تاريخ العمالة للخميني..
الجزء ١
في يونيو 2016، كشفت هيئة الإذاعة البريطانية عن تعاون الثوار الإيرانيين آنذاك، وعلى رأسهم الخميني، سرا مع الحكومة الأمريكية التي كان يصفها بأنها «الشيطان الأكبر»، في سبيل الإطاحة بالشاه السابق. وذكرت الهيئة أن أحد علماء مدينة «قم» كان قيد الإقامة الجبرية قبل انقلاب الخميني، وكان يتواصل مع الحكومة الأمريكية برئاسة جون كيندي، ثم مع إدارة جيمي كارتر، حسب إحدى وثائق المخابرات المركزية الأمريكية.
وجاء في وثيقة المخابرات الأمريكية التي حملت عنوان «الإسلام في إيران»، أن الخميني أرسل خطاباً سريا إلى حكومة كنيدي بعد عدة شهور من اعتقاله عام 1963، مؤكدا فيه أنه “يدعم مصالح أمريكا في إيران”. وجاء في هذه الرسالة أن “روح الله الخميني أوضح أنه لا يعارض مصالح الولايات المتحدة في إيران، بل على العكس، يرى أن حضورها في إيران ضرورة لإيجاد توازن أمام الاتحاد السوفيتي والنفوذ البريطاني المحتمل”، موضحا “معتقداته في ما يتعلق بالتعاون القريب للإسلام مع سائر أديان العالم، وخاصة المسيحية”.
وبحلول يناير عام 1979، كان الخميني يحظى بزخم كبير، لكنه كان يخشى بشدة التدخل الأمريكي في اللحظة الأخيرة، وتكرار انقلاب عام 1953، عندما ساعدت وكالة الاستخبارات المركزية على عودة الشاه إلى السلطة.
وفي 27 يناير عام 1979، أرسل الخميني من منزله في المنفى خارج باريس رسالة سرية أخرى إلى واشنطن، كانت موجهة هذه المرة إلى إدارة كارتر، عرض فيها صفقة سياسية، قائلا “إن القادة العسكريين الإيرانيين يستمعون إليكم، ولكن الشعب الإيراني يتبع أوامري”.
واقترح الخميني، في رسالته، أنه “إذا استخدم الرئيس جيمي كارتر نفوذه على الجيش لتمهيد الطريق لتوليه السلطة مرة أخرى، سيقوم بتهدئة الأمة، وبالتالي استعادة الاستقرار، وحماية مصالح أمريكا في إيران. ونجح كارتر في إقناع شاه إيران بمغادرة البلاد لقضاء «إجازة» في الخارج، تاركًا وراءه رئيس وزراء لا يحظى بشعبية كبيرة وجيشا في حالة من الفوضى، كان عبارة عن قوة من 400 ألف رجل فقط، ما أدى إلى نجاح الانقلاب الذين صوروا أنفسهم على أنهم «أعداء الشيطان الأكبر» في القفز على قمة الحكم في البلاد.
والخلاصة: مازال بعض العرب يعتمد على المعلقات الخطابية للحكام باعتبارهم حكام وطنيين ، فكلما زاد الحاكم بانتقاد امريكا والتهجم على اسرائيل اعتقد البعض ان هذا الحاكم هو المنتظر . متى يفهم البعض ان فن الهجوم على امريكا واسرائيل هو فن مخترع في بلاد الغرب حيث الحكام الغرب يبدون انشراحهم كلما هاجمهم زعيم عميل لهم ، فهم يعتبرون ذلك نجاحاً لسياستهم في بلاد العرب .
الجزء الثاني
ذكرت بالجزء الأول تواصل الخميني واتباعه مع الإدارات الامريكية المتعاقبة منذ ستينات القرن الماضي وتحديداً منذ ولاية الرئيس جون كينيدي . بينما كانت سياسات الحكومات الامريكية المتعاقبة تعمل على تحويل صورة الشاه إلى حد جعلته يبدو كدمية أمريكية عن عمد لتنشيط تيار معاد للشاه يمكن توجيهه مستقبلا للجهةالمطلوبة.فشجعوا على مشروع التغريب في مجتمع بعيد عن هذه الافكار ، مستغلين توجه الشاه باتجاه هذا المشروع التغريبي.
بدأ اسم الخميني يظهر إعلاميا عام ١٩٦٣ بتقوية الجناح الديني وتجار البازار وكان الغرب يرقب تطور التيار اليساري الشيوعي بقيادة حزب تودا والذي انتشر بين الشباب ، فكان على الغرب ان يقارن بين التيار الشيوعي الناهض بقيادة السوفييت وبين تيار ديني لهم خبرة فيه عن طريق تواصلهم مع قياداته منذ الستينات القرن الماضي .الاختيار لم يكن صعباً فكان التوجه لاصحاب التيار الديني بقيادة الخميني ، والذي عجل في تدهور نظام الشاه كانت احتفالات اقامها الشاه عام 1971 في ذكرى مرور 2500 عام على إنشاء الإمبراطورية الفارسية دعي اليها شخصيات اجنبية رفيعة واستغرقت ثلاث أيام مليئة بالتبذير المفرط، قدمت فيها أكثر من طن من الكافيار، وجلب لها 200 طاه من فرنسا لإعداد الولائم. وتشير التقديرات إلى أن المبلغ تراوح ما بين 100 ـ 120 مليون دولار،
كل هذا التهور كان مرصوداً من الغرب ويتم تحت اعينهم ، مما ولد ثورة جياع في دولة نفطية غنية واحدثت فرزاً طبقيا حادا ً استغله التيار الديني واليساري معاً.
في عام 1977 دخل رئيس أمريكى جديد إلى البيت الأبيض وكانت الآمال تحدو جيمى كارتر لتغيير صورة الولايات المتحدة المرتبطة بحرب فيتنام، وتغيير السياسة الخارجية، فأنشأ مكتباً خاصاً لحقوق الإنسان، وجه "مذكرة" إلى الشاه بينت فيها أهمية الحقوق السياسية والحريات. فكانت مدخلا للمعارضة برفع صوتها عالياً ، فأسست في ذلك العام منظمات أصدرت من خلالها رسائل مفتوحة تدين فيها النظام.
في تلك السنة تعرض المفكر التنويري علي شريعتي للتصفية على أيدي الشرطة السرية مما أزال أي منافس محتمل للخميني وحركته، فبدأت المعارضة الدينية المنظمة بقيادة الخميني تنمو في الشارع الإيراني وكما ذكرت سابقا كان ذلك مرغوبا لايقاف التيار اليساري بقيادة حزب تودا الشيوعي.
شعر شاه ايران بالخطر ، فالتقى مع كل من ألفريد أثرتون، ووليام سوليڤان، وسايروس فانس، والرئيس جيمي كارتر ، وزبيگنييڤ بريجنسكي خلال عام 1977 .
أفاد السفير الأمريكى إلى إيران، ويليام سوليفان بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي"أكد للشاه مراراً وتكراراً أن الولايات المتحدة تدعمه بالكامل ". ولكن في الوقت نفسه، قرر بعض المسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية أن الشاه يجب أن يذهب. واستمر بريجنسكي والوزير جيمس شلزنگر، في التعهد للشاه بأن الولايات المتحدة ستسانده عسكرياً. حتى في آخر أيام الثورة، عندما كان الشاه يعتبر هالكاً لامحالة، فهل كان ذلك تكتيكاً متعمداً ؟
بدأ العنف بالشارع يشق طريقه واستمر ليحصد أكثر من 400 إنسان قضوا في حريق سينما ريكس، وهو حريق متعمد وقع في آب / أغسطس في عبدان. ورغم أن دور العرض السينمائية كانت هدفاً مستمراً للمتظاهرين الخمينيين فقد بلغ انعدام ثقة الجماهير بالنظام لدرجة جعلت الجماهر ترى أن السافاك هو وراء الحادث في محاولة منه لتطويق المعارضة رغم ان ذلك لم يثبت فعلياً . وفي اليوم التالي تجمع اكثر من 10.000 من اقارب القتلى والمتعاطفين لتشييع جماعي حاشد ومظاهرة تنادي "ليحترق الشاه و الشاه هو المذنب".
في الجزء الثالث نكمل سيرة مسيرة العمالة للخميني واتباعه.
الجزء الثالث :
كتبت في نهاية الجزء الثاني كيف وصلت التحركات الشعبية ضد نظام الشاه إلى الحالة العلنية وخاصة بعد أن أضاء الرئيس الامريكي كارتر الضوء الاخضر لهذه التحركات تحت ذريعة حقوق الانسان.
ومع حلول أيلول/ سبتمبر 1978، وصلت البلاد الى حالة إضطرابات عنيفة، فتحولت المظاهرات الحاشدة إلى أحداث منتظمة. فرض الشاه الأحكام العرفية، وحظر كل التظاهرات. وفي يوم الجمعة، 8 أيلول/ سبتمبر 1978، خرجت مظاهرة حاشدة للغاية في طهران، إنها المظاهرة التي حولت ذلك اليوم إلى ما بات يعرف باسم يوم الجمعة الأسود.وفي تشرين الاول / اكتوبر من نفس العام ادى إضراب عام إلى شل الاقتصاد والصناعات الحيوية التي أغلقت أبوابها و"حسمت مصير الشاه".
بلغت الاحتجاجات ذروتها في كانون الاول / ديسمبر 1978 ، خلال شهر محرم أحد أهم الشهور لدى الشيعة. وفي 12 كانون الأول / ديسمبر خرج إلى شوارع طهران نحو مليوني شخص ملأوا ساحة أزادي (شاهياد) مطالبين بإزالة الشاه وعودة الخميني،ولعل أكثر الفترات التي حرّض فيها الخميني أتباعه في إيران للقيام بالثورة، هي الفترة التي قضاها في النجف في العراق من عام 1965 إلى عام 1978.
13 عاما قضاها خميني في العراق تحت حكم القوميين، منها 10 سنوات كان فيها الرئيس صدام حسين نائبا للرئيس، ومسؤولا عن أكثر الملفات الحساسة أمنيا، ومنها إشرافه المباشر على وجود الخميني كلاجئ لسنوات، إلى أن تم طرده من العراق في عام 1978، أي قبل عام واحد فقط من انتصار حركة الخميني.فقد استضاف العراق الخميني لثلاثة عشر عاماً سمح له خلالها بالتحريض ضد الشاه، ونشر دعوته في إيران، من خلال أشرطة الكاسيت التي كانت تصدر من النجف،فاصطفت الادارة العراقية لجانبه ضد باقي مرجعيات النجف ، الذين عادوه بسبب علاقته بالحكومة العراقية ونعتوه بالجاسوس.
ويبدو أن النظام العراقي لم يتوقع قوة المعارضة الايرانية وحجمها. فقبل عام واحد من تسلم الخميني السلطة، قطع صدام علاقته به وطرده وحوله لعدو، إرضاءاً للشاه.
هل اخطأ الرئيس صدام حسين بتصرفه طرد الخميني من العراق ؟
السؤال يحتمل إجابتين :
الاولى : قد يكون تصرفه خاطئاً فقد صبر عليه ثلاثة عشر سنة ولو صبر علية سنة اخرى ، لكانت عودة الخميني لإيران من العراق خطوة تخفف الكثير من العداوة مع هذا النظام .
ولكن .
النظام العراقي ادرى بما يحمل هؤلاء الخمينيين
من سياسة النفاق ، ونكران الجميل وهي جزء من معتقدهم ، وخاصة بعد أن عرف الرئيس العراقي أن إتصالات سرية تجري بين الأمريكان من جهة وبين السوفييت من جهة أخرى لارضائهم بالتخلي عن اليساريين وحزب تودا الشيوعي لقاء احتلالهم افغانستان ، فوافق السوفييت على عرض الأمريكان والذي أودى بالنهاية بهم فخرجوا من افغانستان مهزومين وانتهى السوفييت كامبراطورية .
خرج الخميني لباريس ملجأه الآمن ، واستقبل هناك استقبالاً متميزاً ، فتم تأمين مكان إقامته وحراسته حيث بقي عاماً واحداً، بعد أن رفضت الكويت دخوله قادما من العراق، فرأى أنصاره في فرنسا خياراً مناسباً، بسبب أن الإيرانيين حينها لا يحتاجون إلى فيزا لدخول فرنسا، ومنح مع المقربين له حق اللجوء السياسي.
لقي الخميني خلالها كل الدعم من توصيل الكاسيتات عن طريق الخطوط الجوية الفرنسية وفيها توجيهاته لانصاره . وبعد أن قضى عاماً واحداً، نضجت ثورته وعاد قافلاً لبلاده بانتظار أنصاره من المعممين و تجار البازار الأثرياء أيضا، الذين لعبوا دورا محوريا في دعم حركته والمظاهرات المعارضة لحكم الشاه، ولم يتوقف دعمهم لتحركاته، حتى اللحظة التي وطأت فيها قدماه أرض مطار طهران، اذ أن تجار البازار الإيراني تكفلوا حينها بدفع تكاليف طائرة الخميني وحجزها بالكامل من الخطوط الجوية الفرنسية، بل دفعوا مبالغ كبيرة لتأمين الطائرة.
الجزءالرابع سأكتب عن عودة الخميني لايران ..
الجزء الرابع :
أنهيت الجزء الثالث والخميني مع بعض مريديه رحلوا إلى باريس وأقاموا تحت حماية المخابرات الفرنسية والامريكيه ، في الوقت الذي كانت فيه الثورة داخل إيران قد إقتربت من النضوج .
وسرعان ما تحول مقر إقامة الخميني في نوفل لو شاتو إلى خلية لإدارة الانقلاب ضد الشاه.
كان تأثير أشرطة التسجيل التي يرسلها الخميني إلى الداخل الإيراني واسعاً ، وكان يستقبلها الايرانيون بالداخل عن طريق الخطوط الجوية الفرنسية.
السوفييت إحتلوا افغانستان ، فكان لابد من الولايات المتحدة الإعتماد على دعم أي توجه إسلامي لتكون عناصره كبش الفداء في قتال السوفييت، ويمكن أن نتلمس اثر ذلك في قرارات إدارة كارتر بخصوص التخلي عن الشاه لتركيب تحالف من الشعوب الأفغانية – الايرانية - الخليجية لمنع موسكو من تثبيت أقدامها في أفغانستان.
إذن ، كان وجود إيران خمينية ضروري لأمريكا لانهاء حلفاء السوفييت فيها من حزب تودا القوي وحلفائهم اليساريين.
حصلت بين الإدارة الأمريكية وبين معسكر خميني عدة جلسات لبحث آخر التطورات، حيث بينت محاضر الجلسات بينهما إلى أن معسكر الخميني يخشى وقوع إنقلاب عسكري بعد تسليم الشاه مسؤولية رئاسة الوزراء للاصلاحي شهبور بختيار والالتفاف على حركته ، الا أن الخميني إطمأن إلى أن إدارة كارتر لم تكن تشجع الجيش على الاستيلاء على السلطة .كما ان معسكر الخميني أقتنع ايضاً من أن الرئيس كارتر وصل لقناعة من أن الشاه حاكم "استبدادي"، وعليه أن يغادر إيران. وبالمقابل فقد أكد الخميني للرئيس كارتر بان يكون صديقاً مخلصاً موضحاً في رسالته له“سترون أننا لسنا في أي عداء معكم”.
جاءت رسالة الخميني ضمن وثائق رفعت عنها واشنطن السرية وتدل على حوار أميركي مع الخميني نتيجة لمحادثات مباشرة جرت لمدة أسبوعين بين رئيس أركان الخميني وممثل للحكومة الأميركية في فرنسا.
وتكشف الوثائق أنه بعد مغادرة الشاه أخبرت واشنطن مبعوث الخميني أن “الولايات المتحدة مع فكرة تغيير الدستور الإيراني، وإلغاء النظام الملكي، وأن القادة العسكريين الإيرانيين سيجدون مرونة بشأن مستقبلهم”. وتشير الوثائق إلى أن “الخميني يعتقد أن وجود الأميركيين في إيران أمر مهم للغاية وذلك لمواجهة النفوذ السوفييتي والبريطاني”.
ووصل الأمر بتكتيك خميني أن يبعث بتاريخ 5 كانون الثاني / يناير 1979 برسالة مطمئنة إلى واشنطن، تنص على أنه “يجب ألا تكون هناك أي مخاوف على النفط، وليس صحيحاً أننا لن نبيعه إلى الولايات المتحدة”، وسيستمر تدفق النفط بعد قيام الجمهورية الإسلامية إلى امريكا ،مضيفا: “إيران بحاجة إلى مساعدة الآخرين، لا سيما الأميركيين لتطوير البلاد”.
شعر شاه إيران أن الماء تجري من تحته فحاول امتصاص ردود الأفعال بقدر مايستطيع ، محاولاً في شهر كانون الثاني / يناير 1979 احتواء ثورة الخميني داخل إيران، فعين شهبور بختيار رئيساً للوزراء، وأثناء توليه منصبه الجديد حاول أن يقوم ببعض الإصلاحات الداخلية ففكك "السافاك" (الشرطة السرية) وأطلق سراح المعتقلين السياسيين وأعطى ترخيصا للعديد من الصحف المعارضة.
لكن كل تلك الجهود ذهبت أدراج الرياح بعد عودة الخميني من منفاه في فرنسا .
ففي 1 شباط / فبراير 1979،غادر الخميني مع مريديه المقربين فرنسا عبر الخطوط الجوية الفرنسية وبحراسة المخابرات الفرنسية بعد أن أثمرت المحادثات مع الجانب الأمريكي إلى اتفاقات سرية بينهما ، ووصل طهران وسط حشد مليوني من قارعي الصدور بانتظاره .
أصبح الخميني بالنسبة لأتباعه شخصاً "شبه مقدس"، وأوضح الخميني في كلمة القاها في يوم وصوله رفضه لرئيس الوزراء شهبور بختيار قائلا: "سوف أحطم أسنانهم لقلعها" فانهارت حكومة بختيار بسرعة في نفس يوم وصول الخميني لطهران، فاختفى بختيار عن الأنظار إلى أن استطاع الفرار إلى فرنسا في نيسان / أبريل من العام نفسه، وهناك أسس حركة المقاومة الوطنية في المنفى.
نجا بختيار من محاولتين لاغتياله، لكنه قتل في الثالثة، حيث وجد مقتولا بعدة طعنات في الصدر في بيته بباريس عام 1991 برفقة سكرتيره الخاص من قبل ثلاثة أشخاص كما قتل أحد جيرانه ورجل شرطة ذبحا بسكين، ولم تكتشف وفاته إلا بعد مرور 36 ساعة واتهم أطراف من الحرس الثوري الإيراني بجريمة الاغتيال. فر إثنان من القتلة إلى إيران، في حين أعتقل الثالث "علي وكيلي راد" في سويسرا وسلم إلى فرنسا برفقة "زيال سارهادي" وهو قريب للرئيس الإيراني آنذاك هاشمي رفسنجاني وتمت محاكمة علي وكيلي راد وحكم عليه بالسجن المؤبد في 1994.
بعد هروب بختيار، عين الخميني منافسه مهدي باذرگان مؤقتاً رئيساً للوزراء، وقال: "بما أنني قد عينته، فيجب أن يطاع". واعتبرها "حكومة الله في ارضه" وحذر من عصيانها، فأي عصيان لها "عصيان لله". فيما راحت حركة الخميني تكتسب مزيداً من الزخم، بدأ الجنود بالانضواء إلى جانبه. ولكن هذا لم يمنع من اندلاع قتال بين الجنود الموالين والمعارضين، فأعلن الخميني "الجهاد" على الجنود الذين لم يسلموا أنفسهم. وفي 11 شباط / فبراير أعلن المجلس العسكري الأعلى نفسه محايداً في النزاعات السياسية الراهنة لمنع المزيد من الفوضى وإراقة الدماء.
بدأ الخميني على الفور بالتخطيط للالتفاف على حلفائه المقربين لينفرد في قيادة إيران حيث توفي بعضهم في ظروف غامضة، وقتل البعض الآخر في السنوات اللاحقة. فنفذ بذلك القول الماثور : (الثورة كالقطط تأكل ابناءها) ، وهذا ينطبق على كل الانقلابيين العسكريين في بلادنا ، فانقلاب مصر عام 1952 بقيادة عبد الناصر قضت على اللواء محمد نجيب وداعميه من الإصلاحيين الديموقراطيين ليستمر حكم الفرد ، وكذلك فعل القذافي، والانقلابيون البعثيون عام 1963 في سوريا عندما غدروا بالناصريين شركاءهم بالانقلاب ثم انهى حافظ اسد رفاقه ايضاً بانقلاب عام 1970. فتفكير الديكتاتوريين واحد والهدف هو الاستفراد بالسلطة، وهذا امر مرغوب فيه لدى الولايات المتحدة ، فباتصال هاتفي يمكن حل أعقد الامور مع الديكتاتور دون حاجة لمجلس تشريعي منتخب بطريقة ديموقراطية .
فتم تصفية معظم من رافقوا آية الله الخميني في الطائرة التي أعادته إلى إيران في الأول من فبراير/ شباط 1979 وباتوا ضحايا للتطورات السياسية بعد الثورة. ومنهم
1- مرتضى مطهري: أحد منظري الثورة وأحد مؤسسي مجلس شورى الثورة الإسلامية أغتيل في الأول من ايار / مايو 1979 في طهران.
2- حسن لاهوتي أشكوري : الحليف المقرب من آية الله الخميني، بيد أنه بعد الثورة مباشرة بات أقرب إلى الرئيس الإيراني أبو الحسن بني صدر، . وبعد سنتين من الثورة اقتيد أشكوري إلى السجن وتوفي هناك بعد أيام. وتقول عائلته أنه قد سُمم.
3- صادق قطب زاده: وزير خارجية إيران بعد الثورة حتى اب / أغسطس1980. وقد أعدم في أيلول/ سبتمبر1982، بعد اتهامه بالتآمر لاغتيال آية الله الخميني والإطاحة بالجمهورية الإسلامية.
4- صادق طباطبائي: تولى عددا من المناصب الحكومية بعد الثورة من بينها نائب رئيس الوزراء في حكومة مهدي بزركان، بيد أنه أبعد نفسه عن السياسة لاحقا. توفي بسرطان الرئة في ألمانيا
5- ابو الحسن بني صدر وكان على متن الطائرة، المتوجهة من باريس إلى طهران عام 1979والتي كانت تقل لاحقا آية الله خميني، وفي العام التالي أصبح بني صدر أول رئيس منتخب للجمهورية الإسلامية الإيرانية. لكنه اضطر في وقت لاحق إلى الهروب من إيران، وهو يعيش اليوم في المنفى في فرنسا.
اما عن المحاكمات الصورية فحدث عنها ولاحرج والتي ذهب ضحيتها عشرات الالاف من المعارضين، فقد تم تعيين إبراهيم رئيسي رئيس ايران الحالي بمنصب مدعياً عاماً في مدينة كرج قرب طهران، وهو لما يزل في العشرين من العمر.
ثم امضى قرابة ثلاثة عقود في هيكلية السلطة القضائية لإيران، متنقلاً بين مناصب عدة، منها مدعي عام طهران بين 1989 و1994، ومعاون رئيس السلطة القضائية اعتباراً من 2004 حتى 2014 حين تم تعيينه مدعياً عاماً للبلاد.
وفي عام 2019 تم تعيينه على رأس السلطة القضائية، أحد الأركان الأساسية للنظام السياسي فكان بمثابة جلاد المعارضة طيلة اربعين عاماً .
في الجزئين الخامس والسادس الاخير سأكتب عن رفض الولايات المتحدة منح الشاه حتى إقامة مؤقتة في الولايات المتحدة رغم مرضه بالسرطان وحاجته لعناية طبية عاجلة ، وكذلك سأتناول موضوع حجز الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية كنوع من السياسة المعروفة ب( سياسة الايذاء الذاتي لتحقيق مكاسب افضل ) وسأضرب امثلة على هذه السياسة. كما سأتطرق لحروب إحتلال العراق وتسليمه لإيران عربون الاخلاص المتبادل مع الغرب ، لاصل الى مؤامرة الرئيس أوباما النووية وإغماض عينيه عن استفزاز دول الخليج، للجوء هذه الدول لحضن اسرائيل وهذا كان أحد مكاسب إسرائيل الرئيسية ، هذا الاستفزاز الذي رفضه الشاه في حينه ، وكان أحد أسباب التخلي عنه. ثم التمدد غرباً للسيطرة على المشرق العربي .واختم بالمعارضة الايرانية بقيادة السيدة مريم رجوي .
وسوم: العدد 963