل ، في باب الإكراه ؛ سواء ماجاء منه ، على شكل عدوان ، على الشخص أو أسرته .. وما جاء على شكل تهديد بالعدوان !
فما القيمة القانونية والشرعية للإكراه ؟
أمّا القيمة القانونية فمنعدمة، في سائر القوانين الأرضية الوضعية ، ماكان منها دولياً، وما كان محلياً !
وأمّا القيمة الشرعية ، بحسب الشرع الإسلامي ، فلها مبادئ وأحكام :
من أهمّ مبادئها العامّة ، قول النبيّ ، لعمّار بن ياسر، حين جاءه حزيناً ، لأنه قال، تحت التعذيب ، كلمة فيها كفر بالنبي ؛ إذ قال له النبيّ : كيف تجد قلبك ؟ قال عمّار: إنه مطمئنّ بالإيمان ! فقال له النبيّ : فإنْ عادوا فعُد !
ومن الأحكام المتعلقة بالإكراه ، نضرب مثلاً واحداً ، هو طلاق المكرَه ، فهو باطل، لاقيمة له !
واستناداً إلى ماتقدّم ، من الإكراه عبر التعذيب ، والتهديد به .. يُعَدّ كلّ اعتراف ، بين أيدي الجلاّدين.. باطلا، لاقيمة له ،على المستوى القانوني والشرعي، وحتى الخُلقي!
أمّا الذين يصبرون على التعذيب ، بأنواعه ، والاعتداء على أفراد الأسر للمتّهمين .. أمّا هؤلاء الصابرون ، فلكلّ منهم ثوابه عند ربه ، إن كان مؤمناً محتسباً .. وكلّ منهم ينال جزاء صبره في الدنيا ، وهوحفظ معلومات ، يؤذيه كشفها ، ويؤذي أفراداً آخرين ، له بهم صلة ما ، ممّا يحرص المستبدّ ، على معرفته !
وفي كلّ الأحوال ، يُعَدّ اضطهاد المواطنين ، من قبل حكّامهم ، في دولة ما ، كاشفاً لهشاشة السلطة ، التي تمارس الاضطهاد ، من ناحية .. ومن ناحية ثانية ، تعزّز حجج الذين يتحرّكون ، لإسقاط هذه السلطة الفاسدة المستبدّة !
وسوم: العدد 872