هل ستفكر مستقبلا الدول الضعيفة الرابطة مصيرها بالدول القوية في اعتماد سياسة حياد ناجعة
هل ستفكر مستقبلا الدول الضعيفة الرابطة مصيرها بالدول القوية في اعتماد سياسة حياد ناجعة تجنبها الخلاص من هذا الارتباط ومن آثاره السلبية ؟؟؟
ما كادت الحرب تندلع في أوكرانيا ، وهي حرب ساخنة بالنيابة عن أخرى باردة بين قوى عظمى متصارعة بسبب مصالحها التي هي في نهاية المطاف مادية محضة حتى بدأ الحديث عن احتمال وقوع مجاعة في القارة السمراء الغنية بثرواتها ومقدراتها المسلوبة من طرف القارة العجوز وغيرها ، و التي أفقرت شعوبها البائسة ،ذلك لأن الأنظمة الحاكمة في دولها رهنت بلدانها لدى الدول الغربية التي استباحت خيراتها ومقدراتها مقابل السماح لحكامها بالحفاظ على كراسيهم ، مع التحكم في شعوبهم بقبضة حديدية .
ولو أن تلك الأنظمة المستبدة تصالحت مع شعوبها ، وحكمتها عن طيب خاطر منها ، وأحسنت قيادتها وساستها بعدل ورفق ، وأحسنت التخطيط ، والتدبير لنأت بنفسها عن تبعية مذلة مخزية لأنظمة غربية طاغية تقيد إرادتها ، وتساومها بالبقاء في السلطة فوق كراسي أشبه ما تكون بمقاعد قيادة الطائرات الطائرة عند حدوث انفجار . ومع أن الأنظمة الغربية نكبت العديد قادة القارة السمراء بعدما استغلتهم شر استغلال حتى إذا ما ألب ذلك عليهم شعوبهم تخلت عنهم ولكن الكثير منهم لا زالوا مع الأسف يثقون فيها ، ويعولون عليها بالرغم أن منكوب مصر المعزول والهالك حسني مبارك لهم ترك مقولة تجري مجرى المثل " المكسو بالأمريكان عريان " فلو أنهم ألقوا إليها بالا ، وتدبروها جيدا لما أسلسوا قيادهم لمن لا يجيرهم إذا داهمهم الخطب ، وزلت بهم أقدامهم .
فكيف تعول بلدان القارة السمراء على قمح وذرة روسيا وأوكرانيا أو قمح وذرة غيرهما ، وفيها ما يكفيها شر ذل الاستيراد بالعملة الصعبة ؟ وكيف تعول على وقودهما ووقود غيرهما ووقودها متدفق ؟ و قد يستمر السؤال بأداة الاستفهام كيف التي تعقبها أجوبة فيها تعداد ما تزخر به من خيرات ومقدرات ، وهو ما يحز في النفس حين تستعرض هذه الأخيرة ،مقابل استعراض حالات الفقر، والجوع ،والمرض ، ومعاناة أبنائها السمر الذين يعدهم الغرب العنصري دون أبنائه الشقر الزرقاء عيونهم آدمية . وعلى تصرف هذا الغرب مع أبناء القارة السمراء يصدق المثل القائل " يأكل التمر ويرميني بالنوى " .
إن أنظمة القارة العجوز لا زالت تحتل بلدان القارة السمراء احتلالا أسوأ من الاحتلال العسكري ، وهو عبارة عن وصاية قوامها الحجر على ثرواتها ومقدراتها .وإذا كان زعماء القارة العجوز اليوم يشدون أيديهم على قلوبهم مخافة منع الدب الروسي المارق عنهم الطاقة والحبوب ،فكيف سيكون حال من يحتمون بهم من زعماء القارة السمراء ؟
أليس من الحكمة وسداد الرأي وحسن التدبير بالنسبة لقادة القارة السمراء بعد هذه الحرب العبثية في عقر دار القارة العجوز أن يفكروا بجد في الخروج من دائرة التبعية لزعماء الغرب الذين يأخذون ولا تعطون ، أو تأخذون أضعاف ما يعطون أو بتعبير أدق يسرقون ويبيعون المسروق بأضعاف مضاعفة .
ولن يقر قرار بلدان القارة السمراء إلا باكتفائها الذاتي من الطعام والوقود مستغنية عن طعام ووقود دول مقامرة ومغامرة بمصيرها وناهبة لخيراتها ومقدراتها. ألا يجدر بأنظمة القارة السمراء التي تدوس على رقاب شعوبها بعنف ودون رحمة أن تعانقها ،وتحسن معاملتها ، وتحتمي بها ، ونعم الحماية والاحتماء ، وتضع حدا للصراعات العابثة فيما بينها ، وهي صراعات تقدح زنادها أنظمة القارة العجوز الشيطانية لتسويق أسلحتها وتجريبها في الإنسان الإفريقي والعربي ؟
وأخيرا نقول إذا لم تستفد أنظمة القارة السمراء من درس حرب أوكرانيا ،وتتخلى عن سياسة التبعية والخضوع والخنوع لمن يستغلونها من قادة الغرب ،فإنها ستكون أول هالك ، وبئس المصير .
وسوم: العدد 972