فليأخذ المغرب والعرب يهودهم من فلسطين !
لم يتفاجأ أحد بالتطبيع المغربي الرسمي مع إسرائيل ، ولا بالحميمية السريعة الي سادت بعده بين الطرفين ، والأشد نفيا لعدم المفاجأة بدا في القول إنه إعادة للتطبيع لا بداية له . وتاريخيا ، هو بدأ رسميا علنيا بعد اتفاق أوسلو في 1993 بالإعلان عن افتتاح مكتب تمثيل لكل طرف لدى الطرف الآخر . أما التطبيع السري فقائم منذ وجدت إسرائيل في 1948 ، وكشف الكثير عنه في العقود اللاحقة ، ومن أسراره التعاون بين الطرفين في تهجير مواطني المغرب من اليهود إلى الدولة الجديدة في خمسينات القرن الماضي وما تلاها على قلة متصاعدة في زخم الهجرة التي لم تُبقِ منهم في المغرب إلا عددا محدودا جدا . من مسوغات التطبيع أو إعادة التطبيع بالأحرى التي يحتج بها بعض المسئولين وقلة من الإعلاميين والكتاب المغاربة أن في إسرائيل 700 ألف من أصل مغربي ، وأنه إنسانيا لا يجوز حرمانهم من حق الاتصال بوطنهم الأصلي زيارة وإقامة وتجنسا . وعن التجنس : نرجح أن إسرائيل وجهات مغربية رسمية ستعمل على تجنيس كل راغب فيه من هؤلاء الإسرائيليين مع الاحتفاظ طبعا بجنسيتهم الإسرائيلية الحالية ، ولإسرائيل أهدافها الأكثر والأبعد من هذا التجنيس . فلسطينيا ، ليس فينا من يمانع في توثيق صلات الإسرائيليين المغاربة بوطنهم الأصلي المغرب ، والشرط الوحيد لنا هو ألا تكون هذه التقوية على حسابنا وطنا وشعبا . وإذا كانت الإنسانية التي يتحدث عنها بعض المسئولين وقلة من الإعلاميين والكتاب المغاربة ترفض حرمان الإسرائيليين المغاربة من توثيق الاتصال بوطنهم الأصلي فهي ترفض أيضا حرماننا من وطننا وذبحنا على يد الإسرائيليين ، ومنهم المهاجرون من المغرب الذين يستوطنون في أرض الفلسطينيين ، ويسكن بعضهم في بيوتهم التي طردتهم منها دولتهم الإسرائيلية . جرائم إسرائيل دولة وساسة وجيشا ومستوطنين ، ومن هؤلاء مغاربة ، لا تنقص إثباتها شهادات . وممن سيعود منهم إلى المغرب بأي صفة ولأي غاية مَن قتلوا وجرحوا فلسطينيين ، وهدموا بيوتا لفلسطينيين ، وعذبوا أثناء تحقيقاتهم الاستخبارية مقاومين فلسطينيين ، فأي مواطنين يستقبل المغرب من هؤلاء بمسوغ إنساني ؟! ومع كل هذا ، نحن الفلسطينيين ، نريد المساواة بهم إنسانيا للعيش في وطننا . أي جريمة كبرى بحق الإنسانية أن يهاجر إلى وطننا يهودي مغربي ويقتلنا فيه ، ويسكن في بيوتنا متآزرا مع أكثر من مائة جنسية من المهاجرين الذين تؤكد حتى الدراسات اليهودية أن 90 % منهم لا صلة عرقية لهم بيهود المنطقة العربية ؟! وفي الفلسطينيين العرب عشرات الآلاف من المغاربة ، ومنهم من ينتهي اسم أسرته ب " المغربي " ، فأين حقوق هؤلاء الإنسانية ؟! التعاطف الإنساني الرسمي المغربي مع الإسرائيليين ذوي الأصول المغربية يجعل لهم وطنين في الوقت الذي لا وطن فيه لأكثر من ستة ملايين فلسطيني في الشتات ، وفي الوقت الذي تضطهد فيه إسرائيل وطنيا وعرقيا وإنسانيا أكثر من سبعة ملايين فلسطيني في الضفة وغزة ومناطق ال48 الفلسطينية المحتلة . يحترق قلب الفلسطيني حين يرى هذه الأيام بعض الإسرائيليين المغاربة يعودون إلى بيوتهم في المغرب التي لم يطردهم منها أحد من أهله ، فيستقبلهم جيرانهم المسلمون بالعناق والقبلات وحرارة الشوق وصدق المحبة . كيف يصح هذا وفي جهنم حقيقية يعيش الفلسطيني الذي تقهره إسرائيل على تقويض بيته بنفسه أو تقوضه جرافاتها بتكلفة كبيرة يدفعها أجرة لهذه الجرافات قد تصل إلى آلاف الدولارات ، فيقوضه بنفسه فرارا من كبر التكلفة . يفر من نار إلى نار عساها تكون أرحم ، وهو الخاسر المنكوب في كل حال . سيكون المغرب الرسمي عظيما في إنسانيته ،وذكيا في سياسته لو أخذ كل أو أكثر أو بعض مواطنيه اليهود من فلسطين ، وبحكم الواقع المفروض ، دولة الاضطهاد والعدوان والعنصرية المرضية إسرائيل ، وستكون الدول العربية الأخرى عظيمة في إنسانيتها وذكية في سياستها مثله لو أخذت ما تستطيع أخذه من يهودها الذين هاجروا إلى فلسطين بالوسائل المعلومة المشهورة ، وشاركوا في اغتصابها وقتل أهلها مع دولتهم الإسرائيلية اليهودية التي يعدون اليوم قرابة نصف سكانها . نعلم أن هذا صعب سياسيا ، لكنه عادي وشرعي إنسانيا إذا كانت الإنسانية من مسوغات التطبيع بين " الفساد العربي والأبرتهايد الإسرائيلي " بعبارة جدعون ليفي الكاتب الإسرائيلي اليساري التي تصف في إيجاز محكم فظاعة الجنون الحالي الذي يتفجر حرارة بين الدول العربية وإسرائيل بمتعدد المسوغات المزيفة المضللة ، ومنها الإنساني الذي يكيل بمكيالين لصالح إسرائيل ، ويرى بعين واحدة هي عينها وإن تكن في رؤوس عربية .
***
من قصيدة " أنا لم أصافح " للشاعر المغربي بوعلام دخيسي :
" هو عائد أيضا إلى حيفا يفتش
عن خرائط حارة حفظت قصائده هناك " .
"فالقدس فاسُك واالرباط ،
و " ربيع " "شالوم " يقتل كل طفل
في القماط ." .
وسوم: العدد 908