خلافًا لمصالحهم الخاصة، فشلت مجموعة العشرين في حماية الأسواق الناشئة والأسواق الحدودية
قررت مجموعة العشرين المضي قدمًا في اتخاذ مجموعة من القرارات التي ستدعم الأسواق الناشئة والبلدان الفقيرة في مواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد. ورغم هذا، فإن هذه القرارات تبدو غير كافية لمواجهة "أزمة لا مثيل لها"، كما وصفها صندوق النقد الدولي. وكما يعرف قراء هذه النشرة فقد كان تعريفنا لهذه الأزمة متماثل مع ما ذكره صندوق النقد الدولي منذ أيامها الأولى. وعلى هذا النحو، فإنني أعتقد أن التدابير التي اتخذتها مجموعة العشرين ــ والتي تشتمل على توقف مؤقت في سداد الديون حتى نهاية العام فقطــ ليست كافية. باعتقادنا أن هذه القرارات جاءت قاصرة مقارنةً مع الإجراءات "الهائلة" التي اتخذتها الدول المتقدمة لدعم اقتصاداتها. صحيح أنه من الصعب التفكير بالآخرين عند مواجهة أزمة غير مسبوقة؛ لكن بالنسبة إلى الدول المتقدمة فإن دعم البلدان الأخرى يساعدها ببساطة على تعزيز تعافيها الاقتصادي.
في الواقع لم أكن أعول كثيرًا على قرارات مجموعة العشرين لمواجهة الأزمة الحالية، مثل العديد من القرارات السابقة. إن النظرة الانطوائية في النظام الدولي قد نمت خلال السنوات القليلة الماضية، وهي بالتعريف مشكلة داخلية للنظام الدولي. لذلك من الطبيعي أن تؤدي أزمة تفشي وباء كورونا إلى تعميق هذه المشكلة، ما لم تحدث معجزة. ومع ذلك، فإن قرار مجموعة العشرين لا يزال مخيبًا للآمال. إن حزمة الدعم الضعيفة المقدمة من قبل مجموعة العشرين، ليست كافية لمساعدة الدول على مواجهة تفشي الفيروس، مما قد ينتج عنه قصور وزيادة في التفشي، وبالتالي إعاقة التعافي العالمي الكامل لكافة الدول. ومن غير قطاع رعاية صحية عامة واسع وقادر على احتواء تفشي وباء كورونا، فلن يكون هناك أي انتعاش اقتصادي.
حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، طلبت نصف دول العالم مساعدة صندوق النقد الدولي. طرقت أكثر من 100 دولة باب صندوق النقد الدولي بحثًا عن المساعدة. ومع ذلك، فإن المبلغ الحالي المتاح لإقراض التمويل السريع ليس كافيًا - على الرغم من الزيادة الأخيرة إلى 100 مليار دولار. في حين أن صندوق النقد الدولي لديه صندوق طوارئ يبلغ إجماليه 1 تريليون دولار، فإن الإنفاق المتوقع للأسواق الناشئة بلغ 2.5 تريليون دولار. إن موارد هذه الدول غير كافية بالتأكيد وسوف تحتاج إلى المساعدة.
الجزء الحاسم الذي أعتقد أنه مفقود، هو إصدار جديد لحقوق السحب الخاصة (SDR) من شأنه أن يحاكي ما قد تم فعله إبان أزمة العام 2009. في ذلك الوقت، أصدر صندوق النقد الدولي 250 مليار دولار من أجل دعم الاقتصاد العالمي في مواجه أزمة الائتمان الدولية. قوبل تخصيص حقوق السحب الخاصة المقترح مؤخرًا والبالغ 500 مليار دولار بمعارضة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والتي هي من أكبر المساهمين في صندوق النقد الدولي. يمكن القول إن معارضة الولايات المتحدة منطقية، ومبرر قرار أمريكا هو أن حوالي 70٪ من المخصصات ستذهب إلى دول مجموعة العشرين، و3٪ فقط للدول الأكثر فقرًا - حيث أن توزيع المبلغ سيكون على أساس حصص التصويت في صندوق النقد الدولي. وبهذا المعنى، فإن معارضة القرار منطقية؛ لكن لو جاءت في أوقات طبيعية، والسؤال الأهم هل الدول المتقدمة قادرة على المضي قدمًا بشكل سريع لحل هذه المسألة. سيكون لدى المعارضة أرضية للوقوف عليها في الأوقات العادية، على سبيل المثال، مع التحويل من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة من خلال صندوق الحد من الفقر والنمو؟ هذا الصندوق معفى من الفوائد ويسمح بتحويل الاحتياطيات من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة من دون فوائد.
في الأوقات العادية خارج الأزمات سيكون لدينا الوقت الكافي لمناقشة هذه القرارات باستفاضة، لكننا حالياً في حالة طوارئ عالمية. في حين أن تفضيل الولايات المتحدة للمنح على حقوق السحب الخاصة معروف جيدًا، فإن استخدام أحدهما لا يستبعد الآخر. الخوف من المبالغة في المساعدة بطريقة أو بأخرى، هو أمر مثير للسخرية بصراحة لأن الاحتياجات عالية جدًا لدرجة أن احتمالات المبالغة في المساعدة غير موجودة.
بالإضافة إلى ذلك، لم تتخذ مجموعة العشرين أي قرار لتخفيف القيود المفروضة على تجارة المعدات الطبية والمنتجات الغذائية البالغة الأهمية. وقد تعهدت دول العشرين بتقديم هذه التسهيلات منذ العام 2009.
يذكر أن عدم اتخاذ هذا النوع من القرارات وزيادة الحمائية هما من بين الأسباب التي أدت إلى تفاقم آثار الكساد الكبير، حيث إن تشريع سموت-هاولي للتعريفة بوصفه المثال الرئيسي لهذه الخطوات الحمائية.
هذا لا يعني أن اجتماعات الأسبوع الماضي انتهت دون أي نتيجة؛ بل على العكس، قام البنك الدولي بزيادة إنفاقه المتوقع بما يصل إلى 160 مليار دولار في الأشهر الـ 15 المقبلة لمساعدة الدول النامية على مواجهة الوباء. ومع ذلك، يبدو أنها الخطوة الأولى فقط. إن المخاطر كبيرة، ويمكن لمجموعة العشرين اتخاذ قرارات قد تساعد بشكل ملموس في إنقاذ الأرواح، وكذلك تحقيق مصلحتها الخاصة في تعزيز انتعاشها الاقتصادي.
وسوم: العدد 873