لعل الأوان قد حان لتخليص المصالح المركزية في وزارة التربية الوطنية من الديناصورات والأشباح
من أتعس الوزارات حظا في بلادنا الوزارة الوصية على الشأن التربوي ، وذلك لعدة أسباب منها وجود ديناصورات وأشباح في مصالحها المركزية يستحوذون على ما يسمونه مديريات تتعدد أسماؤها ومكاتبها ، وتقل مردوديتها أو تنعدم ، ورب مديرية ليس فيها إلا ديناصور ومعه قلة من أعوانه أو بتعبير دقيق من أشباحه الله وحده يعلم ما الذي يفعلونه في جزيرة مديريتهم .
ومع أن الوزارة الوصية على قطاع التربية يتناوب عليها باستمرار وزراء منهم من له صلة وعلم بأمور التربية ، ومنهم من ليس بينه وبينها إلا الخير والإحسان على حد قول المغاربة إذا ما أرادوا نفي صفة أو مهمة ما عمن لا صلة له بهما ، فإن ديناصورات وأشباح في ما يسمى بالمديريات المركزية لا يتزحزحون عن كراسيهم ، وربما استغلوا عدم إلمام بعض الوزراء بالشأن التربوي، فصاروا عليهم أوصياء يوهمونهم بأن مفاتيح أسرار هذه الوزارة بأيديهم لإقناعهم بأنهم لا غنى عنهم ، وأنهم أهل العقد والحل .
وبالأمس زفت الصحافة الوطنية خبرا سارا لأسرة التربية مفادها أن الوزير الجديد قد تنبه إلى هذه الديناصورات والأشباح ، وعقد العزم على فتح تحقيق وإجراء فحص دقيقين لحصيلة ما يسمى بالمديريات المركزية التي ظلوا متشبثين بها لعقود ، وجعلهم حاليا في وضعية شبه العزل إلى حين ، ولعل ذلك يكون نهايتهم أو نكبتهم البرمكية .
ولا شك أن خبرة الوزير السابقة في وزارة الداخلية قد أسعفته في الجرأة على فتح ملف الديناصورات والأشباح للبث فيها ، ونأمل أن يوفق في هذا الأمر الذي هو أول خطوة في تطهير المصالح المركزية من داء ظل ينخر جسد الوزارة لعقود ، وهو السر وراء تدهور أوضاعها موسما بعد آخر حتى أشرفت على الإفلاس التام ، كما أننا نأمل ألا يصيب بأذى النحل الشغال في تلك المصالح ، بينما تخطىء سهامه الذباب الكسلان فيها .
ولا يجب أن يقتصر فتح التحقيق والفحص الدقيق لحصيلة المصالح المركزية بل لا بد أن يتم أيضا في الأكاديميات الجهوية ، والمديريات الإقليمية للكشف عن صغار الديناصورات والأشباح من الذباب الكسلان ، ومنهم من صار بقدرة قادر في مناصب فوق مؤهلاته العلمية والمهنية ، وأسندت إليه مهام ذات أهمية وخطورة وليس بينه وبينها أيضا إلا الخير والإحسان ، ولو فتحت تحقيقات في ظرف وكيفية إسنادها لهؤلاء لكشف عن أسرار في غاية العجب ، ولفكت ألغاز ظلت طي الكتمان زمنا طويلا .
والمنتظر من عملية التحقيق والفحص الدقيق أن تنتهي بالمساءلة والمحاسبة أمام خبرة قضائية متمرسة ونزيهة ، الشيء الذي قد يسهم في استرجاع الوزارة بعض ما تقاضاه الذباب الكسلان .
ولا بد أيضا من فتح تحقيق وفحص في رئاسات الجامعات و شعب الكليات لأنها هي الأخرى لا تخلو من الديناصورات والأشباح الذين لا تطالهم رقابة ولا مساءلة ولا محاسبة ، ولا يعرف شيء عن ما ينجزونه من بحوث ، وما يقدمونه من مشاريع للنهوض بالتعليم العالي الذي هو أهم رافعة للنهوض بهذا الوطن الغالي الذي يعطي بكل سخاء ، ولا يأخذ إلا القليل . والويل لمن سولت له نفسه أن يشير بمجرد ملاحظة لأنهم يعتبرون أنفسهم فوق المساءلة والمحاسبة ، وهم الجهة الآمرة الناهية والعاقدة الحالّة بينما لا يسلم أحد من ألسنتهم الحداد مع الشح في العطاء إلا قلة قليلة ممن رحم الله عز وجل ، والذي نأمل أن ينصفوا وأن ترجح كفتهم على كفة الديناصورات والأشباح الراجحة بهتانا وزورا .
وآخر أمل هو أن تصدق نية الوزير الجديد في إصلاح هذه الوزارة السيئة الحظ مركزا وجهات وأقاليم ومؤسسات تربوية على اختلاف أنواعها عسى أن يكون ذلك سببا في استرجاع عافيتها ، ومصداقيتها ، ومردوديتها التي عليها تتوقف نهضة هذا الوطن الحبيب الذي يستحق الكثير من الجميع للرد على فيض جميله.
وسوم: العدد 953