هل سيفتح الظهير الشريف الجديد المعرف بالقيمين الدينيين من تحريك ملف عشرات الموقوفين منهم؟
هل سيفتح الظهير الشريف الجديد المعرف بالقيمين الدينيين والمنظم لمهامهم و المحدد لواجباتهم وحقوقهم بما ذلك حق التظلم من تحريك ملف عشرات الموقوفين منهم؟
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي نقلا عن قناة وطنية خبر عقد الوزارة الوصية على الشأن الديني ندوة صحفية ترأسها الوزير التوفيق بمناسبة صدور ظهير شريف جديد يهدف إلى نقل الشأن الديني مما هو متعارف عليه إلى ما هو قانوني من خلال تنظيم مهام القيمين الدينين، وتحديد وضعياتهم القانونية المتعلقة بواجباتهم وحقوقهم بما في ذلك حق تظلهم . وقد نص هذا الظهير على إنشاء لجنة وطنية للبث في شكاياتهم وتظلماتهم .
وفي نفس الوقت نص الظهير على منعهم من الخوض في الأمور السياسية ، وكذا منعهم من الانتماءات النقابية ، مع السماح لهم بمزاولة مهامهم الدينية إلى جانب مزاولة مهن أو حرف أخرى . ونص هذا الظهير أيضا على ضرورة انطلاقهم في مهامهم الدينية من مرجعية القرآن والسنة ، والتزام الوسطية والاعتدال ، والنأي عن كل الحساسيات الفئوية .
والذي يعنينا في هذا المقال هو موضوع التظلم الذي لم يكن قبل هذا الظهير الشريف الجديد حيث دأب الوزير التوفيق على توقيف عدد لا يستهان به من القيمين الدينيين خصوصا خطباء الجمعة دون أن يتمكنوا من توجيه تظلماتهم إلى جهة من الجهات التي من شأنها أن تبث فيها لإنصافهم إن كان لهم الحق في ذلك.
ولا ندري ما طبيعة وما شكل اللجنة الوطنية التي أوصى الظهير الشريف بإحداثها للنظر والبث في تظلمات القيمين الدينيين . ولا ندري هل ستعود هذه اللجنة إلى قضية توقيف عشرات القيمين الدينيين لإنصاف من طالهم تعسف الوزير أم أنها ستضرب صفحا عنهم ، وأن عملها سيبدأ بما سيحدث مستقبلا من تعسف ، وشطط في استعمال سلطة الوزارة المعنية ؟ علما بأنها هي الوحيدة التي لا تقاضى أمام المحاكم الإدارية ولا ينظر في تظلمات العاملين تحت سلطتها خصوصا القيمين الدينيين وتحديدا خطباء الجمعة .
وبالمناسبة أذكر الرأي العام الوطني أنني كنت ضحية التوقيف من الخطابة بسبب تناولي موضوع ما يسمى بصفقة القرن لارتباطها بمصير المسجد الأقصى المهدد بالتهويد ،وقد أشرت يومئذ إلى أن القضية تتعلق بمسؤولية الأمة الإسلامية حكاما ومحكومين تجاه وقف إسلامي من الواجب صيانته من التهويد ،واعتبرت وزارة التوفيق أنني بذلك قد عاتبت الحكام العرب ، وبناء على هذا قررت توقيفي عن مزاولة الخطابة التي زاولتها لسنوات عدة في عدة مساجد .
ولقد نشرت مؤخرا مقالا وجهت فيه الكلام مباشرة إلى الوزير التوفيق وإلى المجلس العلمي الأعلى ،والمجلس العلمي المحلي بمناسبة تناول الخطباء في الجمعة ما قبل الأخيرة موضوع محاولة تهويد القدس ومنع المصلين من الصلاة في المسجد الأقصى ، وطرد سكان حي الشيخ جراح من منازلهم ، وهو مثل ما تعرضت له في الخطبة التي تم توقيفي بسببها ، وطلبت من الوزير أن يقدم لي اعتذار على تعسفه وشططه في استعمال سلطته إن كانت لديه شجاعة أدبية ، كما طلبت من أعضاء المجلس العلمي الأعلى أن يتدخلوا لإنصافي مما لحقني من ظلم باعتبار مكانتهم العلمية وباعتبار مسؤوليتهم التي سيسألون عنها بين يدي الله عز وجل . وذكرت أن اعتذار الوزير مقبول سلفا في حال صدوره مع أنني توقعت ألا يحدث ذلك ، لهذا كررت له ما ذكرته في مقالي يوم تم توقيفي وهو رفع مظلمتي إلى رب العزة جل جلاله يوم الوقوف بين يديه ، وكفى به حسيبا .
وأرجو أن تضطلع اللجنة الوطنية المزمع تكليفها بالنظر في تظلمات القيمين الدينيين بمطالبة الوزير التوفيق بلائحة الموقوفين منهم سابقا للنظر فيها من جديد وإنصاف من يستحق الانصاف بعد الاستماع إليهم إن كانت ستقوم بواجبها على الوجه المطلوب منها ، وكانت ستحترم ما نص عليه الظهير الشريف الجديد.
ومما يجدر بهذه اللجنة الانتباه إليه هو محاولة الوزير تبرير تعسفه ضد الموقوفين من القيمين من خلال تلفيق مخالفات لهم عن طريق تخريجات مفبركة من قبيل اتهامهم على سبيل المثال بالخوض في أمور سياسية كما حصل معي على سبيل المثال حيث اعتبر تناولي لموضوع تهويد القدس خوضا في أمر سياسي مع أنه شأن ديني بامتياز باعتبار مرجعية القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، علما بأن أمير المؤمنين لا يدخر جهدا للوقوف في وجه تهويد القدس وهو الذي يرأس لجنة القدس التي أحدثت خصيصا لغرض حماية المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك . ولا يمكن بحال من الأحوال اعتبار تذكير خطباء الجمعة المواطنين بقدسية المسجد الأقصى خوضا في أمر سياسي .
و في الأخير نرجو أن يطوي الظهير الشريف الجديد صفحة ما كان من تعسف ضد القيمين الدينيين من طرف وزير يعتبر نفسه فوق المساءلة والمحاسبة في دولة الحق والقانون .
وسوم: العدد 931