نزار بنات...وخدمات السلطة فوق الأمنية
لا يختلف عاقلان أن وظيفة سلطة رام الله هي خدمة الإحتلال والسهر على راحته وتخفيف الأعباء عليه وتحريره من الالتزامات الدولية القانونية عليه كسلطة احتلال، مقابل فوائد شخصية لرجال السلطة وقيادتها ومكاسب مادية وفي احيان جرعات شهوانية في ربوع تل أبيب وفي ظلمات الليل وهجيعه، إضافة للحماية والتي تضمنها دولة الاحتلال للسلطة من ملاحقات قضائية دولية، وبقدر المستطاع وقاية إعلامية من خلال النفوذ الصهيوني الإعلامي العالمي.
هي تماما نفس العلاقة بين أنظمة الاستبداد العربي مع القوى العالمية وخصوصا واشنطن، يتم تقاسم خيرات البلاد وثرواتها بين سلطة فاسدة وقوى خارجية ويكون للشعب الجوع والفتات، والقهر، والحلم بالهجرة والهروب ولو عبر سفن الموت، في مقابل تمتع الفاسدون والمجرمون بحماية القوى الدولية فهم في أمان إن سجنوا المعارضين وتعاملوا مع المواطنين كعبيد يمارسون عليهم أبشع انواع السادية بتمزيق أجسادهم ورميها في الأفران ومكب النفايات. أيضا تقدم تلك دول "العظمى" المعلومات الأمنية والاستخباراتية عن المعارضين من خلال التحكم الدولي بشبكات الانترنت والهواتف الذكية. المعادة باختصار حماية الفاسدين ودعمهم مقابل أطلاق أيدي القوى الدولية في نهب الثروات والهيمنة على البلاد وقراراتها السيادية أو التي كانت سيادية.
من أعظم الخدمات التي تقدمها سلطة رام الله للاحتلال والتي تكاد تعادل في أهميتها الخدمات الأمنية (والتي استطاعت أن تجهض المقاومة في الضفة الغربية بشكل شبه شامل وهو ما يفخر به عباس ويتباهى به أيضا قادة الاحتلال، خصوصا في أوقات حرجة كالحرب على غزة والاعتداءات على الأقصى)، خدمة التغطية الأخلاقية على جرائم الاحتلال وإظهار الفلسطينيين من خلال قيادتهم العنينة والعاجزة والفاسدة بأنهم شعب لا يستحق حكم نفسه أو إقامة دولته أو في أحسن الأحوال عاجز عن ذلك. إذا لا سبيل لحل الدولتين فالفلسطينون كالقاصرين بحاجة إلى رعاية الصهاينة وتوجيههم وهم أدنى مرتبة وأقل مكانة.
لماذا تم أغتيال نزار بنات بهذا الشكل الوحشي الهمجي المتخلف وحتى العلني الفاقع؟ وهل تم الأمر بتوجيه مباشر أو بالأحرى بأمر صارم من قادة الاحتلال لقادة السلطة الأمنية ربما على الموائد الخضراء أو في السهرات الحمراء؟؟
لإول مرة أبرز إعلام غربي وأمريكي جرائم الاحتلال الأخيرة في غزة وضحاياها خصوصا من الأطفال، فنيويورك تايمز على سبيل المثال نشرت وبطريقة غير مسبوقة صور شهداء أطفال غزة بعنوان: كانوا مجرد أطفال ووضعت مقدمة وصوراً للأطفال ونبذة قصيرة تتضمن أسماءهم وأعمارهم وكيف قتلوا وتصريحات لأفراد من عائلاتهم. جاءت جريمة نزار بنات النشاط السلمي والمعارض السياسي وبتلك الوحشية العلنية وكأنها تريد أن تخطف الأضواء من اهتمام عالمي بمعاناة ضحايا الوحشية الصهونية في غزة بل وحتى في القدس وبيت جراح وفلسطين بشكل عام.
الرسالة الصهيونية الضمنية تقول، نحن نقتل في الحرب وأثناء صراع، أما الفلسطينيون يُصفون بعضهم بوحشية وعلنية ولخلافات سياسية وفي أوقات السلم. سلطة رام الله، سلطة الشهوات والنزوات، سلطة البارات والخمارات، كما أنظمة الاستبداد العربي تترجم عمليا وصفا قرانيا: "ثم رددناه أسفل سافلين"، هكذا يهبط الإنسان في مدارك القيعان ومستنقعات الانحطاط إن تخلى عن مبادئه وأتبع هوى فيردى، فالهبوط له بدايات ولكن لا قاع له ولا نهايات سوى مزيد من فجور وانحراف وبوهيمية.
في نفس السياق تفهم الفيديوهات والتي تبث أو تسرب لعباس وهو يشتم ويهذي ويسىء الأدب، إنها خدمات للصهاينة المجرمين لإظهارهم كرجال دولة مقارنة بزعران السلطة وعصاباتها وانعدام الحس السياسي لدى غالية رموزها وتشبثها بسلطة المذلة والهوان.....ومن يهن الله فما له من مكرم
وسوم: العدد 935