مع أن كندا تتحرى في استقبال المهاجرين إليها من الجالية المسلمة انتقاء نخبها فإنها لا تحميها من الاعتداء العنصري
مع أن كندا تتحرى في استقبال المهاجرين إليها من الجالية المسلمة انتقاء نخبها فإنها لا تحميها من الاعتداء العنصري العرقي أو العقدي عليها
مرة أخرى تعرضت أسرة مسلمة مهاجرة في بلاد كندا إلى تصفية جسدية حيث أقدم شاب كندي متعصب عنصريا أو عرقيا أو عقديا على دهسها بشاحنة متعمدا وعن سبق إصرار، علما بأن هذه الأسرة المسلمة الضحية ككل الأسر المسلمة المهاجرة إلى بلاد كندا قد خضعت لبحث دقيق من طرف الجهات المشرفة على ملفات الهجرة فيها ،ولم تهاجر إليها إلا بشروط في غاية التعقيد .
ومعلوم أن كندا لا تستقبل من الأسر المسلمة تحديدا إلا نخبها ذات المستويات العلمية العالية لتستغلها في تحقيق مزيد من تطورها ، ورفاهية شعبها ولكنها لا تقوم بواجبها على الوجه المطلوب لحمايتها مما يتهدد حياتها من طرف التيار العنصري المتعصب إما عرقيا أو عقديا، مع أن السلطات الكندية ممثلة في أعلى مستوياتها تشهد لها بحسن تدينها ،وحسن سلوكها ،واستقامتها ،وجديتها ،واحترامها وانضباطها لقوانينها التي تلزمها بها قبل استقبالها فوق ترابها ، كما أن عموم الرعايا الكنديين يشيدون بها ، ويخرجون بالآلاف للتضامن معها حين تتعرض للاعتداء من طرف العنصريين المتطرفين الذين يستهدفونها بسبب انتمائها الإسلامي .
ومعلوم أن رفع لافتات منددة باستهداف هذه الجالية في حياتها إجراء غير كاف كما أقر بذلك رئيس وزراء كندا نفسه مؤخرا إذ لا بد من استئصال الفكر العنصري المتشدد من بلد يعتبر على رأس لائحة البلاد المفاخرة بالديمقراطية ،وحقوق الإنسان ، والمساواة بين الأعراق والأجناس والأديان والمعتقدات .
ومعلوم أيضا أن استهداف الأسر المسلمة في حياة أفرادها ، وهي النخب المهاجر من بلدانها الأصلية للمشاركة في بناء الصرح الحضاري لكندا ،يعتبر خسارة فادحة لها هي أولا ولبلدانها الأصلية ثانيا .
ومما ينفخ في نار الحقد في قلوب العناصر العنصرية ضد رعايا الجالية المسلمة هو تمسكها بدينها والمحافظة على هويتها الإسلامية وحرصها على توفيقها بين هذه الهوية وبين الهوية الكندية أو ما يسمى بالاندماج . ونظرا لتميز هذه الجالية بحسن سلوكها وانضباطها تخشى تلك العناصر العنصرية المتطرفة عرقيا وعقديا من انشار الإسلام بين الرعايا الكنديين من خلال ما يلمسون فيه من مبادىء إنسانية سامية ،وقيم أخلاقية رفيعة تغريهم بالاهتمام به ،وبالبحث في طبيعته خصوصا وأن خصومه المتعصبين ينفخون فيما صار يسمى " الإسلاموفوبيا " التي تنعته بأنه دين إرهاب، وتطرف ، وعنف، وكراهية عن جهل فظيع به بل عن حقد متعمد ، ومقصود ، ومبيت .
وتحت ذريعة " الإسلاموفوبيا " تستباح أرواح أفراد الجالية المسلمة في كندا وفي غيرها من بلاد الغرب ،وتهدر دماؤهم ظلما وعدوانا مع أن تلك البلاد تشهد أنظمتها على نفسها بضمان الأمن والسلام لكل من يعيش فيها بغض النظر عن جنسه أو لونه أو اعتقاده .
ومع أن بلاد الغرب ومن ضمنها كندا ،تلزم من يهاجر إليها باحترام علمانيتها ، فإنها في المقابل لا تحمي الجالية المسلمة من الاعتداء عليها بسبب دينها مع أن علمانيتها تقر بحرية الاعتقاد والتدين ، وحرية الرأي، وحرية التعبير .
ومما يشجع الحقد العنصري على الجاليات المسلمة في بلاد الغرب أن أنظمة بعضها تستهدفها في حرية ممارستها شعائر دينها كما هو الشأن بالنسبة للنظام الفرنسي الذي يحاول فرض وصايته على الإسلام و يريده إسلاما فرنسيا يخضع رعاياه للقوانين العلمانية التي لا يقرها دينهم من قبل فرض السفور على المسلمات ومنعهن من لباسهن الإسلامي الذي هو من صميم تدينهن ، وتهديدهن بالمنع من الدراسة والشغل بسببه ، فضلا عن محاولة فرض الإباحية العلمانية عليهن مما يسمى حرية الجنس، وحرية الإجهاض ،والمثلية الجنسية ... وغير ذلك من السلوكات المخالفة لتعاليم الإسلام .
وبالرغم من ارتفاع الأصوات المنددة عبر دول العالم بإجراءات النظام الفرنسي الذي يقود حملة عدائية شرسة ضد الإسلام مستهدفا الجالية المسلمة في بلاده ، فإنه ماض في مخططاته الرامية إلى ما يسميه " فرنسة " الإسلام الذي لا تقبل طبيعته تحيزا ترابيا أو عرقيا ،لأنه دين لكل البشرية على اختلاف أعراقها ،وأجناسها، وألوانها ،ولغاتها ، وأقطارها .
وبالرغم من التضييق على الإسلام في بعض بلاد الغرب كما هو الحال في فرنسا ، والمساس بمقدساته ، فإنه لا يزداد إلا انتشارا وانتصارا وتوسعا ، وهو ما جعل أنظمة تلك البلاد تلفق له تهمة الإرهاب ، والعنف ، والكراهية ... الشيء الذي نشأ عنه ما يسمى " الإسلاموفوبيا " التي يتذرع بها للتضييق على الجاليات المسلمة في تلك البلاد ، وجعلها مستهدفة في دينها بل وفي حياتها .
فمتى ستتوقف تلك الأنظمة الغربية عن استهداف الإسلام في بلادها من خلال التضييق على أهله من الجاليات التي تعيش فوق ترابها ، وتعريض حياة أفرادها للخطر كما وقع مؤخرا في كندا من اعتداء على الأسرة المسلمة بالدهس القاتل ،وهو اعتداء مسبوق باعتداءات سابقة بما فيها الاعتداء على الجالية المسلمة وهي تؤدي عبادة الصلاة في بيوت الله عز وجل ؟ ومتى سيتحرك ضمير العالم الغربي لمنع استهداف الإسلام وأهله في بلدانه وخارجها ؟
وسوم: العدد 933