أجيب على أسئلة صعبة ..!! الحجر في موضعه قنطار
هل السوري المهاجر من وطنه أكثر وطنية أو ثورية من السوري الذي لم يهاجر ؟!
هل هؤلاء السوريون المقيمون في سورية كلهم موالون لبشار الأسد ، ومن شبيحته وزلمه ، فما أكثر أولياء بشار الأسد إذن ؟؟؟؟!!!!!
هل السوريون العاملون في المفاصل الإدارية للدولة السورية ، تعليم وصحة وخدمات عامة كهرباء وماء ومخابز وملاحم وأسواق ... للناس جميعا كلهم يخدمون بشار الأسد ، ويدعمونه ويوالونه ؟؟!!
أيهما أكثر جدوى من الناحية العملية ، أن يكون الإنسان السوري ، على أرضه ، في وطنه ، بين أبناء حيه ، وأسرته ، ينوّر ، ويعلّم ، وينصح ، ويرّشد ، ويثبّت، وحين يقتضيه الأمر يكون كمؤمن آل فرعون ..أو أن يسبق إلى خيمة في مخيم ، أو إلى قاع بقيعة ، أو إلى غرفة بمهجر ..يستمع الأخبار ، ويسب الزمان!!
هل وجد كل السوريين المهاجرين في واقع الحال ، من يستثمر طاقاتهم ويوظفها في خدمة الثورة ، ومشروعها الضخم ..
لا يختلف عاقلان على أن العاملين في المؤسسات الأمنية والعسكرية والإعلامية وكل ما يصب في خانتها ، إنما هو جزء من ماكينة بشار الأسد العدمية ، التي يحب على كل سوري حر أن يبرأ منها ويخرج عليها ، ولكن هذا لا يعني أن جميع مرافق الحياة العامة في سورية يجب أن تُهجر ، كرسي التعليم ، وغرفة الطبابة ، ومحراب الإمامة ، وسائق الحافلة ، وصانع الرغيف!!
صحيح أن الله سبحانه الولاية عن غير المهاجرين من المسلمين في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولكنه لم ينزع عنهم وصف الإسلام والإيمان ورعاية الحق حين قال : ( وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ ..) ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم يوم هاجر أسس للمجتمع المسلم ، وللدولة المسلمة المناظِرة لكيان مكة وأهل مكة . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوجد الصيغة بنظام المؤاخاة الذي استحدثه الصيغة المجتمعية التي تضم المهاجرين والمهاجرات إلى مجتمع دافئ حسب نظام للولاية جديد ..
لقد كانت فكرة المجتمع المتجانس راسخة في ذهن بشار الأسد وزمرته وداعميه من روس وأمريكيين وإيرانيين منذ الأيام الأولى للثورة .. وعملوا على تنفيذها وما زالوا يعملون !!
وحين كان أهل الأحلام والنهى في الصف الوطني ، يحذرون من التماهي مع هذا المخطط ، ويطالبون بإعلان موقف واضح من التهجير ، يحذر عموم السوريين التسارع إلى الهجرة ، والوقوع في فخ التهجير ، لغير المضطر اضطرار الخوف على النفس أو على العرض ؛ كان المغفلون الذين فرضوا أنفسهم على هذه الثورة ، يفرحون بازدياد عدد اللاجئين ، وتزايد رقعة المخيمات ، معتقدين أن ذلك سوف يشكل ورقة ضغط على المجتمع الدولي ، الذي كان وما يزال يكيد للسوريين كيدا ..
وظللنا بكل الحسرة والألم نتابع الفرح الساذج للمتسيدين وهم يعدون بغبطة تعاظم سكان المخيمات .. بالعد عشرة آلاف لاجئ .. مائة ألف لاجئ .. مليون لاجئ ، ولا أحد يستمع لمن ينادي : يا قوم إنها فرصتنا لنعود ، لا لنزيد أعداد المهاجر ين..
تابعنا منذ ربع قرن ربما فتوى منكرة لأحد العلماء ، أفتى فيها أن فلسطين أصبحت بما آل إليه وضعها " دار كفر أو دار حرب " وأن الواجب على كل المسلمين من الفلسطينيين الهجرة منها !! وأحدثت الفتوى زلزالا حينها بين المسلمين !!
واليوم يتحدث بعض الناس عن سورية باللغة نفسها ، وبالأسلوب نفسه ، ويصدر الأحكام نفسها على الإنسان السوري ، وقربه وبعده من ثورة الحرية والكرامة على أساس مكان إقامته ..!!
إن مقام الإنسان السوري الأساس على أرضه ، وفي دياره ، وبين أهله وقومه وناسه . يقول المثل البلدي عندنا : الحجر في موضعه قنطار . والإنسان في وطنه أمة . وحرص الإنسان على حريته ، وشعوره بكرامته لا يرتبط أبدا بمكان إقامته. فربّ ..وربّّ ، وكم ..كم .. وكم ..
وأضيف إن أي سوري حر شريف لا يجد ضرورة تدفعه إلى الهجرة ، من خوف على نفس أو عرض ، فالأجدر به ، والأبقى له في دينه ودنياه ، المرابطة في أرضه ، والثبات بين أهله ، والقيام على ثغرته ، ولن يعدم الحكيم حكمة يغطي بها على وجوده ، ويدفع بها عن نفسه ...
وهذا الكلام يعم الناس جميعا ولكنه يخص الخاصة منهم أكثر من عالم ومثقف وصاحب رأي وكبير قوم ..!!
في أيام الفتن ، واضطراب الأمر وانتشار الفتن يبقى سواد الناس بحاجة إلى كبير صادق يلوذون به ، ويجتمعون عليه ، ويتقوون بموقفه ، ويصدرون عن رأيه ...!!
مؤمن آل فرعون الذي كان يكتم إيمانه أنموذج . وخطاب بعض الناس في التثبيط والتخذيل وإثارة الشقاق على طريقة ( لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) ,,, أنموذج آخر
وهذه الثورة أمٌ ، يعرفها أبناؤها ، وهي تعرف أبناءها أكثر وأكثر وأكثر ..