أهمية إلغاء الديون على الحكومة الفلسطينية من اجل دعم التعليم
ضمن فعاليات/ أسبوع العمل العالمي للتعليم وحملة إلغاء الديون من أجل التعليم والمستقبل 2021
يعتبر التعليم أحد الأركان الأساسية التي تعتمد عليها الدول في تحقيق التنمية المستدامة، وهو أحد الابعاد الثلاثة التي تدخل في احتساب دليل التنمية البشرية HDI الصادر عن UNDP، وبالرغم من التحسن الذي سجلته فلسطين في أدائها على هذا المؤشر (حيث بلغ 0.708 ويصنف ضمن فئة "تنمية بشرية مرتفعة" لأول مرة، حيث كان تصنيفها يقع ضمن فئة "تنمية بشرية متوسطة")، وبالرغم أيضاً من أن المؤشرات الكمية للتعليم في فلسطين جيدة بشكلٍ عام مقارنةً ببعض الدول، الا أن قطاع التعليم بمختلف مراحله في فلسطين يواجه تحديات خطيرة تهدد قدرته على التطور ومواكبة السرعة الهائلة في التقدم العلمي والتكنولوجي على المستوى العالمي، ومن أهم هذه التحديات نقص التمويل والتذبذب في الموازنات المالية، ولعل المؤشرات التالية تبرز مدى أهمية وخطورة الجانب التمويلي في قطاع التعليم:
- ساهم الحرمان في مجال التعليم بحوالي 32.8% في دليل الفقر المتعدد الأبعاد وفقاً لتقرير التنمية البشرية للعام 2020.
- موازنة التطوير في التعليم تأتي بشكل أساسي من الدعم الخارجي بنسبة 58.7% بينما تسهم وزارة المالية فقط بحوالي 37.4%، ومصادر محلية أخرى بنسبة 3.9%. وهذا يعكس خطورة الفجوة التمويلية المحلية التي تواجه التعليم في فلسطين، ومدى الانكشاف المالي للموازنة العامة لتطوير التعليم وارتهانها بمدى توفر الدعم الدولي.
- اجمالي الانفاق على التعلم الالكتروني 13 مليون دولار فقط أي حوالي 1.5% من ميزانية التعليم، وهذا يعكس عدم جاهزية قطاع التعليم في فلسطين لمتطلبات التعليم عن بعد، وقد كشفت جائحة كورونا هذا الضعف جلياً، وبالتالي التراجع الواضح في جودة التعليم المدرسي بشكل خاص والتعليم العالي بشكلٍ عام في العام 2020 وحتى الوقت الحالي نتيجة الظروف التي فرضتها جائحة كورونا.
- بلغ الانفاق على التعليم 811 مليون دولار بواقع 18.6% في العام 2019 من اجمالي الانفاق الحكومي، وتعتبر موازنة التعليم ثالث أكبر موزانة في موازنة الحكومة بعد موازنة الحماية الاجتماعية وموازنة النظام العام والسلامة، وهذا يكشف ضخامة الاحتياج التمويلي المطلوب لدعم التعليم.
- انخفاض نسبة الانفاق على البحث والتطوير في فلسطين حيث بلغت 0.5% من اجمالي الناتج المحلي، مقارنةً بحوالي 1.6% في الدول المصنفة ضمن الفئة التي تنمني اليها فلسطين "تنمية بشرية مرتفعة" في تقرير التنمية البشرية 2020.
إن المؤشرات السابقة توضح باختصار مدى خطورة وأهمية توفر التمويل من أجل استمرار وتطور قطاع التعليم في فلسطين. كما توضح حجم العبء الكبير الذي يقع على عاتق المالية العامة للحكومة الفلسطينية في تمويل موازنات التعليم المختلفة سواء الجارية أو التطويرية، ولا يخفى على أحد حجم الضغوط والتحديات التي تواجهها الحكومة الفلسطينية في هذا المجال، خاصةً وأن المورد المالي الرئيسي للمالية العامة والمتمثل بإيرادات المقاصة مرهون بيد الاحتلال، حيث شكلت ايرادات المقاصة ما نسبته 68% من ايرادات الحكومة في العام 2020 وحوالي 58% من اجمالي الانفاق العام. وتعتبر ايرادات المقاصة أخطر ورقة ضغط اقتصادية يمارسها الاحتلال نظراً لتأثيرها المباشر على قدرة الحكومة الفلسطينية. وبالتالي فشل الحكومة في تغطية نفقاتها في حال توقف اسرائيل عن تحويلها الأمر الذي يضطرها الى الاقتراض المحلي والخارجي والاعتماد على المنح والمساعدات الدولية، وهذا يؤثر بشكل مباشر على أولويات الانفاق عند الحكومة الفلسطينية وأهمها القدرة على دفع رواتب الموظفين، وبالتالي محدودية الفرصة أمام الحكومة لتطوير التعليم والانفاق عليه.
وفي هذا السياق نعرض باختصار المؤشرات التالية لحجم المديونية التي تواجه الحكومة الفلسطينية:
- بلغ اجمالي الدين العام الحكومي (الداخلي والخارجي) 3.6 مليار دولار في نهاية العام 2020 يمثل حوالي 23.5% تقريباً من اجمالي الناتج المحلي. وبإضافة المتأخرات على الحكومة (ديون للقطاع الخاص والموظفين) والتي تبلغ حوالي 4.5 مليار دولار، فان اجمالي الديون على الحكومة تصل الى 8.1 مليار دولار، وتمثل حوالي 52.3% من اجمالي الناتج المحلي، علماً بأن قانون الدين العام الفلسطيني يضع سقف لهذه النسبة عند 40%.
- بلغ اجمالي الدين الخارجي الحكومي 1.3 مليار دولار في نهاية العام 2020، ويمثل حوالي 8.5% من الناتج المحلي، منه 1153.3 مليون دولار ديون متعددة الاطراف بنسبة 87.1% من اجمالي الدين الخارجي. ومصدر هذه الديون الجهات التالية: صندوق الاقصى، البنك الدولي، الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، البنك الاسلامي للتنمية، بنك الاستثمار الاوروبي، منظمة اوبك، الصندوق الدولي للتطوير الزراعي، البنك القطري الوطني.
- بلغ اجمالي الدين العام المحلي الحكومي 2324.6 مليون دولار في نهاية العام 2020 وهو أساساً من المصارف العاملة في فلسطين، ويمثل حوالي 14.1% من اجمالي الناتج المحلي.
- يمثل الدين المحلي حوالي 63.7% من اجمالي الدين العام الحكومي بينما يمثل الدين الخارجي حوالي 36.3%.
- متوسط الفائدة على الاقتراض الحكومي من المصارف يبلغ حوالي 5% حسب طبيعة عملة الاقتراض.
- بلغ حجم الانفاق التطويري 168.8 مليون دولار في نهاية العام 2020 تمثل 4.1% فقط من اجمالي الانفاق العام.
إن مؤشرات المديونية السابقة للحكومة الفلسطينية تعكس مدى هشاشة الوضع المالي لها، وبالتالي صعوبة التحديات التي تواجه امكانية استمرارية واستدامة التمويل المقدم لقطاع التعليم سواء لتمويل النفقات الجارية أو تمويل النفقات التطويرية، الأمر الذي يعكس أهمية النداء بضرورة إلغاء الديون المترتبة على الحكومة الفلسطينية لصالح المؤسسات الدولية والاقليمية لاسيما وأن خدمة هذه الديون (والمتمثلة في نفقات الفوائد والأقساط) تستنزف موارد مالية كبيرة من الايرادات العامة، وتعرقل قدرة الحكومة على تطوير البنية التحتية للتعليم خاصةً فيما يتعلق بالتكنولوجيا والتي أظهرت جائحة كورونا القصور الشديد في هذا المجال.
إن إلغاء الديون الدولية والاقليمية على فلسطين تفرضه الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المجتمع والاقتصاد الفلسطيني بشكلٍ عام، حيث بلغت نسبة الفقر في فلسطين 29.2% بواقع 53% في غزة و13.9% في الضفة الغربية في العام 2017، كما ان نسبة الانفاق على التعليم بلغت 4.1% فقط من انفاق الفرد في فلسطين في العام 2017. وبالتالي فان الحكومة أمامها تحديات وأولويات جسيمة تتطلب مساعدتها من قبل المؤسسات الدولية والاقليمية بما يمكنها من توفير الحد الأدنى على الأقل من الموازنة المطلوبة للنهوض بقطاع التعليم، ونختم هذا المقال بعبارة هامة تلخص الهدف منه وردت في تقرير التنمية البشرية للعام 2020 إن: (حشد الموارد المالية ركيزة اساسية للاستثمار في البشر والبنية الاساسية والتكنولوجيا والتغيير الاجتماعي الواسع النطاق المطلوب من اجل تحويل عالمنا).
وسوم: العدد 927